متهمون قيد التحقيق…”الرقابة المالية” تحسم ملف حاويات طرطوس وتؤجل محاسبة بعض المُدانين..

 

دمشق – الخبير السوري

وضع الجهاز المركزي للرقابة المالية يده على كامل ملابسات وخبايا عقد استثمار محطة الحاويات في طرطوس، وأنجز تقريره الكامل والذي يحمل اتهامات وإدانات صريحة لبعض الأسماء ذوي الصلة بالموضوع، إلّا أن شيء ما حصل أدى بالجهاز إلى الطلب من الجهات المعنية التريث في اتخاذ إجراءاتها المضمنة في التقرير بحق الأسماء التي تم وضعها في “دوائر حمراء، واكتفت مصادر الجهاز بالإشارة إلى أن الجديد هو معطيات من شأنها أن تملي التريث في اتخاذ مايلزم من إجراءات.

إذ أوضح رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية مازن يوسف أنه تم الانتهاء من التحقيق في قضية المخالفات المرتكبة لدى الشركة العامة لمرفأ طرطوس بالعقد رقم/ 5/ لعام 2007 المبرم مع الشركة الفلبينية (انترناشيونال كونتنرسيرفيسز) لاستثمار محطة طرطوس الدولية للحاويات، مبيناً أنه تم بموجب التحقيق تحديد الجهات المقصرة، إلا أن ظهور بعض المعطيات التي قدمها الجهاز مؤخرا بخصوص بعض من وردت أسماؤهم في التحقيق، جعلت الجهاز يطلب من الجهات المعنية التريث في تطبيق مقررات تقريره الأخير.

وأكد يوسف قانونية هذا التريث وأنه يتماشى مع البلاغات والنظم القانونية النافذة لعمل الجهاز، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه غير اعتيادي. وكشف يوسف أن الجهاز تمكن خلال الشهر الماضي من استرداد وتحرير الكفالة المصرفية الموضوعة في إحدى المصارف والبالغة 5 مليون دولار لصالح مرفأ طرطوس.

وفي تفاصيل الموضوع:

أنهى الجهاز المركزي للرقابة المالية التحقيق في قضية المخالفات المرتكبة لدى الشركة العامة لمرفأ طرطوس بالعقد رقم/ 5/ لعام 2007 المبرم مع الشركة الفلبينية (انترناشيونال كونتنرسيرفيسز) لاستثمار محطة طرطوس الدولية للحاويات، حيث توصل تقرير الجهاز إلى جملة من الأحكام والقرارات في هذا الملف تكفل عودة  ملايين الدولارات إلى المرفأ رغم انقضاء أكثر من أربعة أعوام على هروب الشركة الفلبينية خارج البلاد. وبحسب قناعات بعض المتابعين لملف  التحقيق فإن من الأسباب الرئيسية لتأخر نتائج التحقيق هو ظهور معطيات جديدة بين الحين والآخر، وعدم تعاون بعض الإدارات السابقة للمرفأ مع البعثات التفتيشية أثناء التحقيق بجدية مطلقة مما انعكس سلبا على مجريات التحقيق.

تريث

ولعل الجديد في الموضوع بحسب المعلومات الواردة إلينا هو طلب الجهاز المركزي للرقابة المالية “وهو الجهة المسؤولة عن التحقيق في هذا الموضوع” التريث في تطبيق وتنفيذ ما توصل إليه تقريره الأخير الصادر برقم 19/أ.م/8 تاريخ 6/4/2017، الذي حمّلَ بموجبه المسؤولية الكاملة لجهة التقصير والتقاعس في متابعة تنفيذ تفاصيل العقد، إلى مجموعة من موظفي المرفأ، مع إلقاء الحجز الاحتياطي على أموالهم المنقولة وغير المنقولة.

مبررات التأخير

رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية مازن يوسف بين أن سبب التأخير في نتائج التحقيق مرده التعقيدات والتشابكات الحاصلة في القضية، موضحاً أنه تم تكليف فرع الجهاز بطرطوس بمتابعة التحقيق، مع تشكيل بعثة تفتيشية قوامها 15 مفتش من الجهاز للتدقيق في نتائج التحقيق، مبينا أنه تم الانتهاء من التحقيق في الملف نهاية الشهر الماضي، وقد تم بموجب التحقيق تحديد الجهات المقصرة، إلا أن ظهور بعض المعطيات التي قدمها الجهاز مؤخرا بخصوص بعض من وردت أسماؤهم في التحقيق، جعلت الجهاز يطلب من الجهات المعنية التريث في تطبيق مقررات تقريره الأخير. وأكد يوسف في تصريح خاص لـ”البعث” قانونية هذا التريث وأنه يتماشى مع البلاغات والنظم القانونية النافذة لعمل الجهاز، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه غير اعتيادي. وكشف يوسف أن الجهاز تمكن خلال الشهر الماضي من استرداد وتحرير الكفالة المصرفية الموضوعة في إحدى المصارف والبالغة 5 مليون دولار لصالح مرفأ طرطوس.

عقوبات بالجملة

 وخلص التقرير الصادر عن الجهاز برقم 173 تاريخ 6/4/2017 إلى إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لكل من مدير عام مرفأ طرطوس الأسبق، وشخصين آخرين، وأموال زوجاتهم، وذلك تأميناً لمبلغ قدره 5.397.167 دولار أمريكي، ومبلغ قدره 33.808.900 ليرة سورية مع الفوائد القانونية من تاريخ ترتب المبلغ لتاريخ السداد، وذلك بالتضامن والتكافل فيما بينهم بناء على التقرير التحقيقي رقم 19/أ م- 8/م ك تاريخ 27/8/2016 المتضمن نتائج التحقيق بالمخالفات المرتكبة لدى الشركة العامة لمرفأ طرطوس مع الشركة الفلبينية، كما فرضت نتائج التحقيق عقوبة حجب الترفيع بحق أحد المدراء السابقين للشركة، وعدم تسلمه أي مهام أو مناصب إدارية قيادية مستقبلاً وذلك لما نسب إليه في متن التقرير مع إعفاء أعضاء اللجنة الإدارية للشركة. 

ووفق تحقيقات الجهاز المركزي فإن الإدارة التي وقعت العقد مع الشركة الفلبينية تهاونت في تحصيل حقوقها من خلال إعطاء مهل إضافية للشركة لتنفيذ التزاماتها العقدية من دون تردد، ومنحها فرصاً كثيرة لتسديد الرسوم المترتبة عليها وفق العقد، والسماح للشركة بالإخلال في تنفيذ بنود العقد كعدم التزامها بالمهل الزمنية لتطوير وتحديث العمل، حيث لم تقم بإنفاق كامل المبالغ المخصصة لهذه العملية، كما حصل غبن في حساب بدلات الاستثمار التي سيتقاضاها المرفأ، إذ تراجعت الإيرادات بنسبة كبيرة، ما تسبب بضياع وهدر للمال العام إضافة لعدم تنفيذ خطة استقدام الحاويات كاملة، وهذا أضاع أموالاً على خزينة الدولة وتركت الشركة أعمالها فجأة عام 2013 من دون سابق إنذار.

 تواطؤ 

ويبين التقرير الكثير من الملابسات والاتهامات والتواطؤ من قبل بعض المعنيين بالمرفأ في ذلك الحين، من خلال التساهل وغض النظر عن  التقصير والتأخير في تنفيذ الخطط والأرقام المطلوب تحقيقها من قبل الشركة المستثمرة. وسجل التقرير بعض الملاحظات المتمثلة بموضوع تقديم تسهيلات جمركية، وكيف أن شركة المرفأ قدمت تنازلا بقبولها إدخال رافعتين بقيمة 8 مليون دولار، وحول إعطاء الموافقة على إعادة التصدير للرافعتين الليبهر، ورأى التقرير أن شركة المرفأ تراجعت عن حقوقها العقدية.

ملتزمة

وأشارت المذكرة الصادرة عن المرفأ أن السماح لشركة المحطة المستثمرة بإدخال رافعتين هو حق للشركة والمشملة بقانون الاستثمار السوري الذي يعطي الحق للمستثمر بإدخال أية آليات ومعدات وتجهيزات لزوم تشغيل المشروع، وحول الموافقة على إعادة التصدير للرافعتين الليبهر أوضحت المذكرة أن الإدخال المؤقت  للروافع كان بموافقة مجلس الوزراء، وهي تخضع لقانون الجمارك ولإجراءات جمركية محددة منها التجديد سنويا لموافقة بقاؤها ثم إعادة تصديرها بموجب قانون الجمارك الملزم عند انتفاء الحاجة لها في المشروع الاستثماري.

وأوضحت المذكرة أن محطة الحاويات لم تتخلف عن الدفع حيال التزاماتها المالية وبقيت ملتزمة حتى تاريخ مطالبة شركة المرفأ بالبدلات المستحقة، وردت المذكرة على الاتهامات الموجه إلى إدارة المرفأ من جهة عدم قيامها باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحفظ حقوق الشركة، مبينة أن إدارة المرفأ ألزمت شركة المحطة بدفع نسبة 65% من الخطة الاستثمارية المخططة، كما تم اتخاذ قرار بتقليص مساحة الاستثمار واقتطاع جزءا من الساحة والرصيف لصالح المرفأ، إلا أن التوصية الاقتصادية أوقفت الإجراءات اللاحقة حتى نهاية العام الخامس للعقد لإعادة التقييم.

كما أشارت المذكرة إلى قرار اللجنة الإدارية التضمن جملة من الإجراءات بحق شركة الحاويات منها مصادرة الكفالات المالية للمحطة مع إصدار إشعار بالإنهاء وفق بنود العقد، إضافة إلى تحريك دعوى قضائية مستعجلة بحق المساهمين في شركة المحطة مع مخاطبة الجهات المعنية لمنع سفر مشغل المحطة، فضلا عن عدم السماح بإخراج أية ممتلكات ثابتة أو متحركة للمحطة خارج المرفأ.

يذكر أن الجهاز المركزي للرقابة المالية  اخذ على عاتقه التحقيق في الملف  دون الاكتراث للحكم القضائي الصادر عن مجلس قضايا الدولة، حيث ركز قسم الاعتمادات في دائرة التحقيق لدى الجهاز على مطالبة المرفأ بمتابعة إجراءات تحصيل  الكفالات المصرفية الموضوعة للمرفأ  بالسرعة الممكنة دون تأخير.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]