يوم عاصف

معد عيسى

ذات يومٍ عاصف في النروج استطاعت الأبراج الريحية المنتشرة على طول البلاد أن تغذي كامل حاجة البلاد بالطاقة الكهربائية

علماً أن النروج تعتبر من أكبر منتجي النفط في أوروبا وهذا يقود إلى وجود التخطيط المتكامل لمصادر الطاقة.‏

يغيب التخطيط المتكامل لمصادر الطاقة عن البرامج الحكومية والاستراتيجيات المتكاملة ويرتبط بشكل كبير بالاعتمادات السنوية المخصصة في الموازنة لكل قطاع وفق اولويات مرحلية لهذا القطاع وكثيراً ما يرتبط بمزاجيات ورؤية الأشخاص وهو ما نلمسه مع تغيير الإدارات، فالإدارات القادمة تنسف الكثير من خطط الإدارات السابقة وتعيد رسم المشهد من جديد، وتخطي هذه الحالة لا يمكن أن يحصل إلا بوجود شركة تخطيط تعمل على التخطيط المتكامل وفق خطط استراتيجية لأن الفرق كبير بين الاستراتيجي والمتكامل ولا يمكن أن نصل إلى المتكامل إلا بحل التشابكات بين كافة الجهات لنقوم بعدها برسم استراتيجية شاملة.‏

بالتخطيط المتكامل نلغي عقلية أنا أريد تسيير أمور وزارتي، ونلغي عقلية الإلغاء لخطط السابقين ويمكن أن نصل إلى نتائج عامة على مستوى البلد لا على مستوى وزارة واحدة، فمع الحديث عن إعادة الإعمار ما الذي يمنع مثلاً من منح تسهيلات كبيرة للترخيص لمقالع الحجر، تسهيلات بإلغاء الرسوم على المناشر وكل ما تحتاجه من تجهيزات وهو ما يقود إلى إعادة الاعتماد على الحجر في البناء والإكساء الأمر الذي يوفر الكثير من استهلاك الطاقة، لأن العزل الذي يوفره الحجر يقلل من استخدام الطاقة للتكييف سواء الساخن أم البارد عدا عن أن ذلك يعطي هوية بصرية للأبنية والمدن كأن تُعطُي الحجار السود الهويةَ البصرية لمدن حمص والسويداء والحجر الأبيض لحلب والقرميد للساحل.‏

منذ العام 2007 يجري الحديث عن عنفة ريحية في حمص وحتى اليوم تخلو سورية من العنفات الريحية، منذ سنوات تم إقرار أسعار تشجيعية للطاقات المتجددة التي يمكن ان ينتجها القطاع الخاص ولكن لم يستثمر أحد لا في الطاقات الشمسية ولا الريحية ولا تكرير النفايات لأن الأمر معقد، مرة يرتبط بالبيئة، وأخرى بالزراعة، وثالثة بالمخططات التنظيمية، ورابعة بالتمويل ومنح القروض، وخامسة بعدم وجود رؤية واضحة بالجدوى وغير ذلك من الأسباب.‏

إصلاح الاقتصاد ينطلق من إصلاح قطاع الطاقة بكل مفرداته وبقناعة الجميع بذلك، ولا يمكن أن يتم بمبادرة من هنا وأخرى من هناك، ولا يمكن أن يتم إلا بالتخطيط المتكامل للمصادر والعمل وفق خطط متكاملة لكل القطاعات تزيل التشابكات والتداخلات.‏

نتغنى بالشمس وهوى الوديان، ولكن مع استسلامنا للارتجالات والقرارات الشخصية والمتفردة والإلغاء كوت الشمس أجسادنا واقتلع الهواء كل شيء وبعد أن زرعنا الريح حصدنا العاصفة ولم نحصد الطاقة كما فعل غيرنا.‏

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]