قبل الإقلاع في رحلة الحرب مع الفساد..لا تنسوا استحقاق التصالح مع الذات..

 

الخبير السوري:

على الأرجح باتت وزارة التنمية مستعدّة لإبداء الزخم المطلوب في إنفاذ أو “قيادة” مشروع الإصلاح الإداري الذي حظي بتوافق مطلق على أنه مشروع وطني بامتياز.

فقبيل إعلان الحكومة عن نياتها التي وصفتها بـ “الجادّة” ، أصدر السيد رئيس الجمهورية القانون رقم 28 الذي حدد بصراحة مهام وزارة التنمية، وبدت الدائرة مكتملة تماماً للإحاطة بعمومية المشروع والدخول في التفاصيل..رغم الهواجس التي تتأتّى دوماً من أن “الشيطان يهوى التفاصيل دوماً”..

فالآن على بوابات الدخول إلى مضمار مكافحة الفساد، من المنتظر أن تتولى هذه الوزارة المتخصصة، أخطر المهام التي ينطوي عليها مشروع الإصلاح الإداري، وهي تلك المتعلّقة بمكافحة الفساد، وكانت الفقرة “الأكثر شعبيّة” على مستوى الشارع.

وبات من المفيد أن تكون الحملة الحكوميّة ضد الظاهرة الخطيرة، بقيادة وزارة التنمية الإدارية، و ألّا تبقى في كواليس الفعل التنفيذي الحاسم، بما أن الحكومة كـ “رئاسة الوزراء” أصدرت القرار رقم 59 الذي وضع روائز ومثقلات المضي في مشروع الإصلاح الإداري بكافة حيثياته وفقراته، لتنتقل المهمة الفعلية إلى الوزارة صاحبة الحصّة “التوجيهية والتنفيذية” من المشروع في إطار الحكومة ككل.

ولكي يكون العمل في سياق مكافحة الفساد، بما أننا اخترنا البدء بمحاسبة الفاسدين، فالمطلوب وبإلحاح توخّي البعد عن الارتجال والغموض في قرارات الإعفاء ثم التكليف، ونعتقد أننا بأمسّ الحاجة اليوم لمأسسة قرارات التغيير و عدم إبعادها عن روائز الإصلاح الإداري، بالتالي يتوجّب أولاً الإفصاح صراحةً عن أسباب الإعفاءات التي ستحصل من الآن فصاعداً لا سيما في موقع مدير عام، ثم بيّان المعززات الإدارية المتماهية مع مشروع الإصلاح الإداري، التي يحظى بها المدير البديل الذي وقع عليه الإختيار، و إن لم نفعل نكون قد أمعنّا في مخالفة “دستور الإصلاح” الذي توافقنا عليه و بتوقيع رفيع المستوى.

الواقع أن ثمة خلل لابد من استدراكه، على مستوى التناغم الدقيق في التوجه نحو تطبيقات الإصلاح، وثمة ملاحظات في هذا الاتجاه لا بد من الوقوف عندها، و إن لم نستدرك نكون في خضم مشكلة كبرى قد صنعناها بأيدينا و أضفناها إلى كتلة المشكلات التي تعتري مسيرتنا “الوعرة” في المواجهة مع الفساد والترهّل الإداري الذي أرهقنا و أربكنا و شتت مواردنا.

ولعلّه من اللافت – في سياق الملاحظات – أن يكون المعهد الوطني للإدارة العامة ( INA ) تابع لوزارة التعليم العالي، وليس لوزارة التنمية الإداريّة حتى الآن، ولا نظن أن مثل هذا الخلل يمكن أن يكون متوارياً لم ينتبه إليه أحد، و إن كان كذلك فمشكلتنا مع أعمالنا كبيرة، أما إن كان ذلك ناتج عن حسابات أخرى فنكون أمام مشكلة أكبر.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]