وزير ” التموين” السابق يتهم وزارة الزراعة بسوء التخطيط…ويسرد حكاية البصل الشهيرة من ألفها إلى يائها

الخبير السوري:

كتب الدكتور عمرو سالم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق على صفحته الشخصيّة:

ذكرتني الضجّة التي أثيرت حول قرار السماح باستيراد البطاطا والثوم بموضوع البصل الذي أخذ ضجّة غير مسبوقة.
ليس دفاعاً عن قرار رئيس مجلس الوزراء ، لكن لا بد من توضيح الحقيقة.
مواعيد محاصيل الخضار في دول العالم تختلف باختلاف مناخ ومناطق هذه الدول.
فيبدأ إنتاج البطاطا أو البصل أو الثوم في شهر معين في إحدى الدول بينما تكون دول أخرى بحاجةٍ لهذا المحصول في نفس الوقت.
ولذلك، فإن جميع دول العالم المنتجة لمحصولٍ ما تقوم بتصدير الفائض من هذا المحصول في موسمه وتستورده خارج موسمه.. وذلك لكي لا يكسد ويخسر الفلاحون.
وبعض المحاصيل لا تخزن لا بالتبريد ولا بالتجفيف، فالطلب العالمي على الطازج يختلف كثيراً عن المجفف أو المخزن.
المشكلة ليست في تصديره في موسم واستيراده خارج الموسم.
بل بتحديد الكميات المنتجة والفائض الحقيقي. وفي الوقت المناسب.
فعندما يكسد يخسر المزارع ويتوقف عن زراعته في العام القادم ويقل الانتاج.
وعندما يقل العرض ترتفع الأسعار بشكل كبير ولا يستفيد منها إلا التجار.
المشكلة ليست في مجلس الوزراء ولا في وزارة الاقتصاد.. بل هي في وزارة الزراعة التي لها مكاتب ومديريات في جميع المحافظات وتطّلع على الإنتاج.
فإذا قدرت كميات الإنتاج بشكلٍ خاطئ ولم تتنبه للفائض أو النقص في وقته فإنها تسبب  بأزمات للمواطن وللمزارع وللزراعة عموماً.
فقرار السماح باستيراد البطاطا والثوم هو قرار صحيح لكنه متأخر فالأسعار قد ارتفعت.
وهنا أعود للبصل الذي لم يبق أحد إلا وأبدى غضبه حينها وما زال البعض يرددها وقيل وزير البصل.. والبصل على البطاقة الذكية.. ولم أشأ حينها أن أرد، وتقبلت تحمل الكلام الذي خرج عن الأدب والمنطق.
لكن، بما أن الأزمة تتكرر، لا بد من وصف الحقيقة تماماُ لكي لا تتكرر المشكلة التي أجدها تتكرر:
– تقدم السيد وزير الزراعة بكتاب يبين فيه أن الانتاج المتوقع للبصل هو ٦٣٧٢٩ طن. وأن حاجة السوق المحليّة هي ٥٩٥٠٠ طن. وأن هناك فائضاً مقداره ٣٥٩١ طن.
وطلب فيه السماح بتصدير البصل.
– رأت اللجنة الاقتصادية التريث بالسماح بالتصدير حتى يتبين الواقع.
– أعاد السيد وزير الزراعة إرسال كتاب يجدد فيه نفس الأرقام مع بداية العروة (الموسم).
– وافق السيد رئيس مجلس الوزراء على تأييد مقترح وزارة الزراعة بتصدير كمية ٣٦٠٠ طن من البصل.
– أثناء الموسم بدأت أسعار البصل ترتفع بشكل كبير وسريع. وبناءً على دراسة السوق، أرسلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كتاباُ تبين فيه أن العرض أقل من الطلب وبينت الإرتفاع الكبير في أسعار البصل.. وطلبت السماح للمستوردين باستيراد ٢٠٠٠٠ طن لسد الحاجة في الموسم.
– لم تتم الموافقة على الطلب.
– استمر ارتفاع الأسعار إلى حدود غير مقبولة.. فقامت وزارة التجارة بإرسال كتاب جديد تحذر فيه من هذا الارتفاع وخفضت الكمية المطلوب بالسماح باستيرادها إلى ١٠٠٠٠ طن. لكن تم الرفض اعتماداً على أرقام وزارة الزراعة بالنسبة للإنتاج.
– عند وصول الأسعار إلى مستوى خيالي وبعد جرد المستودعات الفارغة للتجار، أرسلت وزارة التجارة كتاباً تبين فيه الخطر، وخفضت الكمية المطلوب السماح باستيرادها إلى ٥٠٠٠ طن.
– عندها وافقت اللجنة الاقتصادية على مقترح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
– لكنها خفضت الكمية إلى ٢٠٠٠ طن ووضعت شرطاُ لم تطلبه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وهو أن تستورد الكمية لصالح السورية للتجارة وألَا يتم بيعها للتجار.. بل تباع للمواطنين في صالات السوريّة للتجارة.
– أجرت السورية للتجارة مناقصةً علنيّة بين أسماء التجار التي وافاهم بها اتحاد غرف الزراعة وقسمت الكمية على التجار بحسب الكميات التي التزموا باستيرادها.
– ولعلم وزارة التجارة الداخلية بأن الكمية هي أقل بكثير من المطلوب، وبما أن القرار ألزم وزارة التجارة الداخلية ببيعها في صالات السورية للتجارة وللمواطنين حصراً. فإن وزارة التجارة طلبت من السورية للتجارة البيع عن طريق البطاقة الذكية بنفس السعر للمدعومين والمستبعدين لضمان وصولها إلى المواطنين وليس للتجار. لكي لا يحصل احتكار جديد.
– عندما ضج الإعلام بموضوع البصل ووصل إلى مستوى غير مسبوق نشرت وكالة سانا تصريحاً للسيد وزير الزراعة تقول فيه:”أكد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا أن انتاج سورية من البصل العام الفائت بلغ ٤٢٠٠٠ طن وهو أقل من احتياج السوق مشيراً إلى أن العجز بالإنتاج تتم تغطيته بالاستيراد”.
– وهذا يعني أن الإنتاج بلغ ٤٢٠٠٠ طن، بينما الكميات التي ذكرتها وزارة الزراعة عندما طلبت السماح بالتصدير هي ٦٣٧٢٩ طن.
– أي أن الخطأ هو ٢١٧٢٩ طن. أي أن نسبة خطأ ارقام وزارة الزراعة هو ٣٤%!.
– كما أن الكميات التي سمح باستيرادها هي ٢٠٠٠ طن فقط بينما النقص هو ٢١٧٢٩. أي سمح باستيراد ١٠% من المطلوب.
إذاً المشكلة ليست في القرارات، بل بالأرقام التي يتم تقديمها لصاحب القرار.

كل هذا التخبط والأرقام الخاطئة ويتم حصر المشكلة والأزمة في بيع البصل بالبطاقة الذكية ……
الدكتور عمرو نذير سالم

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]