دسم القطاع السياحي بعيد عن متناول ” رجالات الحلول الإسعافية” في زمن العوز…خيارات تبحث عمن يجدها..

مع أننا لا نختلف حول المسلمة القائلة بأن القطاع السياحي هو من القطاعات الأولى والأسرع التي تتأثر بالأحداث، لكنني أختلف مع القسم الأخر للمسلمة والقائل بأنه أخر من يتعافى، إذ أن قطاع السياحة برأينا المستند إلى خبرتنا به يعد من القطاع الأقدر على التعافي السريع لجملة من الأسباب نُرجئ الحديث فيها.
بالمقابل فالذي لا نحبذ إرجائه هو تلك الآراء التي لا تتقبل مجرد فكرة وجود نشاط سياحي سواء كان استثماري أو استقدام سياحي وخاصة في مثل هكذا ظروف حرب تمر بها سورية، ولعل أعلى سقف لها (أي الآراء) ترجمها السيد رئيس مجلس الوزراء خلال لقاءات حكومته بممثلي اتحاد العمال في مؤتمره الأخير في الشهر الأخير من العام الماضي، حين أعلنها صراحة عندما تعجب ممن يتحدث عن السياحة..في هكذا أوضاع..!.
موقف نكتفي بالتحفظ عليه، انطلاقا من قناعتنا بأنه سيكون لقطاع السياحة دورا رياديا واضحا وديناميكيا من لحظة أن تضع الحرب أوزارها، وهذا لا يجب أن يفهم منه أن هذا القطاع لم يكن خلال السنوات الأربعة في حالة سبات، بل على العكس، والدليل الإحصاءات والأرقام التي تحدثت وتتحدث عن نفسها.
مؤشرات أكثر من متفائلة
استثماريا – وعلى سبيل البيان لا الحصر- عندما تكون الحصيلة الطازجة لسوق الاستثمار السياحي حتى اللحظة، تَقَدُّم 21 مستثمرا بطلباتهم لاستثمار 18 موقعا ومشروعا سياحيا من أصل 32 مشروعا تم طرحها للاستثمار ضمن “العرض الترويجي” للسوق، وفي هذه الظروف التي يرى فيها البعض عامل تنفير لا تحفيز..!؟، متناسيا القاعدة الاقتصادية القائلة : “مخاطر أكثر = جدوى اقتصادية وأرباح أكبر”، وأن الفرص الكبيرة تولد من رحم الأزمات.
قد نجد العذر لذلك البعض إن كان لا يؤمن (رغم معرفتنا بأنه يعلم) بما أسلفنا، لكن العذر يسقط إن لم يستطيع ذلك البعض من تقليدية التعاطي مع قطاع لا يجب أن يكون تقليديا في كل مفاصله ومفاعيله، حيث الحكومات تبحث زمن الأزمات وكما يقال : ” بالسراج والفتيلة” عن مصدر دخل لخزينتها أيا كان ذلك المصدر، فكيف إن كان من السياحة التي تتجاوز بأبعادها المادي من الأهداف إلى المعنوي والإعلامي من خلال قدرتها على الترويج وإيصال الرسائل المختلفة.
العوائد تؤكد..وتحتاج..
وهنا يكفي أن نذكر بأن مبلغ الضريبة المحصلة من منشآت الإطعام في محافظة دمشق فقط وعددها 270 منشأة، قد وصلت إلى نحو 1.135 مليار ليرة منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية آب منه أي خلال 8 أشهر فقط، وذلك على الرغم من أنه من الممكن أن يتم تحصيل ضرائب أكبر للخزينة العامة في حال تم تشديد الرقابة على نشاط هذه المنشآت كما أكد لـ “البعث” وزير السياحة .
وبسبب المعوقات التي واجهت عمل الوزارة في مجال تأهيل الكثير من المنشآت السياحية وذلك بسبب عدم وجود تراخيص نظامية لهذه المنشآت، قامت الوزارة بالعمل مع وزارة المالية على إعداد المرسوم 11 الخاص برسم الإنفاق الاستهلاكي للوصول إلى طريقة تم السماح منه خلالها للوزارة بتأهيل هذه المنشآت على الوضع الراهن بهدف تحصيل الضرائب من هذه المنشآت ورفد الخزينة بإيرادات ضريبية جيدة.
واستطاعت الوزارة منذ تشكيل اللجان أن تقوم بتأهيل أكثر من 160 منشأة على وضعها الراهن بما في ذلك المنشآت السياحية في المولات وتمت موافاة وزارة المالية بقوائم تضم هذه المنشآت ليصار إلى تحصيل الضرائب المترتبة على هذه المنشآت لمصلحة الخزينة العامة.
الجديد فيما يعد له
وعلى اعتبار أن الضريبة في المنشآت السياحية تحدد وفقاً للتصنيف وبهدف الوصول إلى المطابقة بين التصنيف المالي والتصنيف السياحي تم إعداد قرار من الوزارة خاص في موضوع الأسعار للمنشآت السياحية بحيث يتم الوصول إلى هذه المطابقة وتم تشكيل لجان لدراسة المنشآت والوقوف على واقع عملها بهدف تحديد أرباحها للوصول إلى العدالة في تكليف الضريبة قدر الإمكان.
إذا إقبال استثماري على المشاريع المطروحة، و بالمقابل تحصيلات ضريبية تتحقق وستتنامى إن قُدِّم لسياحتنا وإدارتها ما يستحق من اهتمام ودعم نأمل أن يترجما فيما تعد له وزارة السياحة حاليا تحت عنوان “المشاريع الخاصة” وذلك من خلال ملتقى خاص بالمشاريع المتعثرة، ينطلق في خصوصيته من إمكانية إيجاد شريك خاص للمشروعات المتوقفة أو من خلال إيجاد شريك يقوم بالاقتراض من المصارف العامة وفق اتفاق يضمن الرضا لكلا الطرفين، وهذا موضوع يعد ترجمة لقانون التشاركية الذي صدر.
بانتظار البت فيها
طروحات وتوصيات عديدة لا تزال تنتظر، نؤكد ضرورة الاستجابة لها، ومنها تأسيس شركة خاصة قابضة من المصارف المعنية والمستثمرين بنسب أسهم خاصة لبعض المشاريع، ومنها أيضا اقتراح أن يتم تعديل بعض قرارات المصرف المركزي مثل السماح للمصارف الخاصة بشراء القروض المتعثرة من المصارف العامة، بحيث يقوم المصرف الخاص وفق ضمانات محددة بشراء القرض من المصرف العام، وهناك اقتراح بضمان القروض المتعثرة لدى المصارف العامة بوضع ودائع تعادل قيمتها.
ومن التوصيات أيضاً اقتراح إصدار مرسوم لجدولة القروض مع إعفاء هذه القروض من الفوائد وغرامات التأخير، وهو بحاجة إلى دراسة لمعرفة العبء المتحقق على الدولة نتيجة لهذا المرسوم، وهناك اقتراح بإصدار مرسوم لتجميد الفوائد والغرامات خلال فترة الأزمة.
أما بالنسبة للمشاريع التي تتمتع بنسبة إنجاز عالية، ومنها ما يعتبر إستراتيجية، فهناك مقترح بإمكانية أن يتم منحها قروضاً إسعافية من المصارف لإكمال إنجاز هذه المشاريع ووضعها في الاستثمار، وفق معايير يتم تحديدها على أن تكون مشاريع إستراتيجية وصلت نسبة إنجازها إلى 90% بشروط إقراض ميسرة وبفائدة منخفضة وفترة سماح أكبر إلى حين وضعها بالاستثمار.
أما بعد
هذا وغيره ما يشفع لقطاعنا السياحي ويدعونا للسير في تمكينه من تنفيذ ملفاته وأجنداته، إذ لا يمكن أن يمر مؤشر عودة 70% من إجمالي المشاريع والمنشآت إلى العمل في سورية خلال عام 2015، مرور الكرام، وخاصة بعد كان 90% منها متوقفا عن العمل، وليس هذا فحسب فقد وصل عدد منشآت المنامة التي تم افتتاحها في العام نفسه إلى 15 منشأة، في حين وصل عدد منشآت الإطعام إلى أكثر من 350 منشأة، وفوق ذلك تحقيق 225 ألف ليلة فندقية..، ما يعني أن القطاع السياحي قادر على تأمين فرص عمل للكثير من طالبيها، إضافة لما تعكسه المنشآت السياحية في محيطها من تنمية اقتصادية و اجتماعية و فرص غير عمل مباشرة.
الخبير السوري – البعث – قسيم دحدل

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]