فساد “خفيف الظل”..!!..بقلم: ناظم عيد

 

لم يعد من مجاهيل تعتري أفق عمل وزارات ومؤسسات الدولة، بعد التوطئة المكثّفة التي جرى تحضيرها بعناية في رئاسة الحكومة عبر حزمة غير قليلة من الإجراءات والقرارات ذات البعد الاستدراكي في معظمها.

والواضح أننا أمسينا أمام “خارطة طريق” واضحة المعالم ليست بحاجة لاجتهادات على مستوى الوزارات، ولا لإضافات من هواة الاستعراض في دوائر الضوء، وإن حصل تكون اللمسات مجرّد “لغبصات” للهروب من لائحة مهام هي في الواقع ليست باليسيرة، بل صعبة نوعاً ما، لا تقبل إضاعة الوقت في التجريب ومزاعم الابتكار على طريقة “وجدتها”..

من هنا نعتقد أن المساءلة العلنية تغدو واجبة وملحّة لكل من يلوذ باللجان، وما يسمى “فرق العمل الخاصة” ومرادفات بغيضة أخرى، للقيام بمهام هي من صلب عمل الوزارة – وقد بدأت بوادر اللجوء إلى مثل هذا الخيار المرتكس في بعض الوزارات – ففي ذلك اختصارٌ تعسفيٌ لطيفٍ طويل عريض من الكوادر، واعتراف غير مباشر بخلل ما في الهيكلية أو في توزيع المهام، وهذا واقع خطير لا يبشّر بأن من سارعوا إلى مثل هذه الخيارات سيكونون على قدرٍ من الإنجاز الذي يقتضيه الظرف وخصوصيته، أو على الأقل ما يقتضيه البيان الحكومي ذاته الذي لم يجف حبره بعد.

فعلى الأرجح لا يحتاج البيان الحكومي للجان قطاعية على مستوى الوزارات، للإمعان في التفسيرات، والمناورة على المهام الأساسية، والالتفاف والدوران والخروج بعد أشهر بخلاصات مثيرة للغضب، تجتر بجرأة ما انطوت عليه عشرات التقارير السابقة منحدرة من لجان مماثلة، وربما ضمّت ذات الأشخاص الذين أعادوا “اختراع البارود” وبشّروا بقائمة مطاليب وتشخيصات مسبوقة مرات ومرات، تنتهي عندها حدود ادعاء الاستجابة –السريعة– لمقتضيات أداء أملاها البيان الجديد، وهذا إبراء للذمم مقصود لذاته، وتنصّل من المسؤوليات الحقيقية، وتجسيد لوصمة فكر ذرائعي تسويغي تغلّف أداء من يأبون مغادرة حالة الاسترخاء، التي لم تتكفل كل تجليات الحرب على سورية بإيقاظهم منها، وهذا ليس ظناً بل حقيقة يدركها جيداً كل من يقترب من واقع العمل أو حتى يتابع النتائج؟!!..

لقد بلورت رئاسة الحكومة ست مجموعات عمل متخصصة، وأعلنت عنها في أول اجتماع لها، وهذه كانت سابقة في الابتعاد عن بروتوكولات التعارف والترحيب والتمنيات، وهي مجموعات لكل الوزارات وذات مهام شمولية واستراتيجية لا يجوز أن يفكر أحد باستنساخها وتقزيمها في مجرد وزارة أو مؤسسة.

كما تمّت بلورة مجلس استشاري على مستوى الحكومة، يجب أن يمنع محاولات تجريب “مصغرات” عنه في الوزارات، لأننا في غنى عن ذلك، ولا نعتقد أن لدى وزاراتنا الوقت للغرق في الدراسات والاستشارات، ثم لا شيء معقّد إلى الحد الذي يملي مراكمة أرتال المستشارين، بما أن المهام واضحة، والوزارات بكوادرها موجودة لتنفيذ برنامج حظي بالموافقة أمام مجلس الشعب.

ولعلنا لن نكون غير موضوعيين لو زعمنا أن الشيء الوحيد المقبول أن يرشح عن وزارات ومؤسسات الدولة، هو ما يتعلق بخطوات ملموسة باتجاه تنفيذ مضامين البيان الحكومي، أي بالأرقام والمعطيات الواقعية خارج غرف توثيق النيات والتسويف حيث تكون ذروة الإنجاز اجتماعاً أو خطة عمل لا تتعدى الورقيات التي احتضنتها.

الآن نحن بانتظار نتائج لا مقدّمات، وإن كان من المبكر أن يبادر الإعلام للتحري عمّا فعلته كل وزارة بما يخصها من لائحة المهام الجديدة، نعتقد أن مثل هذا البحث لن يتأخّر ويجب ألا يتأخّر، فهدر الوقت لا يقل خطورة عن الفساد لأن النتائج متشابهة حتى التطابق.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]