“العطل الإداري” وليست أعطال الطائرات سبب أزمة “السورية للطيران”..

 

دمشق – الخبير السوري

لا تبدو أوضاع مؤسسة الطيران السورية حتى على أقل ما يرام، فثمة تراكمات ثقيلة بفعل الحصار والأزمة تنوء بها المؤسسة حالياً، وهذا ما بات  ذريعة تستحق التفكر والتحليل بالغت إدارة هذه المؤسسة العريقة في ترديدها حتى باتت ممجوجة ومثيرة للشكوك.

إذا أن ما تكشّف مع بدء العناية الجديدة التي أولتها الوزارة لقطاع النقل الجوي وبالتحديد المؤسسة كناقل وطني رئيس منذ حوالي العام، يشي بأن التراكمات لم تكن نتائج خالصة للحصار، بل ثمة ترهل إداري وقلّة اكتراث، ووصمت عمل الإدارة الحالية، أدّت إلى ما آل إليه وضع المؤسسة.

وهو ما بدأت وزارة النقل بمعالجته، ونفض الغبار عن واجهة الإدارة المترهلة للمؤسسة، التي تركت الحبل على الغارب وأوصلت الأمور إلى ما هي عليه، فلم نستطع معرفة السبب الذي سمح لإدارة المؤسسة بترك متوالية أعطال محركات طائرات الـ”atr” حتى خرجت هذه الطائرات من الخدمة..؟؟

ثم ما الذي سمح للإدارة بالتلكؤ في متابعة موضوع الإصلاح في إحدى الدول الصديقة طيلة أشهر، وها هو المدير العام يغادر اليوم إلى حيث ورش الإصلاح متثائباً وربما متثاقلاً، إلا أنه مزود بتعليمات وزيره بألا يعود دون حسم الموضوع، ولديه موافقات بشراء محركات إن اقتضى الأمر..لكن حسبه أن ينجح، ففي الإدارة لا تصح مقولة “وداوها بالتي كانت هي الداء”..

أمام هذا الواقع لا يجد مدير عام المؤسسة حرجاً في الإسهاب بسرديات ممجوجة عن “مساعيه الصميدعيّة” لتطوير المؤسسة المتداعية في ظل إدارته الحاذقة…؟ّ!!

ويعزو الدكتور مصعب أرسلان مدير عام المؤسسة أسباب تسرّب العناصر الفنية والطيارين إلى العامل المادي بسبب الفرق الشاسع في الدخل الذي تقدّمه المؤسسة مع ما يحصلون عليه من الشركات المحلية والأجنبية، ما حدا بالمؤسسة حالياً – أي بعد سنوات من نزيف الكوادر – إلى السعي لإصدار تشريعات جديدة الهدف منها أن يكون للمؤسسة نظام مالي وإداري خاص بها يرفع من مستوى الدخل للعناصر ويعالج مشكلة التسرّب إلى حد ما.

و حول ملف حوافز ومزايا “الركب الطائر” أفاد أرسلان بأن الركب الطائر يتألف من أفراد هيئة القيادة طيار قائد وطيار مساعد وأفراد الضيافة الجوية (مضيفات ومضيفين جويين) وهناك فرق كبير بين دخل أفراد الركب الطائر في المؤسسة ونظرائهم في الشركات الأخرى ما دفع ويدفع العديد منهم إلى ترك العمل في المؤسسة والعمل لدى شركات أخرى تقدّم لهم الدخل الشهري المرتفع، إضافة إلى ضمانات عديدة لمستقبله الحياتي والمعيشي كتعويضات فقدان الصلاحية الطبية للطيران وتعويضات نهاية الخدمة، وهذا ما يفتقر إليه الركب الطائر في المؤسسة مقارنة مع الشركات الأخرى والحل الأمثل صدور تشريعات جديدة للمؤسسة تعالج هذه المشكلة.

وللعلم –والكلام لأرسلان- يعمل أفراد الركب الطائر وفق أحكام نظام عمل صدر بالمرسوم التشريعي رقم 35 لعام 1979 وهم مستثنَون من قانون العاملين الأساسي في الدولة وفي عام 2008 صدر المرسوم 14/2008 الذي بموجبه تم منح أفراد الركب الطائر تعويضات العمل الساعي بموجب نظام معروف بنظام العمل الساعي الذي جرى إعداده عام 2008 للحفاظ على أفراد الركب الطائر في ظروف عمل مناسبة للحفاظ على دخل شهري يقارب ما يتقاضاه نظراؤهم في الشركات الأخرى.

ومما يجدر قوله أن تعويضات العمل الساعي كانت في مشروع النظام عند إعداده محسوبة على أساس أن تكون بالدولار الأمريكي حينها ليقارب دخل عناصر الركب الطائر 50% من دخل نظيره في الشركات الأخرى، إلا أن الجهات الوصائية ارتأت أن يكون التعويض بالليرات السورية على أساس 50 ليرة تعادل للدولار وحالياً دخل عنصر الركب الطائر يعادل 5% من دخل نظيره في الشركات الأخرى، وتضمّن نظام التعويضات تشريعاً يجيز زيادة تعويض العمل الساعي سنوياً بنسبة يقررها مجلس إدارة المؤسسة وتصدر بقرار من رئاسة مجلس الوزراء، إلا أنه خلال التسع سنوات الماضية جرت زيادة تعويضات بمقدار 25% فقط ولمرة واحدة، وفي عام 2016 وافق مجلس الإدارة على زيادة تعويض العمل الساعي للركب الطائر بنسبة 100% ولكن الموضوع لم يرفع إلى رئاسة مجلس الوزراء لإقرار الزيادة، وهذا أحد العوامل التي تدفع عناصر الركب الطائر إلى ترك العمل والتسرّب للشركات الأخرى التي تستفيد من المهارات والخبرات التي يتمتع بها الركب، ولاسيما الطيارون منهم، كما توجد رؤية مستقبلية لإعادة النظر بقانون عمل الركب الطائر وتعويضاته بعد صدور التشريعات الجديدة الخاصة بالمؤسسة.

هذا هو حديث المدير الذي يحول الانتباه عن الوقائع ويتحدث عن المستقبل، ليترك سؤالاً محرجاً له وهو: أين كان يختبئ طيلة هذه السنوات التي “تصرخ” فيها المؤسسة توجعاً..؟؟

نتوقع أن تنتقل “الطيران السورية” خلال فترة وجيزة لكن ليس بجهود الإدارة الحالية بل بجهود وزارة وحكومة، وربما يكون تبديل الطاقم الإداري اللمسة المطلوبة لإتمام وإنجاز حلحلة لعقد وعقبات الإنطلاق الجديد.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]