القاعدة السبعينية الاقتصادية وسورية المستقبل

 

أ.د: حيان أحمد سلمان

تتوقف مواجهـــــة تحديات المستقبل على 3 عوامل أساسية هي: ( توصيف الواقع ومعرفة نقطة الانطلاق – تحديد الأهداف المطلوبة في الأمد القصير والمتوسط والطويل الأجل – وضع رؤية مستقبلية لتنفيذ الأهداف المنشودة بأقل تكلفة وزمن وأحسن نوعية), وانطلاقاً من هذا يشبه بعض الاقتصاديين المسيرة التنموية كقيادة السيارة, وقيادتها الآمنة للوصول إلى الهدف المنشود  تتطلب أولا معرفة مدى جاهزية السيارة الفنية ومن ثم تحديد الهدف المنشود ولاحقاً تحديد آلية الوصول للهدف بما ينسجم مع  أقصر طريق وزمن وتكلفة, وهنا إذا أردنا أن نحسب الزمن للوصول للهدف, فإننا نستخدم المعادلة التالية (الزمن = المسافة ÷ السرعة), ولكن هذا المبدأ الفيزيائي لاينطبق على المؤشرات الاقتصادية, لأن عالم الاقتصاد متداخل مع بعضه, ويعتمد على ديناميكية وتفاعل الأسباب والنتائج مع بعضها, وقد تتحول نتيجة ما إلى سبب في مرحلة لاحقة والعكس صحيح, ومن هنا نرى ضرورة استخدام القاعدة السبعينية أي قاعدة 70  للتخطيط لإعادة الإعمار والبناء في سورية وتنفيذها, وجوهر هذه القاعدة يتجسد في اعتماد التقدير التقريبي  للفترة الزمنية اللازمة لمضاعفة مؤشر ما من المؤشرات الاقتصادية الذي ينمو بمعدلات ثابتة مثل تضاعف عدد السكان أو قيمة الناتج المحلي الإجمالي…الخ, وكتطبيق عملي على ذلك ومن واقع اقتصادنا أنه إذا افترضنا أن معدل النمو الاقتصادي ينمو سنوياً بمعدل 6%, فإن هذا يعني أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي ستتضاعف خلال فترة قدرها (70÷7= 10 سنوات), ويمكن استخدام هذه القاعدة أيضاً عند وضع رؤية اقتصادية لمعرفة متى يتضاعف عدد السكان مثلاً, فواقعياً, معدل النمو السكاني في سورية بحدود 3% وتالياً فإن سورية سيتضاعف عدد سكانها خلال فترة زمنية هي (70÷3= 23,3سنة), وعلى صعيد الاقتصاد الجزئي يمكن تطبيقها أيضا, وكمثال على ذلك, يؤكد أهمية وضع المدخرات الشخصية في البنوك السورية, لأنه إذا وضع مبلغ معين في البنك لاستثماره بمعدل فائدة قدرها 7% سنوياً, فإن المبلغ سيتضاعف خلال فترة قدرها (70÷7= 10 سنوات), والسبب أن الفائدة الناجمة عن الفائدة في السنة الأولى ستدخل ضمن المبلغ المودع سابقاً وستدر فائدة جديدة للسنة القادمة, أي إن الفائدة القديمة ستعطي فائدة جديدة, والفائدة الجديدة ستدر فائدة أخرى وهكذا دواليك, وهكذا يجب أن نتعامل مع المؤشرات الاقتصادية السورية للمرحلة القادمة, ولاسيما أننا في ظرف غير عادي يرتب علينا ضرورة اتخاذ إجراءات غير عادية ومنها إيجاد نهج اقتصادي جديد قد يكون خارج الأطر الاقتصادية السابقة المعروفة, ولكن جوهره جملة واحدة هي زيادة المردودية والإنتاجية, وتسخير كل الإمكانات والموارد المتاحة لبناء سورية بعد التدمير والتخريب اللذين تعرضت لهما من قبل عصابات إجرامية, وهذه العصابات عدوها الأول والأساس هو الفكر والعلم والتحليل العلمي وبالدرجة الأولى الفكر الاقتصادي, هذا الفكر الذي يعدّ مفتاح العلوم, خاصة أن القوة الاقتصادية هي الأساس المادي لكل أنواع القوى الأخرى مثل القوة السياسية والعسكرية والفنية وغيرها, وهنا تظهر أهمية تحديد جوهر ومضمون المصطلحات الاقتصادية وبما يساعدنا في تنفيذ الأهداف المتوخاة بأعلى سرعة وأقصر زمن وأحسن نوعية.

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]