عزّام..الذي أحرج أهل الحي وموظفي البلدية بمبادراته و لم يصبهم بالعدوى..مواطن سوري بلغ ” سن الرشد الوطني مبكراً”..

الخبير السوري:

قيل قديماً في أوساط الريفيين، أصحاب نفحات الطيبة والنقاء، إن ” فعل الخير لا يحتاج إلى مشورة”..

وربما كان القصد هو تماماً المبادرة باتجاه الخير..هي ثقافة قديمة تلاشت واندثرت جزئياً في زمننا، زمن البراغماتية المفرطة والمطعّمة بالكثير من الرغبة بالاسترخاء، والذرائعية  وتسجيل المواقف و”النق” ومجرد رصد السلبيّات دون سعي نحو التغيير الحقيقي، على مبدأ ” أشعل شمعة بدلاً من أن تلعن الظلام”.

بلا طول سيرة..نحن الآن بصدد حالة لافتة وشخصيّة فاعلة وفعّالة، ليس بسياسي ولا مسؤول تنفيذي، ولا متموّل كبير، بل يقدّم نفسه كمواطن، لا يسعى لشهرة ولا ينطلق بمبادراته من غواية الاستعراض، كما لا يطلب ولا يتطلّب يسجل مبادراته وبصماته الطيبة على نفقته وبجهدة ” علّ وعسى” أن يصيب سواه بالعدوى، وهي العدوى الإيجابية وقلّما نستخدم في مجتمعنا هذا المصطلح بدلالات إيجابية.

نظافة2

عزّام..الشاب الجامح الطامح، مثال شريحة من الشباب السوري لم تعد واسعة الطيف للأسف..هو بطل رياضي و يدير متجر لبيع لحم الفروج..

يتّسم هذا الشاب بخاصيّة يفتقدها الكثيرون منّا ..وهي المبادرة

يبدأ نهار عمله صباحاً  هو والعاملين بمتجره في حي الورود بدمر، بـ “حملة نظافة”.

تبدأ بجمع القمامة التي ألقاها السكان عشوائياً في الشارع، ليضعها في الحاوية التي تاهت عنها عيون من استساغوا “شلف” أكياس قمامتهم على الآخرين.

والمرحلة الثانية هي شطف الشارع بعناية فائقة بمنظفات ومعطرات لتفوح روائح زكيّة..يستحسنها المارة، بعضهم يثني على الفعل، و آخرون يصمتون ويشيحون بوجوههم ربما خجلاً من آثار غير لائقة تركوها استهتاراً…ويعكف هذا ” الرجل النبيل” يومياً على إزالة آثارها.

نظافة

يقول عزام: لا أنتظر شكراً من أحد ولا ثناء، وأعتبر هذا واجبي تجاه نفسي أولاً وتجاه المكان الذي أعمل فيه و ” استرزق منه”..

رافضاً التعليق على قلّة الاكتراث و عدم التعاون من سكان الحي – رغم أنه ليس من السكان – فهو يؤدي ما يراه مناسباً لأن المبادرة الطيبة لا تحتاج إلى مشورة برأيه.

الرجل جدير بالاحترام فعلاً..فأينما حلّ يكون ثمة لمسات طيبة له..

إذ لم يطلب من الجوار المساهمة معه بكلفة إعادة ترميم الطريق بعد أن تركه متعهد مشروع صرف صحي أو مياه دون اسفلت، لتفعل مياه الأمطار فعلها وتجعل منه أخدوداً يتعثّر به المارّة..استدعى ترميمه بالإسمنت والحصى ” بغض النظر عن الكلفة” ..هو صاحب الدخل البسيط أي ” من عرق جبينه”..

ولم يطلب معونة عندما قام بتشجير محيط مضمار ملعب النادي الذي يمارس فيه رياضته الصباحية..سقاية ورعاية وتقليم..تماماً كما أنه بستانه الخاص..فقط يستأذن القائمين على المكان بالسماح له بالعمل مجاناً.

حالة مضيئة وجدنا أنه من واجب كل من يراها ويعايشها الحديث عنها، ليس ثناء – فالرجل لاينتظر ثناء – بل لنشر ” العدوى” وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه العدوى..

بالفعل نحن نهرب من عدوى الانفلونزا لكننا نقع فيها رغماً عنا، لكن بعضنا يبدو محصّناً جداً ضد عدوى المبادرات الإيجابية، فأي لقاح فعّال هذا الذي حصّننا إلى هذا الحدّ.

شكراً عزّام..صاحب اسم على مسمّى..ونرجو أن يكون كل مواطن سوري ” عزّام”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]