الحكومة تجترح حلّا جذرياً لما فشلت في استدراكه سابقاتها..مجلس أعلى للتأمين الصحي “يلملم” فساد القطاع..

 

 

بلور الاجتماع الخاص بالتأمين الصحي رؤية لإمكانية ترميم النتوء الذي حمله هذا الملف لسنوات عديدة، ولعلاج جرح عميق طالما أوجع الكثير ممن شملهم التأمين, ليفضي عن شبه إجماع باتجاه تبني فكرة إيجاد مجلس أعلى للتأمين الصحي، لاسيما  أن هذا الموضوع يأبى المواربة خلف الباب بعد أن شابه الكثير من الشبهات والتساؤلات والتهم “المجملة” لحاملي حقيبته, وتراكمت مشاكله بتزاحم الأيام والمتناوبين على المناصب, لتزيد ظروف الحرب الراهنة طينته بِلّةً، وتفسح المجال أمام المتلاعبين بأوراقه والمتملصين من تقديم الخدمة, لتشكل هذه المشاكل مجتمعة تحد كبير أمام الحكومة التي حاولت نقله إلى ضفة النجاة وإنصاف الموظف المؤمن ذو الدخل المحدود. ليبقى التمني بأن يكون المجلس عبّارة أمان لأكبر باب ربح كما يصفه الخبراء لا يكفي في زمن لاتسمن فيه الأماني من جوع, لكن ما عكر صفو اجتماع أمس هو التقاذف الواضح للتهم والذي قد يكون مجديا لجهة الصراحة والرغبة في إيجاد حلول, إلا أن السؤال الأهم والمشروع –بعد سلسلة من التجارب – هل ينجح أصحاب البيت بترتيب فوضاه..؟.

توصيف وتهم

ربما لم يأت عبثاً تغني المهندس خميس -خلال ترؤسه للاجتماع – بمقدرة الحكومة على فتح ملف القروض المتعثرة، وإنما تقصد ذكره ليبرهن أن من استطاع الفوز بذلك الرهان قادر على صنع طوق نجاة لأي ملف متعثر مهما كبر أو صغر, و”التأمين الصحي” الذي ازدهر ولمع بفترة من الفترات قد يعود لأوجه إن وجدت الإرادة والأشخاص الحقيقيين الراغبين بالتنمية, المهندس خميس الذي جمع نقباء الأطباء والأسنان والصيادلة وعدد من شركات التأمين وإدارة النفقات بالإضافة لوزيري الصحة والمال، اتهم القائمين على التأمين الصحي منذ الـ2013 حتى 2016 بأنهم أسوأ من أداروه حتى تاريخه, وأن ضعاف النفوس الذين تهيأوا أن الدولة السورية ستسقط ساهموا بتخريب هذا القطاع تخريباً ممنهجاً, مبدياً رغبة حقيقية بتطوير الهدف الذي أسس من أجله التأمين وهو تقديم خدمة نبيلة للموظف ذوي الدخل المحدود وتحقيق ربح اقتصادي للدولة.

حلول

“سندخل قرش قرش بملف التأمين” بهذا التصميم أرسل عماد خميس رسائل تحذير ومتابعة للعاملين في حقل التأمين, مؤكداً الاستمرار بعملية تطوير الإجراءات التي تهدف لخدمة المسجلين في التأمين الصحي والفصل بين التأمين والضمان الصحي إلى جانب وضع خطة اقتصادية لتقديم خدمة حقيقية, في وقت دعا فيه للاستفادة من تجارب الغير من دول الجوار والوقوف عليها والاقتداء بالأفضل علّها تساهم في نجاح الرؤية المستقبلية للموضوع المذكور, وأوضح المهندس خميس أن التنمية بمفهومها الواسع لا تنحصر بالإنتاج والبناء بل تتعداها لمعالجة الملفات المتعثرة وإبداع تنمية حقيقية, وبما أن الحوار كان لصالح أكبر المواضيع التي يشوبها الفساد, وجد المهندس خميس بأن بتر الخلل من الجذور ومحاربته هو أفضل استثمار للدولة في ظل غياب الموارد.

تقسيم طبقي

حديث وزير الصحة الدكتور نزار يازجي أثار جدلاً ليس فقط لدى محاوريه, بل تجاوزها إلى بلبلة وهمسات صغيرة دارت بين الإعلاميين الذين حضروا اللقاء, فتقسيم المستفيدين لفئات وتدخل الدولة بالدفع بناءاَ على تراتبيتها لم يلق قبول أغلب الحاضرين. وفي سياق متصل لم يجد يازجي صعوبة بالاعتراف بوجود عثرات وأخطاء سببها عدم استكمال شكل التأمين الصحي, إذ رأى في تراكم الأخطاء التي كانت الأزمة أكبر مسبباته إلى جانب عدم وجود شبكة كاملة لمقدمي الخدمة الطبية وحصرها بشبكات مركزية داخل المدن، سبباً في إفشال مسيرة التأمين الصحي بالإضافة لعدم الالتزام بصرف المطلوب من خلال الشركات والصيدليات بشكل واقعي, كما رأى يازجي في تكامل الأدوار وإشراك الهيئات “المشافي” بموضوع التأمين وجعلها جهة منفذة، عاملاُ مساعداً في قبول المرضى ومن شأنه تدارك الصعوبات والوصول إلى ملف تأميني جيد .

غياب القانون

وزير المالية بين أن ملف التأمين الصحي غير متعثر لكن الاجتماع جاء لتذليل الصعوبات التي تعترض سير نجاحه في تقديم الخدمة للموظف ذوي الدخل المحدود سواء في القطاع العام أو الخاص أو الإداري, مشيراً إلى ضرورة إشراك كل الأسرة السورية بالتأمين وليس فقط من يشمله التأمين، إلى جانب ضرورة إيجاد قانون قطاع تأميني يليق بسورية، وضرورة فصل التأمين الصحي بجعله إدارة مستقلة.

معايير

وركز قيس خضر أمين عام مجلس الوزراء على ضرورة إيجاد لجنة وطنية على مستوى البلد برئاسة وزارة المالية أو الصحة، مهامها إعداد معايير التأمين الصحي, إضافة لعدم وضع جميع المواطنين على قد المساواة، ناهيكم عن وضع خطة إسعافية لحل الوضع الراهن، وإصلاح القطاع العام وخطة استراتيجية للتخطيط للمستقبل حتى ولو احتاجت 10 سنوات.

اتفاق

بدوره اتفق نقيب أطباء سورية عبد القادر حسن ونقيب الصيادلة محمود الحسن ونقيب أطباء الأسنان فاديا ديب على ضرورة رفع بوليصة التأمين الصحي بالتوازي مع زيادة الأجور والرواتب، حتى لو تكفلت الدولة أعباء إضافية لضم الأسرة بالكامل للتأمين مع وجوب إلزام الطبيب بمعالجة حامل بطاقة التأمين دون التذمر عبر الإسراع بدفع الأقساط ووضع عقوبات رادعة لمن يعبث بملف التأمين, وكذلك زيادة الوعي بالتأمين الصحي الغائب عن الشارع والاستعانة بالإعلام وخلق بيئة للمنافسة الشريفة بين الشركات, وإيجاد كيان مستقل للتأمين الصحي .

منظومة إلكترونية

من جهته إياد الزهراء مدير المؤسسة العامة السورية للتأمين أكد على ضرورة وجود رؤية إلكترونية متطورة تساعد على تجاوز المجازفة بالسمعة، وتحسين الوضع الصحي، وإيصال الخدمة لمستحقيها، ووضع خارطة للتأمين الصحي, محذراً من التباين الواضح في مراكز تقديم الخدمة بسبب التهجير القسري الذي تعرضوا له في المناطق الساخنة.

أما الدكتور حبيب الطويل المدير التنفيذي لشركة الخدمات المتميزة بيّن أن الخسارة في القطاع الإداري بلغت 205% أما في القطاع الاقتصادي 91%, و81% في الشركات الخاصة حسب تقرير صادر عن هيئة الإشراف على التأمين في الـ 2017.

مدير عام هيئة الإشراف على التأمين سامر العش أكد على ضرورة إيجاد تشريع خاص بالتأمين الصحي, إلى جانب سرعة الدفع لمقدم الخدمة, وأوضح العش أن نسبة سوء الاستخدام للبطاقة وصلت لـ 30% بخسارة 3 مليار وهي لا تقارن مع بلدان عظمى وصلت فيها سوء الخدمة لـ 10%, حيث رأى ضرورة توحيد التعرفة الطبية مع التأمينية وضرورة تحمل المواطن جزء من الخسارة التي تتعرض لها المؤسسة العامة السورية للتأمين.

 نجوى عيدة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]