مراسلات حكومية تكشف أسرار “العلاقات المحرمة” بين تجار الجملة وجهات رقابية

 

تكشف المراسلات الحكومية تمرداً واضحاً لأسعار السلع الأساسية في أسواقنا الغذائية منها وغير الغذائية، في مشهد يشي بأن ثمة من يجيِّر الأسعار لصالحه عبر البيع بأسعار أكثر من تلك المحددة مركزياً من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك. فبموجب كتاب مرفوع من قبل الأخيرة إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 3/11/2016، يتضمن جدول بالأسعار الصادرة عن الوزارة للمواد التي تم تسعيرها مركزياً “أرز – سكر – سمن نباتي – ذرة صفراء شاي ..الخ”، يوضح الكتاب  أن أسعار هذه السلع تصدر بناء على دراسة التكلفة للوثائق المقدمة من قبل المستورد أو المنتج لدى مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ويتم عرضها على لجنة التسعير المركزية والمشكلة بموجب القرار رقم /1658/ تاريخ 28/7/2016، والتي تضم ممثلين عن وزارة حماية المستهلك، ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ومصرف سورية المركزي، ومديرية الجمارك العامة، واتحادي غرف التجارة والصناعة، بعد موافقة المستورد على السعر المدروس بشكل خطي بناء على ما تقرر بمحضر الاجتماع الرابع للجنة المركزية وقد تم إصدار صكوك سعرية لها من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وذلك خلال الفترة من 23/10/2016 ولغاية 26/10/2016.

تباين صارخ

ففي الوقت الذي من المفترض أن يتراوح فيه سعر الكغ من السمن النباتي 620 ليرة سورية، وسعر الأرز للمستهلك ما بين 235 – 395 ليرة حسب جدول الأسعار الصادر عن وزارة حماية المستهلك ، نجد أن واقع الأسعار في الأسواق على غير ذلك تماماً، إذ تبين مديرية دعم القرار التابعة للأمانة العامة في رئاسة مجلس الوزراء في بيان لرأيها حول ما ورد في كتاب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ارتفاع هامش ربح مبيع تاجر الجملة لسلعة السمن النباتي، بنسبة وصلت إلى 178%، من سعر استيراد هذه السلعة، ما يتطلب التأكد من وثوقية البيانات الواردة في كتاب الوزارة المتعلقة بهذه السلعة، كما أن أسعار السلع في السوق خلال الفترة المذكورة لبعض السلع الواردة في الجدول، أعلى وبنسب متفاوتة عما هو محدد في كتاب الوزارة، كالسمن النباتي الذي سجل سعراً أعلى بنسبة وصلت إلى 19.3%، والشاي بنسبة 43.8%، والرز بنسبة 16.5%. وكذلك وجود تباين كبير في سعر استيراد شحنات الرز، حيث وصل سعر الطن المستورد من هذه السلعة من قبل أحد المستوردين إلى 560 يورو للطن، في حين سجل سعر الطن المستورد من قبل مستورد آخر 400 دولار للطن، بفارق السعر بين الشحنتين وصل إلى 54%، دون أن يتم التوضيح إن كان هذا الفارق في السعر ناجم عن اختلاف في مواصفات هذه السلعة أم لا.

تصويب

وخلصت مديرية دعم القرار إلى مقترحات عدة تتمحور حول بناء قاعدة بيانات خاصة بالسلع المستوردة إلى السوق المحلية تتضمن أنواعها، مواصفات كل نوع، الأسواق المنتجة لهذه السلع، السعر، تكاليف الشحن..الخ، مما يتيح إمكانية التحقيق من مصداقية البيانات المقدمة من قبل التجار المستوردين، وتطوير آلية المراقبة الحالية لمواصفات وأسعار السلع المستوردة التي تباع في السوق المحلية، بما يضمن التزام بائعي الجملة والمفرق، بأسعار البيع التي تحددها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلى جانب بناء مرصد لرصد تطورات أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية، لتحديد أسواق الاستيراد المناسبة من حيث التكلفة والنوع.

رصد

ويؤكد مدير دعم القرار الدكتور حسين إبراهيم أن المديرية تقوم بإعداد دراسات وتقارير دورية وتصدر أيضاً نشرات شهرية للسلع الأساسية، تتضمن تحليل ورصد لتطور أهم أسعار السلع الاستهلاكية ومواد البناء الأساسية، وذلك بغية الوصول إلى مقاربة حقيقية لأسباب الارتفاع ووضع مقترحات للحد منه، ويتم إرسالها إلى رئاسة مجلس الوزراء لتقوم بدورها بتوجيهها إلى الجهات المعنية للأخذ بها، مشيراً  إلى أن جدية الحكومة بمعالجة مواطن الخلل في كثير من القطاعات، مبيناً أن المديرية أمام مرحلة عمل جديدة وتهتم بدراسة قضايا ملحة في أغلب القطاعات.

يذكر أن مديرية دعم القرار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تقوم بتزويد متخذي القرار في مفاصلنا التنفيذية بتقارير رسمية تصدر بشكل دوري، وتتناول هذه التقارير حيثيات وتفاصيل قطاعنا الاقتصادي والخدمي وما يعتريها من مشكلات وتحديات وتجاوزات مدعّمة بمؤشرات وأرقام ومعطيات، مضافاً إليها عدد من المقترحات التي تستوجب على متخذي القرار أخذها بعين الاعتبار والتدخل الفوري للمعالجة.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]