” بزنس الفقراء” في ورطة…مصارف التمويل الأصغر حائرة ؟!

الخبير السوري:

تحولت قروض مصارف التمويل الصغير ذات الفوائد العالية جداً إلى عبء ثقيل على كاهل المقترض، وربما تجارة مربحة بغطاء قانوني، وفي النهاية، فإن المقترض هو الخاسر الأكبر، مادامت تلك المصارف ترتب فوائد أعلى بكثير من القرض الذي تمنحه.

صعوبات معيشية

ويعاني الكثير من السوريين صعوبات معيشية نتيجة تردي الوضع الاقتصادي بفعل منعكسات الحرب طوال عشر سنوات مضت، والعقوبات الاقتصادية أيضاً، ما دفع نسبة كبيرة منهم إلى الاقتراض من تلك المصارف، باعتبار أنها وجدت من أجل منحهم المال بأيسر شروط وضمانات أقل.

فائدة كبيرة

وترتفع الفوائد التي تطبقها جميع مصارف التمويل الصغير على قروضها ليصل أدنى معدل فائدة إلى 18%، ويرتفع إلى 24%، وهذه المعدلات تظهر جلية ضمن المنتجات والخدمات التي تعرضها تلك المصارف في مواقعها الإلكترونية أو التطبيقات البرمجية الخاصة بها.

  • هارون: ارتفاع الكلف التشغيلية وسعر الصرف والتضخم وراء رفع معدلات الفائدة

فالقرض الذي يصل سقفه إلى 30 مليون ليرة لمدة عشر سنوات، وبفائدة 18% فإنّ المقترض سيجد نفسه مضطراً لإعادة مبلغ القرض مع الفائدة 84 مليون ليرة، فكيف إذا تجاوز معدل الفائدة النسبة المذكورة..؟

لهذه الأسباب

ولعلّ أهم الأسباب التي تتحكم بمعدلات الفائدة المرتفعة في مصارف التمويل الأصغر، الوضع الاقتصادي العام، وكذلك سيولة المصرف وأيضاً الكلف التشغيلية لعمليات الإقراض، إذ يرى منير هارون المدير التنفيذي لمصرف الوطنية للتمويل الأصغر أن أول الأسباب التي دفعت مصارف التمويل لرفع معدلات الفائدة على الإقراض، هو قيام المصرف المركزي برفع أسعار الفائدة على الودائع، لذلك كان من الضروري أن تقوم مصارف التمويل برفع الفوائد على الإقراض لتغطية الكلف التشغيلية للودائع، ناهيك بارتفاع سعر الصرف و التضخم اللذين أثّرا بشكل مباشر في أسعار مستلزمات عمل تلك المصارف من طابعات وأحبار وشاشات وأجهزة تنظيم الدور، وكذلك حواسب، وغيرها الكثير من مستلزمات التوسع الجغرافي لمصارف التمويل الأصغر.

ذو مخاطر مرتفعة

وكل ما سبق ذكره وفق تأكيد هارون متعلق بالاقتصاد الكلي، في حين أن عمل مصارف التمويل الأصغر ذو مخاطر عالية، لكونها تمنح القروض لمتعاملين ليس لديهم وثائق ومستندات تثبت نشاطهم بشكل دقيق، كالنفقات والأرباح، وكذلك التدفقات النقدية، لذلك فإنّ أسعار الفائدة مرتفعة في جميع مصارف التمويل الأصغر في العالم وليس محلياً فقط، معتبراً أن الفوائد المطبقة على قروض مصرف الوطنية هي الأقل بين المصارف المثيلة، ذلك أن التركيز دائماً موجه نحو دعم استدامة المشاريع التي تمولها على حساب تحقيق الأرباح، وفي الوقت نفسه نحاول استقطاب الودائع والحسابات الجارية حتى نخفض الكلف المرجحة للفوائد.

مرهون بالتحسن

إنّ استقرار الوضع الاقتصادي وتحسنه سينعكس على أسعار الفائدة، ذلك أن ارتفاع كلف التشغيل ولاسيما أسعار حوامل الطاقة بحسب هارون دفع الكثيرين إلى الإحجام عن تأسيس مشاريع، في وقت يُعول فيه على مصارف التمويل الأصغر بدعم إقامة المشاريع وضمان استدامتها.

فوائد وعيوب

وتقدم مصارف التمويل الأصغر القروض للأفراد الذين لا يمكنهم الاقتراض من المصارف التقليدية، وخصوصاً في المناطق الريفية، لذلك تُلخص فوائدها برأي وزيرة الاقتصاد والتجارة الخارجية السابقة الدكتورة لمياء عاصي، بتمكين الأفراد بغض النظر عن إمكاناتهم في تأسيس مشاريع صغيرة عبر توفير رأس مال صغير للبدء بمشاريع أو توسيعها، في حين أن أبرز عيوبها، هو ارتفاع سعر وحجم الفوائد المطبقة على قروضها نظراً لارتفاع التكلفة المالية لهذه المؤسسات أو المصارف، ولكن يبقى السؤال:

  • عاصي: التمويل الصغير محاط بالمخاطر الائتمانية وعوامل تتحكم بأسعار الفائدة

هل ما ينطبق على المصارف التقليدية، من أسعار فائدة يحددها المصرف المركزي، لا ينطبق على مصارف التمويل…؟

إشرافي وتنظيمي

البنك المركزي يضطلع بدور إشرافي وتنظيمي بالنسبة لسعر الفائدة، فبحسب الدكتورة عاصي أن المركزي يحدد الحد الأدنى لسعر الفائدة على الودائع لمدة شهر وهذا السعر يشمل المصارف التقليدية ومصارف التمويل الصغير أيضاً حسب معايير، منها حجم العرض والطلب على الائتمان ومعدلات التضخم وسعر الصرف ومؤشرات أخرى.

أسباب منطقية

وتتقاضى مؤسسات التمويل الصغير فوائد أعلى من المصارف التقليدية لأسباب منطقية تتعلق بحجم المخاطرة الناجمة عن إمكانية تعثر هذه القروض والتكاليف المالية وبسبب المخاطر الائتمانية، ومعدلات التضخم المرتفعة، ومع ذلك، ترى الدكتورة عاصي أنه يمكن للبنك المركزي التدخل في سوق التمويل الصغير من خلال توفير التمويل أو الدعم المالي للمؤسسات المالية المتخصصة في هذا المجال، وذلك لتوفير تمويل بأسعار فائدة معقولة للمستهلكين.

 

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]