الفاسدون وحكاية “دست الفاصوليا”

 

 

فاضت” مطبوخات” أحد أصحاب المطاعم من الفاصوليا اليابسة في طرطوس، عن حاجة سوق المدينة في احتفالية طارئة استعد لها صاحبنا، لكنه فوجئ بأن الجياع اتجهوا إلى السندوتش وليس إلى الوجبات ” على الجالس”، فكان خياره – الإستراتيجي – بأن يحمل فائض مطبوخاته ليوزعه على أهل قريته البعيدة نسبياً عن مركز المدينة.

حمل ” الدست” ووضعه في ميكروباص عابر – في آخرالممر ما بين مقاعد الركاب – وجلس هو في المقدمة وعند أول إشارة مرور و” ضربة فرام” تزحلق الدست الساخن إلى مقدمة الباص وانتشرت الفاصوليا الملتهبة  وتلقى الجالسون – وهو منهم- حماماً فريداً من نوعه.

توقف السائق غاضباً مزمجراً يتساءل: لمن هذا الدست؟؟.. وأخذ صاحبنا المرتبك يسأل السؤال ذاته بحنق ليبعد الشبهة عنه، لكن أحداً – بالطبع – لم يجب ولم يعترف..

ما ذكرنا بالحادثة وهي حقيقية وقعت في الثمانينيات الماضية، هو ما نشاهده الآن – يومياً – على شاشاتنا من الخارجين بإصرار لمكافحة الفساد والمطالبين بمحاسبة الفاسدين والمفسدين، في مشهد ساخط يستفز مشاعر القرف والخيبة والإحباط، لأن معظم المتحدثين هم من كبار الفاسدين و”الأساتذة في علم الفساد وسلوكياته ووسائله”…

هؤلاء يتحدثون لإبعاد الشبهة عنهم أو ربما هكذا يحاولون عبثاً، وربما علينا أن نتفهم دوافعهم التي هي من وحي تفاهتهم وفسادهم و” صفاقتهم”، لكننا نسأل بإلحاح مقرري البرامج التلفزيونية وضيوفها في محطاتنا الكريمة، ألم تسعفكم حذاقتكم الإعلامية بغير هؤلاء ليظهروا و”يجاكروا” البلاد والعباد وكأنهم يغنون في مجالس العزاء؟؟

هل باتت قنواتكم “غسالات” لقذارة القذرين وممحاة لتاريخهم الأسود؟؟

مهلاً فذاكرة الناس لا تمحوها الاستعراضات التلفزيونية، وإن ربح الفاسدون فإن الخاسر الأكبر هو شاشاتنا التي نحب ونرجو لها النجاح.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]