بين مسؤول وزبال..!!!

 

تمرّ الأيام روتينية على من تعوّد أن يستيقظ على مشهد حيّه نظيفاً بعد يوم كامل من فضلات وقمامة، بعضها ملقى في الحاوية وجلّها متناثر ومبعثر ومنتشر هنا وهناك بالشكل الذي يتناسب مع حضارة وذوق بعض القاطنين وثلّة المارين ومستخدمي الشوارع والساحات والحدائق.

وحده “الزبال” مخرج كل هذه المشاهد الصباحية الأنيقة التي تفرش الحواري والطرقات، نظافة لا يعرف قيمتها إلا مَن يغيب عامل التنظيف عن حياته يوماً واحداً، حيث ستتحوّل المرافق إلى مكبّات وتلال من الفضلات، لتبدأ رحلة الشكاوى والنقّ بحثاً عن “أبو عبدو” المحترم الذي يطأطئ رأسه صامتاً والنيّة اليومية جمع ما يتيسّر من ملوّثات الناس “المعجوقين” بزحمة المشاغل وهموم الاسترزاق، وحتى أولئك المتفذلكين والمتأففين الذين ليس من رادع يمنعهم من قذف الكيس المفتوح من شرفة المنزل ليقوم “أبو عبدو” الدمث الخلق بدوره بلملمة وساخة هذه الفعلة ومسبّباتها ونتائجها؟!.

مئات العاملين في قطاع النظافة ينهون ثلاثة أرباع أعمالهم ليلاً وينسلون قبل بزوغ الفجر لتخليصنا من بقايانا بطيبة وراحة نفس ليستكمل عامل المكنسة الرتوش.. قلّة منا يدركون قيمة ما تصنعه يدا هذا الرجل الذي لا يعطل يوماً إلا وتصبح الشوارع “كارثية”، في بلد من المفترض أن يكون فيه كل مواطن أيّاً كان موقعه “زبالاً” لنفسه بلباقة الغرب الذي نتمثل به!.

هل تخيّل أحدنا كيف ستكون الصورة إن غاب من يقوم بتنظيف وسخ الآخرين؟ أليس من نتحدّث عنهم يعتبرون الشريحة الأكثر مثالية في معايير نظافة اليد التي يدّعيها بعض الموظفين الإداريين والمنتجين وكذلك بعض المسؤولين؟!، فمن يزيل قمامة الناس ويحوّل المرافق والشوارع إلى وجه حضاري يستحق لقب وزير النظافة بامتياز؟!.

في مستجدات الحرب صمد عامل النظافة في موقعة وقاوم الرصاص وبطش الإرهاب، ليقوم بمسؤولياته في إخلاء الشوارع من الأوساخ، بوجود غبن لا يعرف أغلب هؤلاء البسطاء سببه عندما حرموا من طبيعة العمل التي تصل إلى 100% بمرسوم رئاسي وخفضت إلى نسب متفاوتة، في وقت أوقف العمل الإضافي منذ 1/1/2005، ومنع التعويض عن أيام العطل.

فهل من منصف لمَن ارتضى العمل بقطاع مختلف البيئة وملوث المناخ، رغم أنه الأولوية رقم واحد في حضارة البلد ورقيّه الذي يمكن أن يسير بلا بعضهم من فئة «مسؤول» في مكان ما.. ولكن دعونا نتخيّل كيف ستتوقف وتتعطل الحياة برمّتها عندما يغيب عامل النظافة ليوم واحد فقط!.

علي بلال قاسم

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]