أغنياء مع وقف التنفيذ..

 

بنظرة شمولية على الاقتصاد السوري.. يتبيّن -وبشبه إجماع- أنه غني بخامات طبيعية وأخرى جغرافية لها علاقة بموقعه الاستراتيجي ومناخه الشرق أوسطي المتعدد الفصول، يضاف إليها غناه بالمواهب والكفاءات البشرية التي باتت محط استقطاب عالمي.

تقصّدنا هذا الاستهلال عسى أن يساعدنا في محاولة الإجابة عن السؤال العريض حول إمكانية توظيف كل ذلك ضمن سياق التنمية المنشودة خلال المرحلة المقبلة..؟.

أغلب الظن أن المسألة التنموية مرتبطة -لا بل قد تكون متداخلة إلى حدّ التعقيد- بالتفاصيل، بمعنى لو قمنا بتحليل ما ينتاب كل قطاع من إشكاليات وتحديات كلّ على حدة، لوجدنا أنه متشابك مع آخر متخم بتراكمات لقضايا مزمنة لم تحلّ، بمعنى أن قطاع الزراعة –على سبيل المثال لا الحصر- لم ينجح بتأمين مستلزمات الإنتاج “الصناعي الغذائي” بالمستوى المطلوب، نظراً لإخفاق القطاع الصناعي بنشر العناقيد الصناعية التي تعتبر بوابة السحب للمحاصيل الزراعية، ومردّ هذا الإخفاق يعود بالدرجة الأولى إلى التمويل المرتبط هو الآخر بالقطاع المالي من جهة، ويعود بالدرجة الثانية إلى سوء التخطيط العائد لعدد من الجهات من جهة ثانية وهكذا..!.

وواقع حال قطاعي الزراعة والصناعة ينسحب على كل القطاعات الأخرى المرتبط نجاحها بنجاح زميلاتها..!.

يقودنا هذا التشابك غير المبرر إلى الحديث عن التنمية المناطقية، وتوظيف مقومات كل محافظة أو منطقة تنموية ضمن سياق التنمية العامة بشكل متناسق يضمن بالنتيجة تحقيق مخرجات إنتاجية وخدمية تحقق الاكتفاء ولو نسبياً لكل منطقة، ونستعيد من ذاكرة السنين في هذا السياق مثالاً يوضح وجهة نظرنا، مفاده.. قبل سنوات الأزمة كان سعر لحم الضان في المحافظات الشرقية وسهل الغاب أرخص بنسبة 30 – 40% عن سعره في بقية المحافظات، لأنها المنتجة له ولا يتحمل مستهلكوها أعباء أجور النقل، فلو تم توسيع دائرة الإنتاج لهذه المادة في بعض المحافظات التي تزخر ببيئة قابلة لإنتاجها -كالجنوبية مثلاً- لانخفض السعر فيها وفي المحافظات المحاذية لها.

ولنا أيضاً في تمركز المطاحن قبل الأزمة في محافظة حلب مثال آخر يستحق التطرّق إليه في هذا المقام، نظراً لما أحدثه من تداعيات أثرت في نقل الدقيق إلى بقية المحافظات بداية الأزمة.

يبقى أن نشير إلى أن التنمية المناطقية كفيلة بالحدّ من الهدر وحالات الفساد المرافقة لتشعب العلاقات والارتباطات الزائدة بين جهاتنا التنفيذية.. لذلك لن نتشعّب أكثر في التفاصيل حتى لا يتوه مأربنا في ثناياها..!.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]