وصفة بسيطة في ظرفٍ معقد…بقلم:ناظم عيد

قد لا يبدو أن ثمة فرقاً كبيراً بين انتظار الإعلان عن أسماء أعضاء الفريق التنفيذي أو استباق “التشكيلة” بلائحة المهام الجِسام التي تنتظره.
إلّا أن في حساسية الموقف الاقتصادي والمعيشي ما يملي عرضاً هادئاً لأولويات متزاحمة، تخلو تماماً من أي خيار ترفيهي-كمالي، من المفيد الدفع بها سلفاً لتكون المعيار النظيف والمحكّم لتوزير حقائب المسؤوليات في زمنٍ لم يعد زمن امتيازات.
ولا نخفي أن قدراً عالياً من التفاؤل يحدونا للخوض في استشراف خارطة طريق حكومية جديدة ومختلفة، يتكئ على رصانة وثبات الخطوة الأولى في رحلة “ألف ميل” ستكون حافلة بما يدخل في خانة “عاجل ومصيري”، ففي تكليف من أوكلت إليه مهمة “الوزير الأول” جرعة أمل بالوصول إلى فريق عمل دؤوب، شعبي البوصلة استراتيجي الأفق، وهي الثنائية التي لا تقبل الإخلال بأحد طرفيها، وكان المهندس عماد خميس ماهراً في إدارة ميزانها، طيلة سنوات إدارته لقطاع تمتد أوصاله إلى كل مواطن وبيت وشارع ومؤسسة.
نعم بين الشعبي والاستراتيجي هنا يكمن اللغز الذي ينتظر مقاربة حله بأدوات يجب أن تكون بسيطة رغم تعقيدات الظرف العصيب، وعلينا ألّا نتوهم ونتخيل أجندات غائرة في عمق فلسفة الاقتصاد وسيكولوجيا المجتمع، لنتماهى مع تقعُّر وعمق الأزمة التي تعصف ببلدنا، ففي هواجس المواطن التقليدية ما يتكفّل بإعفائنا من عناء التكلّف في البحث عن الأولويات، وفي الوقت ذاته يحتضن بذور النجاح المأمول.
فإن كانت الحكومة السابقة قد فشلت في إدارة السوق والسيطرة على أسعار سلع سلّة المستهلك، من البدهي أن تكون فاتحة الأداء المرتقب من هذه الدائرة-الدوامة، ونرى أنه قد يكفي الاهتداء إلى عودة متوازنة لآلية التسعير المركزي اليومي، وتعديل التشريعات الناظمة للسوق، وتفعيل الرقابة التموينية ليس بدورياتها فحسب بل بصلاحياتها وبالجهات صاحبة الاختصاص في المحاسبة، لتعيد الحكومة التوازن الأكيد إلى السوق.
أما “عقدة” فرص العمل فلم تعد تحتمل المداولات في الغرف المغلقة لأنها أُشبعت بحثاً، وآن الأوان لإخراج ما تمت بلورته إلى ميدان التطبيق.. فالوصفة باتت جاهزة تحت عنوان المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونحن نبسّط المسألة أكثر ونقترح الاقتصار مرحلياً على المشاريع الصغيرة والأصغر، ففي هذه الحلقات البسيطة يختبئ الحل المستدام لمشكلة بطالة القوى العاملة ووسائل الإنتاج معاً، وبطرق تنموية لا تجميلية، كما جرت العادة في خيار التوظيف الاجتماعي الحكومي، ولا بأس أن نبدأ أولاً بالإرشاد الوظيفي والاستثماري لحائزي الكتل النقدية الصغيرة الجاهزة للاستثمار، ثم نشرع ببحث موضوع التمويل، وهو ملف شائك قد لا يكون من الممكن بحثه بفعالية في المدى المنظور.
من هذين المسارين “الشعبيين” نصل إلى المسار الثالث المصنّف استراتيجياً بامتياز والمتعلّق بالميزان التجاري ومؤشراته، لكنه لا ينفصل عن المسارين الشعبيين السابقين، فالسوق الداخلية لا تنفصل مطلقاً عن مؤثرات خطوط التجارة الخارجية، كما أن مخرجات المشاريع الصغيرة المنتظرة هي إما سلع للاستهلاك المحلي، أو أخرى تصديرية، وفي الحالتين نكون إما أمام وفورات في إنفاق القطع الأجنبي، أو تحقيق عائدات نحن بأمس الحاجة إليها.
هذه ببساطة عناوين المصافحة بين الحكومة والمواطن وبينها وبين المستقبل، وكل ما خلا ذلك يبدو تفاصيل – جارية- تأتي كتحصيل حاصل، وعلينا أن نكون متفائلين، لأن “الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]