الحكومة تضع حدّاً للتجاوزات” السرية” في إجراء المزادات “العلنية” للسيارات..

طالما اكتنفت عمليات بيع السيارات الحكومية في المزاد العلني شبهات من العيار الثقيل، لاسيما من جهة عدم التوصيف الدقيق لهذه السيارات وبالتالي بيعها –فوق الطاولة- بأزهد الأثمان، -ومن تحت الطاولة – بالأسعار الرائجة، وبالتالي ضياع موارد تعويضات هذه السيارات على الخزينة العامة للدولة. ليس هذا فحسب بل إن  بعض المصادر المطلعة أكدت بأن العديد من السرقات طالت مستودعات السيارات نتيجة عدم القيام بمزادات مستمرة، حيث يتم سرقة قطع غيار وإكسسوارات السيارات المحالة للمزاد العلني والمخزنة بالمستودعات لأشهر طويلة، بحيث ينخفض سعر السيارة لنحو 50% من السعر الرائج، ناهيكم عن عدم التوصيف التدقيق لهذه السيارات وبالتالي انخفاض سعرها شكلاً، وبيعها بسعر أعلى خلف الكواليس..!.

تعويل على التصويب

هذا الوضع الحالك ضغط باتجاه معالجة هذا الملف المتخم بالتجاوزات، ويبدو أن ثمة توجه حكومي لا يخلو من الجدية هذه المرة ويعوّل عليه بأن يفضي لضبط هدر المال العام وتصويب مساراته باتجاه الخزينة العامة للدولة، وآخر ما حُرر في هذا السياق، هو ما تمخض عن الاجتماع الأخير للجنة المعنية بهذا الملف والتي ضمت ممثلين عن الجهات المعنية به “مكتب شؤون الآليات الحكومية في رئاسة الوزراء، والمؤسسة العامة للتجارة الخارجية، ووزارة النقل، ومديرية الجمارك العامة ولجنة الإشراف على بيع وشراء الآليات في رئاسة الجمهورية”، من وضع توصيف كامل وشامل للآليات المعروضة في المزاد العلني، ووضع حل للمشاكل المختلفة، وتحقيق أفضل عملية بيع تعود بالمنفعة على الخزينة العامة للدولة.

توصيف

فبموجب محضر اجتماع اللجنة الذي صدّق من رئاسة مجلس الوزراء للتنفيذ الفوري، سيتم استبدال التوصيف السابق للسيارات المراد بيعها بالمزاد العلني بتوصيف موحد حسب النموذج المرفق لكافة الجهات العامة دون استثناء، ينظم من قبل الجهة المسلمة ويوقع من قبل المسلم والمستلم ويصادق عليه من المدير المختص. على أن يكون محضر التوصيف معد بشكل جيد ودقيق ومطبوع وليس مكتوب بخط اليد، “كما كان يتم في المزادات السابقة بخط اليد بدون تواقيع أو ختوم، ما يتيح المجال لإضافة أو حذف أية سيارة وفقاً للمصلحة الشخصية”.

 

ضوابط

ولعل الضوابط التي نص عليها المحضر  ستساهم إلى حد كبير من التسيب الحاصل في المزادات العلنية، وربما تقضي عليه في حال الالتزام بهذه الضوابط المتمثلة بالتعميم على الجهات العامة بالأوراق المتوجب تقديمها عند تسليم آلية ما إلى المؤسسة العامة للتجارة الخارجية للبيع في المزاد العلني كالحصول على موافقة بيع من رئاسة مجلس الوزراء، وترقين قيد خاص بالبيع من مديرية النقل، إضافة إلى بيان وضع (براءة ذمة) من مديرية الجمارك العامة، إلى جانب محضر التوصيف (استلام وتسليم الآلية) موثق بالصور (خارجي وداخلي على نسخة ورقية مصدقة والكترونية) ومصدق من قبل المدير المختص، وفق النموذج المقترح. على أن تقوم المؤسسة باستلام الآلية عند استكمال الأوراق المذكورة من قبل الجهة العامة والتصديق على صحة المحضر على أرض الواقع.

محروسة

ولم تتوقف هذه الإجراءات عند هذا الحد، بل لحظ محضر الاجتماع ضرورة اختيار مستودعات مغلقة ومحروسة جيداً، وذلك إما بإنشاء مستودعات جديدة خاصة أو تعديل مستودعات المؤسسة الحالية أو استئجار المستودعات المناسبة من الجهات العامة، وعدم ابقاء السيارات لدى الجهات العامة المالكة. وتكليف أمين مستودع خاص ومعاونه لكل مكان من أماكن استلام الآليات يقوم باستلام الآلية وإعداد محضر الاستلام والتسليم حسب النموذج المعتمد ويتم التوقيع عليه أصولاً.

وتضمن المحضر أيضاً الإعلان عن المزادات بشكل دوري كلّما اكتمل عدد معين (ما تستوعبه المستودعات المختارة من الآليات)، وعدم تجميع عدد كبير من الآليات لبيعها دفعة واحدة، حيث أن مدة الإعلان عن المزاد تتراوح بين 21– 25 يوم وتصل لـ 15 يوم عند الإعلان بالسرعة الكلية. ونعتقد أن تضمين المحضر “إنشاء موقع الكتروني خاص بالمزادات العلنية يتم الإعلان عن المزادات عن طريقه وتوضع فيه مواصفات وصور الآليات المعروضة للعموم” يأتي كخطوة أولى ضمن سياق الشفافية ووضوح العمل، ويمكننا قراءة إشارة المجتمعين إلى إمكانية تطويره لاحقاً ليشمل خيارات أخرى، خطوة أخرى لترسيخ هذه الشفافية.

واتفق المجتمعون أيضاً على أن إزالة الآلية المباعة عن قيود الجهة العامة كلياً بعد بيعها، تقع على مسؤولية الجهة العامة المالكة ومديرية النقل، على أن تقوم مديرية الجمارك العامة تزويد الجهة العامة المالكة بكافة الإجراءات اللازمة لتبرئة ذمة الآلية عند وجود إشكالات حول وضعها، وذلك لتتمكن من تنفيذ المطلوب بالسرعة الكلية وبيع  الآلية، حتى لا تبقى متوقفة لسنوات عرضة للاهتلاك وهدر المال العام دون التمكن من تسوية وضعها.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]