الخبير السوري:
في الملفّ السوري تحديداً، والذي تتضاءل أهمّيته النسبية بالمقارنة مع بقية الملفات الساخنة، وباستثناء استدعاء بايدن لطاقم من الصقور لقيادة الحكومة الأميركية في الفترة المقبلة، ليست هناك أيّ إشارات واضحة إلى الآن حول تبلور تصوّر متماسك في شأن التعامل مع الحالة السورية خلال الفترة المقبلة، لا على المستوى القصير ولا حتى المتوسّط. ومن المرجّح، لذلك، أن تستغرق إعادة التموضع الأميركي تجاه دمشق بعضاً من الوقت، قد يمتدّ إلى الصيف المقبل، ولا سيّما أن «سوريا» ملفّ معقّد، يرتبط عضوياً وعملياتيّاً بنتائج التقدّم في ملفات أخرى، على رأسها التسلّح الإيراني، وتمدّد الهيمنة العبرية على الجزء العربي من الشرق الأوسط، ناهيك بتوابع الاحتكاك الفرنسي – التركي (عضوَي الناتو) شرق المتوسط.
لكن أيّاً يكن، فإن ثمّة شبحاً يحوم حول سوريا، مستبقاً أيّ صياغات ممكنة لسياسات فريق بايدن في شأنها. إنه باراك أوباما، وظِلّ حربه الطويلة التي أنهكت البلاد، من دون أن تنجح طوال عقد كامل لا في إسقاط النظام، ولا في ثنيه عن تحالفاته السياسية والاستراتيجية، بل ومنحت روسيا وإيران فضاءً للتمركز عسكرياً واقتصادياً في قلب منطقة لطالما عدّها الأميركي ساحة نفوذ حصرية له. ولا شكّ في أن الفريق الجديد، الذي يغلب أن يقوده في وزارة الخارجية أنتوني بلينكن، خَلَفاً للجمهوري مايك بومبيو، سيجد نفسه مضطرّاً، إن عاجلاً أو آجلاً، وفي ظلّ انعدام فرص الديمقراطيين لتطوير حلول «خلّاقة» تجاه سوريا، أقلّه بصفة عاجلة، إلى الانطلاق من سياسات أوباما تحديداً، سواءً للبحث عن أفق لسياسة متباينة مع مراوحة الجمهوريين مكانهم من دون تغيير يُذكر، أو لتبنّي منهج لتنظيف التركة المعقّدة والفاشلة بحسب كثيرين في واشنطن، والتي لن يسهل المضيّ قدماً في توجّه جديد من دون إزالة آثارها ومخلّفاتها في المنطقة، بدءاً من التواجد العسكري الأميركي المباشر في مناطق النفوذ الكردي وحول التنف على الحدود مع العراق، مروراً بأزمة اللاجئين السوريين التي تفاقمت ولا يبدو أنها في وارد الحلّ قريباً، وصولاً إلى الوجود المتزايد للإيراني داخل الإقليم الحيوي للكيان العبري، وإمكان إنهاء الحالة الشاذّة في إقليم إدلب عبر تفاهم روسي – تركي، وفوق ذلك كلّه بقاء الكتلة الصلبة للنظام السوري متماسكة ومسيطرة على الأمور.
لن تكون هناك تحوّلات جذرية لتغيير الوضع القائم سوريّاً خلال السنوات القادمة
التعليقات مغلقة.