المستهلك السوري على “محك” الفعالية الإيجابية..والوزارة تدعوه ليكون مراقب تمويني صادق..

دمشق – الخبير السوري:

لم يعد مجديا الحديث المتكرر عن الحلول المناسبة أو الدور الذي يجب أن تلعبه الوزارات والهيئات للمساهمة في تخفيض الأسعار أو ضبط السوق، فالواقع أثبت أن هناك العديد من الأيادي “غير البيضاء” تعيث فساداً في أسواقنا وتقوم على حماية مصالحها في السوق على حساب لقمة عيش المواطن، وضمن هذه المعادلة يبقى “المستهلك” هو الجانب الأضعف فيها، ورغم وجود الكثير من الجمعيات الأهلية التي تسعى للتأثير بالسوق وغيرها ممن يدعون التدخل الايجابي لفرض نوع من العدالة في السوق الداخلية، ومنح المستهلك جرعة تفاؤل أو السماح له “برتي” جزء كبير من احتياجاته إلا أن هذه الهيئات نفسها تحولت بشكل ما إلى جهات إعلانية لا أكثر أو اقل.

مسؤولية

وإذا حاولنا البحث جديا عن حلول واقعية ومنطقية تراعي جشع ليس فقط التجار وإنما المتدخلين ايجابيا في السوق، فإننا نرى بان المستهلك “الضحية” هو من يجب عليه أن يحارب هذه الجهات وليس غيره، وهو من تقع عليه المسؤولية في تفشي ظاهرات الغش والفساد، ومن هنا لابد من الدعوة إلى تفعيل المسؤولية الاجتماعية وبدء المستهلك بالدفاع عن نفسه واخذ دوره كلاعب أساسي في السوق.

تعاون

ولعل أكثر من يدعو إلى هذا التفعيل هي مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهنا يبين مديرها باسل الطحان الدور الكبير الذي يمكن أن يؤديه المستهلك في ضبط السوق والأسعار معاً، لأن معظم حالات الضبط التي تقوم بها الجهات المعنية من فساد وتلاعب بتركيبة المنتج وغيرها من الحالات كانت بالتعاون مع المستهلك، ويذكر الطحان أن عمليات الضبط تتعلق بمخالفات كثيرة منها عدم الإعلان عن الأسعار والتلاعب بها، وعدم إبراز الفواتير النظامية، وحيازة مواد منتهية الصلاحية، وضبوط بالمتاجرة بمواد مدعومة من قبل الدولة في بعض مؤسسات التدخل الايجابي. وجميع هذه الحالات كان للمستهلك دوره في كشفها، لذلك يؤكد طحان على أن يأخذ المستهلك دوره الكامل كمراقب أساسي ومهم في الأسواق، والمديرية بالتالي تتجاوب مع الشكاوي ومع المستهلك كمراقب وهناك حالات كثيرة تم فيها إغلاق معامل ومخازن وإتلاف سلع قيمتها بالملايين.

علاقة

المنتج لمادة ما هو بالضرورة مستهلك لمادة أخرى، ومن هنا يتوجب توعية جميع الفئات في المجتمع لأخذ الدور الايجابي في مراقبة ومحاسبة المتلاعبين بالأسعار أو استبدال فترة الصلاحية بأخرى من اجل إعادة السوق إلي توازنه، ورغم أن غالبية المستهلكين غير قاريين على كشف حالات الغش إلا أن هذا لا يلغي الدور الهام للمستهلك في ضبط الأسواق واقلها مقاطعة السلع غير الضرورية والاعتماد على الترشيد في حياة الأسرة اليومية بحسب رأي الدكتورة في جامعة دمشق  آلاء بركة التي أوضحت الأخطاء الجسيمة للمستهلك، ففي الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار يكون هناك طلب شديد على الكماليات، وهذا الطلب لا يتعلق فقط بمن هم الأحسن دخلا أو ميسوري الحال، بل يتعلق أيضاً بالشرائح الأقل دخلاً، مبينة أن البعض ممن اعتادو على نمط حياة معينة لم يعد بمقدورهم تغييره رغم تغير الواقع بأكمله، لدرجة وصل البعض فيها لتفضيل الكماليات على الضروريات، وهذا يدل على عدم قدرة الأسرة على إدارة الاقتصاد المنزلي، لذلك يحتاج المجتمع إلى توعية إعلامية عن طرق الإرشاد المنزلي واستبدال المهم بالأهم.

معادلة

يبدو أن سلوك المستهلك السوري لا يتناسب مع الأزمة الاقتصادية التي يعيشها بدليل غياب المسوؤلية الاجتماعية، لذلك يتحول المستهلك إلى سبب أساسي في خلق معظم مشكلات السوق، ويرمي باللوم الدائم على الجهات المعنية متناسياً أنه جزء هام من لعبة السوق، وهنا تشير بركة إلى أنه يجب علينا اتباع سلوكيات تتماهى مع واقع الحال من خلال إيقاف الطلب على معظم المواد والتقيد فقط في المواد الأساسية، علما أنه وخلال الأزمة أصبح التزايد كبير على جميع السلع دون استثناء بسبب تخوف المستهلك من فقدان مادة ما، والاستماع إلى الإشاعات التي تدعي ارتفاع الأسعار وتسبب بالفعل بارتفاعها، مبينة أن المعادلة هي أن زيادة الطلب على السلع يرفع ويضخم الأسعار، وبذلك تتحول الإشاعات إلى واقع، والغريب أن المستهلك مازال يقع في فخ تلك المعادلة ولم يتعلم منها بل تحولت إلى عادة سلوكية اجتماعية تنساق وراءها جميع الفئات في المجتمع.

حلول

نعود إلى التاجر الذي يسعى دائما لاقتناص الفرص واستغلال المواد الأساسية واحتكارها حتى يحصل الغلاء، ونتيجة غياب الوعي لدى المستهلك يزيد الطلب عليها، وفي الحلول التي طرحتها بركة في هذا السياق أنه يجب أن يكون هناك فهم اقتصادي حقيقي لدى التجار وإدراك أن ما يتم ربحه مؤقتا سيسبب خسارة كبيرة في وقت لاحق، لأن الغلاء وارتفاع الأسعار سيطاله أيضا لذلك لابد من اتباع سياسة السمسرة من جميع الأطراف في السوق وخاصة في وقت الأزمة، ونتمنى لو أخذت الحكومة دورها الحقيقي في السيطرة على المواد الأساسية وتوزيعها على منافذها البيعية منذ البداية لتكسر احتكار التجار، لكنا على الأقل حافظنا على سعرها أو سيطرنا على ارتفاعها. وعلى مستوى الحكومة فالحلول تكمن في الاعتماد على البيانات الواقعية للجهات الاقتصادية المسؤولة، واستخدام أسس وأساليب للتقدير والتنبؤ بالمستقبل الاقتصادي.

أخيرا  

علينا أن لا ننسى أن هذه الارتفاعات انعكست بشكل أو بآخر على حياتنا المعيشية من أجارات ومواصلات وغيرها، والغريب إلى الآن وبعد خمس سنوات لم يتغير سلوك المستهلك تجاه هذه المتغيرات، وبالتالي فالمستهلك اليوم مدعو أكثر من أي وقت مضى ليأخذ دوره الحقيقي، لاسيما من جهة الإدارة الحقيقية لاقتصاده المنزلي، وتحديداً من ناحية ترشيد استهلاكه واتباع سلوكيات إنفاق جديدة تتلائم مع الظروف الاقتصادية العامة المحيطة به.

ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]