الطلاب يرفضون قرار جامعة دمشق ؟!!

الخبير السوري:

 لم يلق قرار جامعة دمشق المتعلق باعتماد الجامعة لرسائل الماجستير والدكتوراه رضى طلبة الدراسات العليا ولا حتى بعض الأساتذة كونه عمم على جميع الكليات ولم يراع خصوصية كل كلية، فضلاً عن صعوبة توضيحه وتفسيره، في وقت ردت أبحاث الطلبة عند صدوره في كلية الآداب وغيرها.

ونص القرار المذكور “بأن الجامعة ستقوم باعتماد وتمويل الأبحاث العلمية الموافق عليها من أية هيئة عامة تستفيد من البحث العلمي وتشارك في تمويله والإشراف عليه”، ليعتبر عدد من طلبة الدراسات العليا في الاختصاصات الأدبية في حديثهم لـ”البعث” أن موضوع اختيار عنوان البحث يأخذ وقتاً طويلاً، وذلك بسبب الإجراءات الروتينية التي تستغرق في بعض الأحيان سنة كاملة، وموضوع موافقة الجهة المستفيدة الذي من شأنه أن يزيد من الإجراءات في تسجيل الطالب لرسالته، ما قد يؤثر بشكل سلبي على الطلبة الشباب بشكل خاص فيما يتعلق بالحصول على الأوراق المطلوبة لتأجيل خدمة العلم، إضافة إلى عدم تمويل الأبحاث التي يقوم بها الطلبة، وارتفاع تكاليف الحصول على بعض الأدوات والمراجع، ما يدفع بعض الطلبة إلى اختيار عناوين ذات تكاليف منخفضة تتناسب مع قدراتهم المالية، وضمن الإمكانات المتاحة، إضافة لانعدام المؤتمرات العلمية في مرحلة الدراسات العليا.

في حين عدّ بعض الخبراء في البحث العلمي – فضّلوا عدم ذكر أسمائهم – القرار بأنه ظلم الكليات ولم يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل كلية، ولاسيما أن جامعة دمشق كبيرة جداً، كما أن تعميم قرار واحد على جميع الكليات لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فلا يمكن في بعض الاختصاصات الحصول على منتج نهائي، ففي العلوم الأساسية لا تعطى نتيجة مباشرة بوجود أبحاث تستمر لسنوات، بينما في الدول الأخرى تقدم المشاكل من قبل “المؤسسات والمصانع والشركات” للجامعات مع منح مالية، وعلى أساسها يتم العمل في الجامعات، متسائلين في هذا السياق: “هل البنية التحتية والمخابر في الجامعات السورية جاهزة لحل مشاكل المجتمع؟”، مشيرين إلى أن بعض المخابر في كلية الطب بجامعة دمشق بقيت خارج الخدمة بسبب الصيانة، ومنها ما أغلق مثل مخبر الاستشارات الوراثية، في الوقت الذي يفضّل بعض الأساتذة في كلية الصيدلة بالجامعة التدريس في الجامعات الخاصة على القيام بالبحث العلمي، علماً أن بعض الأبحاث في الكليات العلمية مثلاً تكلّف وسطياً 5 ملايين ليرة!

واعتبر طلبة الاختصاصات العلمية أن القرار يجسد عبارة  “طالب دبر حالك”، وأنهم سيتسولون للحصول على موافقة ومن أية جهة كانت،  فالأبحاث العلمية التطبيقية تحتاج إلى مواد تستورد من الخارج، وأية مادة يبدأ سعرها بـ 200 دولار، فمن هي الجهة التي تتكفل بالمال والإشراف المشترك، وفي حال ترك المشرف من الجهة الراعية العقد فماذا سيحصل للأطروحة، كما توجد اختصاصات في الجامعات لا يوجد فيها إلا دكتور واحد فقط، فضلاً عن  صعوبات إجراء البحوث في الهيئات البحثية الأخرى، ولنا تجارب سابقة فيها وغير مرحب بنا هناك، وهنا ستدخل المحسوبية والواسطات، كما ستتحكم الجهة الراعية بالطالب، والمفروض بالجامعة فرض المواضيع المهمة على الطلبة.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم قد أوضح – خلال ورشة التشبيك بين وزارة الزراعة والكليات الزراعية في الجامعات الحكومية مؤخراً – أن مجلس الجامعة معني باتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات، وجامعة دمشق اهتمت بموضوع كل من يسجل على الدكتوراه أو الماجستير له ارتباط بالصناعة أو بسوق العمل أو بالتنمية سوف يتم دعمه مادياً بـ 500 ألف ليرة لرسالة الماجستير، وبمليون ليرة للدكتوراه، باستثناء المعيدين، فالسقف مفتوح للبحث العلمي، وتتحمّل الجامعة التكاليف، أما الرسائل الأخرى فهي متاحة بالعلوم الأدبية والإنسانية والطبية، ولكن في حال ليس لها ارتباط بالواقع فليس لها دعم مالي من الجامعة، والغاية من هذا الأمر تشجيع الأبحاث العلمية التطبيقية، مبيّناً أن الوزارة منذ سنتين بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي تسعى كي تكون الأبحاث العلمية تنموية تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصاً بعد الحرب التي تعرّضت لها البلاد.

وشدد رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد يسار عابدين لـ”البعث”  على أنه لن يتم تسجيل بحث ماجستير أو دكتوراه إن لم يكن ممهوراً بختم جهة مستفيدة، والجامعة لن تطلب تمويلاً، أما في حال كانت الجهة تريد التمويل فتستطيع ذلك بعد تفعيل منصة الجهة المستفيدة الموجودة في استمارة البحث، علماً أنه سيتم إجراء ورشة عمل خاصة بالدراسات العليا قريباً.

وأشار مدير الهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي لـ”البعث” إلى أن طالب الدراسات العليا بحاجة إلى موافقة جهة مستفيدة تحدد أهمية بحثه.

وأوضح مدير البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة دمشق الدكتور هشام الرز لـ “البعث” أن الأبحاث العلمية تختلف عن الأبحاث الأدبية من حيث النفقات، فالأبحاث الأدبية تحتاج إلى نفقات محدودة، وتكفي موافقة القسم ومجلس الكلية، ولا تحتاج إلى موافقة الجهة المستفيدة، بينما مصروفات العلمية أساسية كونها تحتاج إلى مواد وتحاليل.

وبيّن الرز أن الأبحاث تنجز في مخابر الجامعة، لكن المواد والتحاليل تتم في هيئة الطاقة الذرية، وهي مأجورة وتتكفل الجامعة بالتكاليف وتمول الأبحاث، مشيراً إلى تطور ميزانية البحث العلمي منذ مدة عام بشكل كبير بما يتناسب تقريباً مع ارتفاع أسعار المواد اللازمة، فقد كان يصرف سابقاً لبحث الماجستير 50 ألف ليرة، ولأطروحة الدكتوراه 100 ألف ليرة، أما حالياً فأصبحت 500 ألف ليرة لرسالة الماجستير، ومليون ليرة لتسجيل بحث الدكتوراه، حيث تصرف هذه المبالغ حسب استمارة البحث العلمي التي أخذ بها عدة قرارات من قرار القسم ومجلس الكلية، ومن ثم مجلس البحث العلمي والدراسات العليا، ومن خلال طلب الشراء الذي يقدمه الطالب بالمواد اللازمة للبحث المسجلة في استمارة البحث العلمي، لذلك يجب أن تكون الرسائل ذات قيمة علمية تنموية تلبي حاجات المجتمع، مشيراً إلى وجود خطة سنوية للكليات العلمية في رئاسة جامعة دمشق تطلب من الكليات محاور البحث العلمي الضرورية التي تساهم في حل المشاكل الاقتصادية أو الوصول إلى ابتكار، علماً أن الجامعة مع الطالب لحين أخذ شهادته، ولا أحد يستطيع ابتزازه من أية جهة كانت، وهذا الطلب ليس تضييقاً ولا تقليلاً من عدد رسائل الدكتوراه والماجستير المفيدة، علماً أنه رغم الأزمة التي عصفت بالبلاد والحصار الاقتصادي، لم يتوقف البحث العلمي في الجامعات، واستمرت الدولة في تمويل الأبحاث العلمية، كما دعمت نشر الأبحاث التي نالت جوائز علمية عربية وعالمية.

البعث..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]