سفن المواشي تتوعد البيئة البحرية السورية…مياهنا الإقليمية “مدفن” الحيوانات النافقة

 

تعاني الموانئ السورية عبر مرفأي طرطوس واللاذقية من مخلفات السفن بشكل عام، ومخلفات سفن المواشي بشكل خاص، حيث تلجأ هذه السفن والمحملة بالحيوانات إلى رمي حيواناتها النافقة في عرض مياهنا الإقليمية دون أي رادع الأمر الذي  يسبب الكثير من المشكلات الصحية والبيئية، وبالتالي تعالي أصوات المحذرين هذه الظاهرة الخطيرة، وما ينجم عنها من مواد سامة تهدد ثروتنا السمكية، باتت تستوجب بالضرورة وضع حد لهذه السفن، وذلك وفقاً لبعض خبراء الزراعة الذين دقوا ناقوس خطر ما يهدد هذه الثروة من جهة، وما قد تلحقه هذه النفايات من أضرار بيئية من جهة ثانية.

نظام عام

ويؤكد أحد الخبراء المطلعين على هذا الأمر ضرورة إيجاد نظاما عاما يراقب حركة السفن وممارساتها في مياهنا الإقليمية، ويقوم بحظر إلقاء أو تصريف ملوثات أو أية نفايات سامة وخطرة من السفن أو غيرها في المياه الإقليمية، على أن تكون المعاقبة حاضرة لكل مخالفة سواء بالغرامة المالية أم الحبس، وإلزام المخالف بإزالة المخالفة. ويمكن  أن تصل  حجم المخالفة إلى حجز السفينة على اعتبار أن التخلص من الحيوانات النافقة في عرض البحر محظور.

ويبين التقرير الصادر عن مديرية الموانئ  بعض الإحصائيات  الخاصة بالمخلفات ورمي الحيوانات النافقة حيث أن كل ألف رأس غنم أو بقر محمل على متن أي سفينة بشكل عام، يكون بينها عشرة رؤوس نافقة، وقدر التقرير  عدد السفن الداخلة المياه الإقليمية يوميا بسفنتين لكل مرفأ على اقل تقدير  يكون استيعاب كل سفينة ما يقارب ألف رأس.

ويوضح مدير سابق في المديرية العامة للموانئ  أن العديد من سفن المواشي تؤم الموانئ السورية، ويكون هناك بعض الحيوانات النافقة على متنها، مشيراً إلى أنه أثناء منح السفينة حرية المخالطة من قبل دائرة الميناء المعني يتم إحصاء عدد الحيوانات النافقة من قبل عناصر الجمارك بموجب محضر، ويتم التأكد منه عند السفر،  مبينا قيام لجنة البيطرة التابعة لمديرية الزراعة بالكشف على هذه الحيوانات وأخذ تعهد على ربان السفينة بإبقاء هذه الحيوانات على متن السفينة ورميها بالبحر خارج المياه الإقليمية.

وتؤكد المديرية العامة للموانئ بكتابها رقم 2443/ف.م.ص تاريخ 18/12/2016 أن هذه الإجراءات  صحيحة في حال كانت السفينة ستقوم بالتفريغ والسفر فوراً، أما في حال بقاء السفينة ضمن المرفأ فترة طويلة تصل إلى الشهر لأسباب مختلفة  لاسيما الأسباب القاهرة كحصول عطل في محركات السفينة، فإنه يتوجب أن يكون هناك إجراء آخر للتعامل مع هذه الحيوانات النافقة خوفاً من انتشار الأوبئة والتلوث البيئي.

حادثة مضبوطة  

وبحسب المعلومات المتوفرة لدينا أنه بتاريخ 8/12/2016 أمت السفينة /جاناي/ تحمل علم /توغو/ ميناء طرطوس حمولتها /881/ رأس عجل حي من بينها /11/ رأس عجل نافق، وبسبب اضطرار السفينة للبقاء فترة طويلة تم التواصل من قبل دائرة ميناء طرطوس مع اللجنة البيطرية والحجر الصحي ومجلس مدينة طرطوس لنقل هذه العجول إلى المطامر التابعة لمجلس مدينة طرطوس، ولكن الأمر لم يتم بسبب اعتراض اللجنة البيطرية كونها غير مخولة بالموافقة على هذا الإجراء لتقيدها بالتعليمات الوزارية الخاصة بعملها.

كما بين رئيس شعبة الحجر الصحي البيطري –وفق أحد التقارير- بأنه يتم العمل بالتعليمات الوزارية، وعليه تم إحضار عدد من البراميل الفارغة من قبل وكيل السفينة وبحضور ممثلين عن ميناء طرطوس والجمارك، وقام بتقطيع العجول ووضعها بالبراميل الفارغة مع وجود مادة الكلس والمازوت وإغلاق هذه البراميل بإحكام للتخلص من الروائح وانتشار الأوبئة وإبقائها على متن السفينة لحين مغادرتها المرفأ تمهيدا لرميها خارج المياه الإقليمية السورية.

حجم المخاطر

أستاذ القانون البحري في جامعة تشرين الدكتور محمد سعيد  أوضح  حجم  الخطر الذي يتعرض له كلا المرفأين من رمي مخلفات السفن، ومنها سفن المواشي وما تسببه هذه المخلفات من أضرار بيئية وصحية، مشيرا إلى أن معاهدة ماربول التي تخص منع التلوث في البحار حددت في الملحق الخامس لها قواعد  وضوابط منع التلوث البحري، ومنها عدم السماح للسفن برمي مخلفاتها في البحار المغلقة. ويعتبر البحر الأبيض المتوسط ضمن هذا الاتفاق وهو من المناطق الخاصة بحسب المعاهدة التي نصت على أن تقطع الحيوانات النافقة وترمى في البحار المفتوحة على مسافة 12 ميل بحري عن أقرب شاطئ، وأنه يجب معالجة هذه الحيوانات وطحنها لأجزاء وبأقطار لا تتجاوز أكثر من 25 ملم، مؤكدا على ضرورة وجود المعدات والآليات اللازمة لذلك على ظهر السفن الخاصة المواشي، إلا أنه وللأسف غالبية سفن المواشي التي تؤوم المرافئ السورية لا تلتزم بذلك وبالتالي تضطر هذه السفن إلى رمي مخلفاتها بالقرب من الشواطئ السورية دون المراقبة ومنع هذه السفن  من رمي مخلفاتها.

وأضاف سعيد أن سورية من أوائل الدول الموقعة على هذه المعاهدة وانه يقع على عاتق المديرية العامة للموانئ متابعة هذا الموضوع ومراقبة السفن لاسيما أن المديرية تملك المعدات والمنشآت والحاويات الخاصة والكافية لاستقبال القمامة من السفن، مركزاً على ضرورة التدقيق على خطط السفن الخاصة بالتخلص من القمامة والتأكد من السجل الخاص بالسفن بمعالجة النفايات وما يسجل به من المعلومات المتعلقة بكل عملية من عمليات التخلص من النفايات ونوع القمامة الموجودة في السفينة، ومكان تنفيذ رمي المخلفات، وتحديد زمن وتاريخ الواقعة وحجم القمامة.

وأمام هذا الواقع يقع على وزارة النقل والمديرية العامة وبالتنسيق مع الجهات المعنية العمل على وضع تعليمات تراعي حالة تأخر سفر مثل هذه السفن مع تحديد المدة المسموحة لبقاء هذه الحيوانات النافقة على متنها، والسماح بنقلها إلى المطامر الخاصة بمجلس المدينة مقابل رسوم مناسبة، والتعامل معها كما يتم التعامل مع مخلفات السفن الصلبة وذلك بهدف تسهيل حركة سفن نقل المواشي وانسيابية عملها.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]