وجدتها الحكومة…العبرة في أصغر الحيازات الزراعية وهذا هو الدليل…

 

كان متحفظا في إجاباته ونحن نقلب بأسئلتنا الظروف التي رافقت تنفيذ المرحلة الأولى لـ”مشروع الزراعة الأسرية”، التي أُطلقت منتصف الشهر الثاني من هذا العام؛ مرد تحفظه كان لتفضيله الحديث حول المشروع نفسه، الذي لم يأخذ ما يستحقه من دعم إعلامي، نظرا لأهميته التنموية والاقتصادية والاجتماعية، وما يمكن لمثل هكذا مشروع أن يؤسس لنمو زراعي وتحسين لمستويات الدخل للشريحة المستهدفة منه، وخاصة في ظل ظروف الأزمة حيث الأمن الغذائي يشكل هاجسا كبيرا للمواطن والحكومة على حد سواء.

” الزراعة الأسرية” مشروع ممول من برنامج الغذاء العالمي واتحاد غرف الزراعة السورية (الاتحاد ممول وشريك تنفيذي)، بهذا التوضيح بدأ رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو حديثه لـ”البعث”، مؤكدا أنهم يتحضرون للمباشرة بالمرحلة الثانية من المشروع بداية الشهر العاشر المقبل والتي ستنتهي في الشهر التاسع من العام 2018، وبحافز أكبر لاسيما بعد المؤشرات الهامة التي قطفوها خلال أشهر المرحلة الأولى من عمر المشروع.

انتشار واسع

الصمت والهدوء والمثابرة كان عنوان عمل الاتحاد، فالهدف تحقيق الفائدة القصوى لـ6477 أسرة في 8 محافظات سورية، منها 3327 أسرة مستفيدة خلال المرحلة الأولى موزعة على خمس محافظات هي: (ريف دمشق، السويداء، حمص، حماة، اللاذقية)، و3150 أسرة مستفيدة جديدة موزعة على ثمانية محافظات، أي بزيادة 3 محافظات عن المرحلة الأولى، حيث سيتم تشميل كلا من حلب والقنيطرة وطرطوس بالمرحلة الثانية.

المؤشرات تعكس

كشتو فضل أيضا عدم الإفصاح عن كلفة المشروع، مكتفيا بالقول: إن كلفة المشروع عالية جدا، لكن بعض الأرقام والمعلومات كانت كافية لبيان ذلك، فناهيكم عن عدد الأسر المستفيدة وعدد المحافظات وما تحتاجه عملية توزيع 4 ملايين شتلة من لوجستيات لوصولها إلى كل أسرة خلال 24 ساعة، فقد أكد كشتو أن العائد المالي الذي ستحققه كل أسرة يصل 275 ألف ليرة سورية خلال سنة واحدة، حيث ستحصل كل أسرة على 1200 شتلة من البندورة والبذنجان والفليفلة، و6 كلغ سماد ذوَّاب، والمبيدات اللازمة، إضافة 4 كلغ بذار بزيلاء ومثلها فول و10 كلغ قزح بصل، علما أن كل ذلك سيكون مجانا، وكذلك شبكة الري بالتنقيط مع كامل مستلزماتها وحتى تنفيذها في المساحة المحددة لكل أسرة وهي نصف دونم، إضافة إلى توزيع 8 سلال غذائية لكل أسرة خلال فترة المشروع في مرحلته الأولى.

مقارنة ووفر

ولا تقتصر أهمية المشروع على ذلك، بل إن “الزراعة الأسرية” ستشكل مدخلا لإعادة الحياة للمشروع الوطني للري الحديث، إذ سيبلغ طول أنابيب التنقيط التي سيتم تركيبها خلال مرحلتي المشروع، 2 مليون متر (جي آر) مع كامل مستلزمات الشبكة، وسيوفر استخدامها أكثر من 30% من المياه، مقارنة بالطرق التقليدية في الري.

كل ما يلزم

رئيس الاتحاد كشف عن استئجارهم لـ 55 بيتا بلاستيكيا لتأمين احتياجات المشروع من الشتول، لافتا إلى حجم العمل ونوعه اللذين تتطلبانه تلك الشتول كي تبقى بحالة جيدة لحين غرسها، ولأجل هذه الغاية تم تخصيص برادات لنقلها، يتسع كل منها لما بين  500 – 600 شتلة، يجب توزيعها خلال 24 ساعة على الأسر المستفيدة في كل محافظة، مشيرا إلى التجاوب السريع في تأمين الشتول البديلة في حال تلف قسم منها وفي الوقت المحدد.

وحول عمليات المتابعة والإشراف على حسن تنفيذ “الزراعة الأسرية”، أكد كشتو أن هناك مشرف حقلي فني لكل 10 أسرة، معني بتنفيذ كل ما تتطلبه العملية بشكل دائم، مبينا أن هناك في كل محافظة لجنة فرعية مؤلفة من مدير الزراعة ورئيس غرفة الزراعة وممثل عن المجتمع المحلي، ومدير عام للمشروع (مهندس منسق)، أما مهمتها فهي الإشراف على المشروع وحسن تنفيذه ومتابعة العمل بشكل مستمر وتذليل كل ما يعترض نجاح المشروع.

وحدات للتصنيع

ولضمان تحقيق القيم المضافة لفت رئيس الإتحاد إلى إحداث وحدة تصنيع في كل محافظة بكلفة 1.3 مليون ليرة، تقدم مجانا للمحافظة وهي عبارة عن ورشة لتصنيع الإنتاج الزراعي، علما أن كل وحدة مزودة بكافة مستلزمات التصنيع الزراعي (مؤلفة من 30 بندا، بدءا من الغاز والطناجر والمصافي والمجالى والمرطبانات والمناشر والميزان وأطباق الاستانلس استيل، وطاولات التجفيف وحتى ورق التنشيف، إضافة إلى عدد من المواد كالسكر والزيت وغير ذلك من متطلبات التصنيع الزراعي).

للحديث بقية

إن كان للحديث بقية، فلا يسعنا إلاَّ الإشارة إلى أننا تلمسنا من خلال حوارنا مع رئيس اتحاد غرف الزراعة، شيئا من الغصة والعتب جهد على إخفائهما، لكن سياق الحديث والكلام كانا كافيان للإحساس بهما، لذلك نأمل -إن كان لنا أمل- ممن يهمهم الأمر بتقديم كل ما يحتاجه هكذا مشروع الذي هو في حد ذاته أمل للكثير من العائلات السورية غير القادرة على إعالة نفسها، والحاجة التي نطالب بها لا تتعدى التسهيل والدعم المعنوي كي يحقق يكون هذا المشروع البوابة الأوسع على إنتاج زراعي، يرفع عن كاهل الحكومة جانبا مما تتحمله، ويكون عونا لها وللمواطنين على تأمين ما يحتاجونه من أمن غذائي ومعيشي، ونكتفي بالذكر أن هناك 70% من حاجة روسيا للخضار يتم تأمينها من الزراعة المنزلية الأسرية، معلومة نرجو أن تكون شفيعة لمثل هكذا مشاريع، استطاع مشروع الزراعة الأسرية تبيان منعكساتها الإيجابية..الزراعية والتشغيلية والصناعية وبالتالي الاقتصادية، ولعل أبسطها إعادة المكانة لإنتاجنا الزراعي وتوفير فرص العمل واليد العاملة وتشجيها للعمل في القطاع الزراعي.

قسيم دحدل

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]