قراءات رحيل غيوم الأزمة السورية بتوقيع أصحاب البزنس الخارجي..عودة الشريك الأجنبي المنتج لأدوات الطاقة المتجددة

 

الخبير السوري:

ظلت الطاقات المتجددة تدور في فلك التنظير، من دون التمكن من ترجمة نتائج فعلية إلا على نطاق محدود رغم كثرة الملتقيات والمؤتمرات المتمحورة حول هذا الموضوع المهم الذي يوفر على الدولة ملايين الليرات في حال توسيع نطاقه وتعميمه، ما يقلل من توليد الكهرباء بالطرق التقليدية تدريجياً، وقد يكون ذلك حلماً صعب التحقيق حالياً، لكن السير نحوه بدأ منذ سنوات عبر إقامة معمل متخصص بتصنيع الألواح الكهروضوئية المعروف بشركة «سولاريك»، التي توقفت عن الإنتاج بسبب تداعيات الحرب بعد إقلاعها بداية عام 2011، لكونها تقع في منطقة القابون، التي كانت منطقة ساخنة، قبل أن يحررها الجيش العربي السوري، لتعود إلى العمل مجدداً بالاعتماد على خبرات محلية بالمطلق، بشكل يمهد الطريق نحو إبصار الطاقات المتجددة النور ولاسيما في ظل إنشاء محطة خاصة بالطاقة الكهروضوئية في الكسوة، حيث ستقوم هذه الشركة بإنتاج اللواقط الكهروضوئية لهذه المحطة، التي تعد الأولى من نوعها في سورية.

 

عودة إلى الإنتاج

نقصد معمل «سولاريك» للتعرف على واقعه والمشكلات التي تواجهه، وخاصة أن عودة هذا المصنع المهم إلى دائرة الإنتاج يحمل مؤشراً مهماً على بدء إقلاع عجلة الصناعة المحلية، فهو لا يقل أهمية من الناحية الاقتصادية عن أي معمل متخصص بالصناعات النسيجية أو الغذائية أو الكيميائية، حيث نلمس عند دخول محطة المعمل حالة الأمان، التي فرضها جيشنا، وكان هذا سبباً كافياً لمعاودة هذا المعمل نشاطه، بعد إصلاح الأضرار التي طالته من جراء اعتداءات المجموعات الإرهابية، ليباشر عبر كفاءاته الشابة الإنتاج، وهنا نشاهد المواد الأولية اللازمة لإنتاج لواقط محطة الكسوة، إذ يؤكد مدير عام الشركة المهندس ماهر شاهرلي أن إنتاج هذه اللواقط يستلزم حوالي 4 أشهر تقريباً لتكون جاهزة بالتزامن مع إقلاع محطة الكسوة، مشيراً إلى أن الشركة تنتج 5 ميغاواط في وردية العمل الواحدة، لافتاً إلى أن المعمل منذ انطلاقه لم يكن بحاجة إلى الدعم المادي وإنما التكنولوجيا، التي توفرت وقتها بسبب الشراكة مع مستثمرين أوكرانيين، مشيراً إلى أنه بعد إعادة الجيش الأمان إلى المنطقة وجه رئيس مجلس الوزراء وزيري الصناعة والكهرباء بتقديم كل التسهيلات لإعادة إقلاع المعمل، عبر إعادة تأهيل خط الإنتاج وإصلاح الآلات المتضررة وترميم البنى التحتية وتعيين إدارة جديدة للشركة وإقلاع المعمل من دون خبراء والاعتماد على الذات، والهدف من ذلك تنشيط الاستثمار في هذا القطاع المهم والمحافظة على المال العام وخاصة أن الطاقات المتجددة تعد من المجالات المربحة عند استثمارها على نحو جيد.

التخصيص بالقطع الأجنبي

نسأله عن أبرز المشكلات التي تواجه إقلاع المعمل كما يخطط له، ليشدد على أن أبرزها عدم تخصيص الشركة بالقطع الأجنبي لاستيراد المواد الأولية اللازمة، بدل الاعتماد على التجار لتأمينها، حيث يمكن استيرادها على نحو مباشر من أجل تقليل تكلفة إنتاج الألواح اللاقطة، مضيفاً عند سؤاله عن إمكانية التصنيع المحلي لبعض المواد الأولية، أن ذلك كان خياراً مطروحاً قبل الأزمة التي غيرت الكثير من الخطط، لكن لايزال الخيار قائماً حالياً وخاصة فيما يتعلق بالألواح الزجاجية والإطارات المعدنية، لافتاً إلى أن الشركة لا تطالب أبداً بحصر الاستيراد بها، فمن الأفضل وجود منافسة بين التجار لاستيراد المواد الأولية ومنتجات الطاقة المتجددة عموماً، لكن من الضروري المراقبة الجدية في السوق في ظل وجود منتجات لا تتمتع بمواصفات فنية جيدة تباع من دون مراقبة يدفع المواطن ضريبتها، مشيراً إلى أن الشركة حريصة على إنتاج سلع ذات جودة ونوعية جيدة للحفاظ على اسمها لدى زبائنها، الذين هم غالباً من وزارات ومؤسسات الدولة، حيث يخطط لتوسيع نطاق التعامل معها عبر تشجيعها على الاعتماد على الطاقة المتجددة حتى لو كانت تكلفتها مرتفعة لكن مع الزمن ستحقق جدواها الاقتصادية، مشيرا إلى أن الخطة لا تقتصر على هذه المؤسسات وإنما القطاع الخاص والمواطن أيضاً.

خبرات محلية

كانت تعتمد الشركة قبل الحرب على بعض الخبرات الأجنبية، لكن عند زيارتنا إليها ومشاهدة كيفية عمل خط إنتاجها الوحيد، الذي يعد من أفضل خطوط الإنتاج في المنطقة، لاحظنا أن مجموعة من الشباب، مع غلبة العنصر النسائي على كادرها يتولون عمليات التصنيع والإنتاج من ألفها إلى يائها، علماً أن معظمهم من خريجي الجامعات السورية باختصاص طاقات متجددة، أكسبهم العمل في شركة «سولاريك» فرصة لصقل خبراتهم ومهاراتهم، وهذا ما أكده لتشرين أغلب العمال من مهندسين ومساعدي مهندسين لدرجة وصلت إلى اكتفاء الشركة بالخبرات المحلية وعدم الاعتماد على الخبرات الأجنبية، بما في ذلك إصلاح أي عطل يطرأ على خط الإنتاج في أي مرحلة، مشددين على أهمية الطاقات المتجددة وخاصة في المرحلة القادمة عند البدء بإعمار سورية، فمن المفروض الاعتماد عليها بتوليد الكهرباء، وهنا يؤكد مدير الشركة ماهر شاهرلي أن الشركة استغنت فعلاً عن الكوادر الأجنبية ولم تعد بحاجة لها بسبب امتلاك كوادر الشركة خبرات مهمة اكتسبوها من العمل على خط الانتاج والاعتماد على الذات في حل أي مشكلة تواجههم، لافتاً إلى وجود مشكلة فعلية تتمثل بنقص الكادر، وإن كانت الخبرات الحالية قادرة على تغطية الطلبات الحالية لكن لاحقاً ستكون هناك عقود إضافية تستلزم أيدي عاملة جديدة يفترض تدريبها وإكسابها الخبرات المطلوبة، مشيراً إلى أن آلية التوظيف لا تحتاج مسابقة كالقطاع العام، حيث تتمتع الشركة بالمرونة الكافية بهذا الشأن أسوة بالقطاع الخاص لأنها شركة محدودة المسؤولية محدثة بموجب قانون الاستثمار، داعياً الخريجين الشباب إلى العمل في الشركة، التي تسعى إلى تحسين أجور كوادرها وخبرائها علماً أن رواتبها تعد أعلى من رواتب المعامل في القطاع العام.

تشرين – رحاب الإبراهيم

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]