باقة الورد بـ700 ألف و”الدبدوب” حتى المليون ونصف.. اللون الأحمر بات ” كاحتاً” والحب في القلوب لا في الجيوب هذا العام

الخبير السوري:

لم يعد ألون الأحمر يعرف طريقه إلى واجهات المتاجر السورية كما سلف، فالأزمات المتتالية والكثيرة فرضت ألوانها المثقلة بالهموم على السلع كما على الأشخاص في مجتمعنا، فغلب الرمادي الباهت على المشهد برمته، فلا الهدايا الحمراء “تزين” المحال والأزقة، ولا الورود الأحمراء وجدت مكانها على الأرصفة العتيقة لتعانق خواطر الفقراء، لا بل يمكن الجزم بأن “الكافيات” لم تعد تحتضن أحلام عشاقها كما كانت في عيدهم.

أسعار جنونية

أكد هاني (38 سنة) وهو صاحب محل أزهار، أن هذا العيد يشعره بالقلق والخيبة، ويقول: ليس لدي ألا عدد محدود من الورود الحمراء، وربما لا أستطيع هذا العيد تزويد محلي بأكثر من 150 وردة طبيعية، ويعزو ذلك للتكلفة الباهظة جداً من حيث ثمن الورود الطبيعية والإصطناعية، والهدايا ومستلزماتها من إكسسوارات وشرائط “سولفان” وأوراق نايلون ملون وغيرها، بالإضافة لإيجار محله المرتفع وأجور النقل.

  • 35 ألف ليرة سعر الجملة للوردة الطبيعية ذات اللون الأحمر من دون لفها والاصطناعية 25 ألفاً

ويضيف: مع العلم أن محلي يقع في موقع إستراتيجي، فقد كنت في العام الماضي أبتاع 600 وردة حمراء في مثل هذه المناسبات، أما اليوم بلغ سعر الجملة للوردة الواحدة ذات اللون الأحمر والطبيعية 35000 من دون لفها، أما سعر الجملة للوردة الإصطناعية الواحدة من المخمل الأحمر 25000 ليرة من دون شرائط الزينة، أما باقي البوكسات الأخرى من الورود ذوات الألوان المختلفة والباقات فيبلغ 700 ألف ليرة وما فوق، أما بالنسبة للـ”دباديب” الحمراء وغير الحمراء، فيبلغ سعر الصغير منها 400 ألف ليرة، ويصل الكبير منها إلى سعر مليون ونص المليون وأكثر وفق رأيه.

أما سعيد والذي يحضر لأول عيد عشاق يجمعه بحبيبته وخطيبته هذا العام تحدث قائلاً: راتبي كموظف يبلغ حوالي 250 ألف ليرة، وأردت اختيار هدية رمزية يدوية الصنع باعتبارها أقل كلفة، وهي عبارة عن لوحة حرق على الخشب، ولكن رغم ذلك بلغت كلفتها 65 ألف ليرة، فيما كان سعر الوردة الحمراء 40 ألفاً، أما تغليفهما 15000 ليبلغ المجمل 120 ألف ليرة، مردفاً: إن هذه المناسبة ستقضي على نصف راتبي.

وفي مكان آخر تزدحم مطبعة أسامة المجهزة للتوزيع على الزبائن وحسب الطلب، من النقش على الهدايا وطباعة الأسماء على التذكارات والوسائد بالليزر وغيره، وهذا المتجر بتقنياته البسيطة يشهد إقبالاً كل عام حسب رأيه، ولكن هذا العام يشعر بالقلق لأن لأسعار ليست في متناول جميع فئة الشباب.

  • نوفل: بالرغم من الصعوبات التي يواجهها الناس في هذه الأوقات إلا أن الحب قد يتخطى حدود الأسعار ولو بأقل إمكانياتهم

ووفق ما أكدته خبيرة علم الاجتماع روان نوفل، خلال حديثها لـ”تشرين”، بأنه وعلى الرغم من أن عيد الحب مصطلح مسقط من ثقافات أخرى غربية، ولا يمت للمجتمع الشرقي بصلة، إلا أنه يلاقي ترحيب عند البعض، وخاصة اليافعين منهم، ومع ذلك نجد عيد الحب فرصة للاحتفال بالمشاعر الصادقة وإظهار الحب والعناية بالطرف الآخر بطرق وجدانية جميلة، فبالرغم من الصعوبات التي قد يواجهها الناس في هذه الأوقات، إلا أن الحب قد يتخطى حدود الأسعار ولو بأقل إمكانياتهم.

ولفتت نوفل إلى ضرورة ألا ننسى ما تخلفه الكلمات الودية والابتسامات الدافئة من أثر في القلوب سواء في عيد الحب أو غيره، إذ يكون تأثيرها أقوى من أي هدية باهظة الثمن حسب رأيها، لكن رغم ذلك نجد أن عيد الحب فرصة للتجارة المربحة وموسم ربحي ينتظره كثيرون.

  • خبير اقتصادي: يمكن أن يعبر عن الحب بطرق بسيطة تناسب الوضع الحالي ومن دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ كبيرة تخدش الجيوب الفقيرة

ارتفاع الأسعار

من جهته أوضح الخبير الاقتصادي مجد مربيه أن ارتفاع الأسعار هذا العام وعلى كل السلع مرتبطة أشد الارتباط بالتضخم الاقتصادي، والذي يحول دون الاحتفال بعيد الحب بشكله التقليدي “إلا من رحم ربي”، ولكن الحاجة أم الاختراع، فمن الممكن ابتكار طرق جديدة ومختلفة للاحتفال بتلك المناسبة الخاصة، فالحب يمكن أن يعبر عنه بطرق بسيطة تناسب الوضع الحالي ومن دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ كبيرة تخدش الجيوب الفقيرة، وقد تكون الهدية الرمزية تحمل في مكنوناتها مشاعر حقيقية وصادقة، وكحلول بديلة وعفوية يمكن للأزواج أو الأحباء قضاء وقت ممتع معاً في المنزل أو التجول في أماكن طبيعية جميلة من دون الحاجة إلى إنفاق الكثير من المال، بطرق تبرز الرومانسية في علاقاتهم، من دون الإخلال والندم على ميزانيتهم، فالحب والعناية لا تقاس بالأموال، بل تظهر من خلال اللحظات المميزة والاهتمام المبادل بين الأحباء وليس لها وقت معين، ويقول: صحيح أن البعض يرى أن هذا اليوم أصبح له أبعاداً شاعرية، وبغض النظر عن التكاليف إلا أنه يستطيع أن يظهر الأشخاص قوة الحب والوفاء وتقدير العلاقات الحميمة بأقل ما يمكن.

وأشار مربيه إلى أنه وعلى الرغم أن عيد الحب ذو قالب أوروبي، إلا أنه يحجم الحب ويحصره في زمان معين بعيداً عن المنطق الوجداني، فالحب ليس له زمان معين لنترجم ما نشعر به اتجاه من نحب.

ويختم أنه في ظل ارتفاع الأسعار والتحديات الاقتصادية التي تعصف بالكثير من الأسر في سورية، إلا أن عيد الحب فرصة سانحة للاحتفال بالمشاعر الصادقة ويمكن للحب أن يتخطى حدود الأسعار…تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]