دمج جديد في وزارة التجارة الداخلية..والدور على مؤسسة الحبوب وشركة المطاحن..

تثير فكرة دمج المؤسسات الحكومية عموماً المخاوف لدى البعض لما تحمله هذه الخطوة من تبعات قد لا تكون من مصلحة الوزارات، وذلك لما تحتاجه من آليات عمل دقيقة لتنسيق وتعزيز حالة التناغم بين المؤسسات المدمجة وضبط الأداء والمصاريف وإدارة القوة العاملة فيها، وقد يكون الدمج أفقياً أي دمج مؤسستين لهما نشاط اقتصادي واحد، أو أن يكون دمجا رأسياً لنشاط اقتصادي متكامل كالغزل والنسيج وشركة تصنيع الملابس الجاهزة، لكن في الحالتين سيتم تحقيق زيادة في الإنتاج والتقليل من التكاليف.

بالمقابل قد يتسبب فوضى الأداء لعمليات الدمج إلى خسارة كبيرة وعدم تحقيق الغاية المرجوة لعملية الدمج، وهذا ما أثبتته بعض التجارب السابقة لوزاراتنا حيث لم يكتب لها النجاح بل سببت الكثير من الهدر والثغرات الإدارية التي لم تلق حل، وبالرغم من ذلك لم تعيق تلك التجارب قرار الدمج لمؤسسات التدخل الايجابي “سندس والاستهلاكية والخزن والتسويق” والتي لم تظهر نتائجها حتى الآن، ولكن المؤشرات تبدو ايجابية حتى هذه اللحظة.

 خطوة جريئة 

مازلنا بانتظار النتائج المرجوة من عملية دمج مؤسسات التدخل الايجابي من حيث تقنين المصاريف والهدر والتوفير في مخصصات الوزارة بالتوازي مع تقديم خدمات أفضل للمستهلكين، وهنا يؤكد معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب أن عملية الدمج لبعض الشركات والمؤسسات مع بعضها الآخر تأتي ضمن إطار إعادة الهيكلة الاقتصادية للوزارات لضغط النفقات، وتقديم آليات عمل جديدة أكثر مرونة لتحقيق السرعة في العمل والأداء، وذلك ضمن بيئة تشريعية وقانونية وفي إطار نظم وأسس وضوابط لتحقيق الغاية المرجوة منها والمتعلقة بتصحيح العمل الإداري والتنظيمي للمؤسسات المدمجة، والتخلص من مشكلات الروتين، والتقليل من عمليات الفساد التي تستحوذ على الجهود والأموال المبذولة لعملية تطوير المؤسسات.

ويكشف شعيب  أن الوزارة حاليا ستقوم أيضا بوضع دراسة واضحة لدمج المؤسسات المعنية بمادة القمح، حيث سيتم دمج المؤسسة العامة لتخزين الحبوب مع الشركة العامة للصوامع، والغاية من ذلك هو دفع هذه المؤسسات لتحقيق التكامل في عناصر الإنتاج وتحسين نوعيته وجودته وتخفيف الأعباء المالية، بالإضافة إلى مواجهة المنافسة وتهيئة فرص أكبر لتامين حاجة السوق المحلية، ورفع القدرات المالية، والاستعانة بالخبرات والكفاءات الموجودة في هذه المؤسسات  من اجل توحيد الموارد المكملة لبعضها.

مواطن خلل

كشفت الخمس سنوات السابقة للأزمة عن مواطن خلل كبيرة في وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية، وتبدو الفرصة الآن تسمح بمعالجة هذا الخلل عبر دراسة واقعية لعمل كل مؤسسة على حدا، ومدى فاعليتها وأهميتها إداريا في تطوير العمل الإنتاجي، ويشير المهندس يوسف قاسم من مؤسسة الحبوب أن عملية الدمج أصبحت حاجة ملحة في ظل التشابكات الإدارية ما بين تلك المؤسسات والتي تسببت بأعطال كبيرة في تنفيذ الأعمال وإرباكات في عمليات الإنتاج والبيع والشراء والتسويق، كما أن عملية دمج هذه المؤسسات ستوقف من عملية الهدر الناتج عن تخديم تلك الإدارات المتعددة، أما فيما يتعلق بالمخاوف التي ترتاب بعض المدراء حول عملية دمج مؤسسة “الحبوب” وشركة “الصوامع” أكد قاسم أن عملية الدمج تحقق نتائج ومكاسب ايجابية عديدة ويتطلب ذلك دراسة لتحقق التطور في العمل والأداء والجودة في الإنتاج وضبط  كافة الجوانب المالية والإدارية والخدمية والاقتصادية لتلك المؤسسات من خلال عملية الدمج.

رأي خبير

الدمج بالعموم لا يعني القيام بدمج شركة مع أخرى، أو مؤسسة مع أخرى فقط،  فلابد من خطوات أولية تسبق ذلك، أهمها تحديد المجالات التي يمكن أن تتم بها عملية الدمج, وفي هذا السياق يوضح خبير اقتصادي في كلية الاقتصاد أن الدمج ليس عملية بسيطة وسهلة كما يراها البعض، فالدمج بين شركتين ذات طابع اقتصادي يختلف عنه في حال دمج مؤسستين في مجال خدمي أو إداري أو مالي، لذلك فإن عملية الدمج تحتاج إلى رؤى واقعية موضوعية تأخذ كافة الجوانب العملية، ولا يجب أن تبنى على مجرد رأي وذلك من أجل تحقيق الأهداف المرجوة لعملية الدمج، ويتابع الخبير أن التكامل ما بين المؤسسات لا يغني عن عملية الدمج حتى وأن حقق بعض المكاسب الآنية، وخاصة فيما يتعلق بالشركات الصغيرة وذات الأنشطة المتشابهة والتي تعاني من المنافسة الشديدة فيما بينها، ففي هذه الحالة سيحقق الدمج  اختصار في الأعباء والتكاليف وزيادة في الإيرادات.

وحذر الخبير من العواقب الناتجة من عمليات الدمج إذا لم تكن الدراسة واضحة ودقيقة لوضع استراتجيات للعمل مابين تلك المؤسسات، كما يجب أن تكون عملية الدمج تدريجية لمنع حصول إخفاقات إثناء عملية التنفيذ، مع التركيز على دمج المؤسسات ذات النشاط الاقتصادي نفسه أو الذي يحقق التكامل معه لتكون فرص نجاح الدمج كبيرة وذات فوائد اجتماعية.

وجهة نظر

تتشارك جميع الآراء في أن عملية دمج المؤسسات الحكومية هي خطوة هامة لإيقاف الفساد وهدر أموال الدولة، وسد الثغرات في العمل والابتعاد عن البيروقراطية التي تحقق مكاسب للوصوليين والانتهازيين في مفاصل الوزارات والمؤسسات، ومع ذلك فإن بعض المختصين والأكادميين يحذروا من طريقة تنفيذ عمليات الدمج وما تحمله من كوارث تنعكس على السوق والأسعار، ففي حال فشل عملية الدمج سيكون هناك خسائر كبيرة قد لا تستطيع الوزارة تحمل أعباءها، وهذا ما يؤكد ضرورة وضع استراتيجيات العمل للمؤسسات، وتحديد مهامها قبل اتخاذ القرار بعملية الدمج.

ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]