حل اللغز! لماذا يصاب الطيارون بسرطان البروستات؟

 

الخبير السوري:

عثر الباحثون على أول دليلٍ على السبب في إصابة الطيارين العسكريين بسرطان البروستات.

ونشرت مجلة «ديفنس وان» التي تهتم بشؤون السياسة والأعمال والتكنولوجيا الخاصة بالدفاع تقريرًا لتارا كوب، مراسلة الموقع في البنتاجون، حول مسببات إصابة الطيارين العسكريين الأمريكيين بسرطان البروستاتا، موضحةً أن هناك جرَّاحًا عسكريًّا بارزًا يرى أن مفتاح معرفة أسباب ذلك قد يكمن في الحمض النووي لهؤلاء الطيارين.

 

وتستهل الكاتبة مقالها بالقول: بينما يحصل الطيارون العسكريون على أول اعترافٍ بأنهم أكثر عرضةً للإصابة بأنواعٍ معينةٍ من السرطان، فإنهم ما زالوا لا يعرفون السبب الذي يقف وراء ذلك، سواءً كان ذلك شيئًا ما في قُمْرة الطيار أو على أسطح الطيران – أو شيئًا غير ذي صلة تمامًا – كانوا قد تعرضوا له خلال حياتهم المهنية في مجال الطيران.

 

لكن إحدى الدراسات تراهن على أن الإجابة قد تكون موجودة في خلاياهم وفي الحمض النووي لديهم.

 

مثيلة الحمض النووي تسبق طفرة السرطان

 

يشير التقرير إلى أن الدكتور جيفري جونز، وهو جراح طيران وقبطان بحري متقاعد، والرئيس الحالي لطب المسالك البولية في المركز الطبي للمحاربين القدامى في هيوستن، يُجرِي دراسة للنظر في إحدى العلامات التي يتركها التعرُّض السام لموادٍ مختلفةٍ على خلايا الطيارين العسكريين الذين شُخِّصت إصابتهم بسرطان البروستاتا، وقال جونز إن هذه العلامة، التي تسمى مثيلة الحمض النووي (DNA methylation)، تسبق في الغالب طفرة تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

 

وقال جونز: «إذا وجدنا هذه العلامات من المثيلة، فغالبًا ما يكون السرطان قريبًا جدًّا؛ بعبارة أخرى، كان هناك تغيرات مرتبطة ببعض التعرُّض الذي أدَّى إلى ظهور المثيلة، ثم تطورت الخلية إلى ورم سرطاني صريح لاحقًا؛ لذلك يبدو أن هناك تطورًا يحدث من الحالة «الطبيعية» وصولًا إلى المثيلة، الذي يؤدي إلى سرطان فيما بعد».

 

والفكرة تكمن في اختلاف أنواع التعرُّض، سواءً للمذيبات أو الأبخرة أو الإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعث من الرادارات والصمامات المفرَّغة في الرادارات، والذي يُنتِج نمط مثيلة يمكن تمييزه، سواءً كان موجودًا على جديلة الحمض النووي أم على مكونٍ آخر من المكونات المجهرية للخلية.

 

يقول جونز: «لا نعتقد أنه سيكون الشيء نفسه بالضبط، لكننا نعتقد أنه سيكون نمطًا مشابهًا لذلك نأمل في التعرف إليه»، وتشير الكاتبة إلى أن الأمر يشبه استخدام النظر إلى أنماط المثيلة لإظهار الروابط بين تدخين السجائر والسرطان.

 

آثار التعرض للسموم على الخلية

 

وقال جونز إن باحثيه سيبحثون أيضًا عن بصمات أخرى يمكن أن يتركها التعرُّض للسموم على الحمض النووي أو في أي مكان آخر في الخلية، وقال إن هذه قد تشمل أنواعًا معينة من الانحرافات الصبغية وتعديلات رقم النسخ، والتي تحدث عندما تتغير أعداد نسخ جين معين يجرى تكرارها، والطفرات الأخرى للحمض النووي أو الحمض النووي للميتوكوندريا.

 

ويضغط مايك كروسبي، قائد متقاعد بالبحرية خدم بصفته ضابط اعتراض رادار على مقاتلة من طراز توم كات إف-14، ويقود الآن المنظمة غير الربحية «المحاربين القدامى للتوعية بسرطان البروستاتا»، على القطاع الصناعي لدراسة مستويات الإشعاع الذي ينبعث من كل قطعة من المعدات وأنواعه.

 

قضى الطيارون مئات، وأحيانًا آلاف الساعات، جالسين خلف معدات إلكترونيات الطيران القوية المثبتة في مخروط مقدمة المقاتلة توم كات، ويتساءل كروسبي: هل هناك حماية كافية في تلك الطائرات القديمة أم لا؛ يقول كروسبي: «تأخرنا كثيرًا لاختبار أجهزة قُمْرة القيادة لقياس التأثيرات الإشعاعية التي يتعرض الطيارون لها».

 

إنها مشكلة لا تكاد تخص الطيارين العسكريين، وعلى مدار سنوات، كان أفراد الخدمة الذين اشتبهوا في أن إصابتهم بالسرطان أو أمراض أخرى ناتجةً عن التعرُّض للمواد السامة – على سبيل المثال استنشاق الجسيمات من حُفَر الإحراق الكبيرة أو التعرُّض لمخاطر الإشعاع أو الأسلحة الكيماوية – عانوا لكي تعترف وزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية بمطالبهم.

 

وتشير الكاتبة إلى أن ذلك بدأ يتغير، وبدأت موجة من التشريعات والزخم الذي ولَّدته منظمات المحاربين القدامى الخاصة وداخل وزارة شؤون المحاربين القدامى في تحمل العبء عن المحاربين القدامى؛ لإثبات الرابط بين خدمتهم العسكرية والمرض؛ يقول جونز: «من الصعب للغاية تحديد هل يسبب تعرُّضٌ محددٌ تأثيرًا معينًا في وقتٍ لاحقٍ أم لا؛ وهذا هو السبب في أننا نحتاج إلى البحث عن أنماط التغيير التي تعد متشابهةً لدى هؤلاء الأفراد، والتي يمكن أن تحدد البصمة الجزيئية، والبدء في إسناد أنواع مختلفة من التعرُّض».

 

ستقتصر الدراسة على أنواع سرطان البروستاتا لتقليل المتغيرات تقليلًا أكبر، وقال جونز إن سرطان البروستاتا يظهر بطريقة مماثلة في حوالي 85% من الرجال، لكنها أيضًا مسألة شخصية تخص جونز، إذ إنه بصفته جراح طيران في البحرية، كُلِّف بالعمل في سلاح مشاة البحرية الأمريكية، وطار مئات الساعات على مجموعة متنوعة من الطائرات، بما في ذلك إي إيه-6 بي براولر وإف-18 هورنيت وإيه إتش-1 وسي-40 وسي-130.

 

وفي عام 2019، بعدما بلغ 59 عامًا، جرى تشخيصه أيضًا بالإصابة بسرطان البروستاتا.

 

وأفاد التقرير أن هناك دراسة أجرتها القوات الجوية ونُشرت في وقت سابق من العام الجاري، وجدت أن الطيارين كانوا عرضةً للإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 23% أكثر من أفراد الخدمة غير الطائرة، وبنسبة 19% أكثر من عامة السكان في الولايات المتحدة.

 

وقال جونز إن نحو ألف من قدامى المحاربين في مجال الطيران العسكري سجَّلوا ليكونوا جزءًا من الدراسة، التي تدعمها منظمة «المحاربين القدامى للتوعية بسرطان البروستاتا». وستفحص الدراسة تاريخ الخدمة لهؤلاء المحاربين القدامى؛ أين خدموا، وما الطائرات التي حلَّقوا بها، وما هي الذخائر والمعدات التي كانت على متن تلك الطائرات، والعوامل الصحية الأخرى للبدء في حصر الأسباب.

 

وفي ختام تقريرها، توضح المراسلة أن الدراسة لم تبدأ بعد، ولا يزال جونز وآخرون يعملون لجمع تمويلها، واستضافة حملة لجمع التبرعات بوجود المحاربين القدامى للتوعية بسرطان البروستاتا على متن حاملة الطائرات المتقاعدة يو إس إس ميدواي في سان دييجو.

 

ساسة بوست

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]