كلامٌ حكوميّ معسول..!

لطالما سمعنا كلاماً حكومياً معسولاً عن أهميّة امتلاك استراتيجيّة زراعيّة قابلة للتّنفيذ، وقادرة على تحقيق التّنمية المطلوبة ضمن معطيات دعم صحيحة ومتوازنة، تُمكّن من التّطلع إلى مستقبل أفضل تمتلك فيه البلاد قطاعاً يعمل بكفاءة عالية، ويسهم في تحقيق الأمن الغذائي، ويرفع من مستوى معيشة العاملين فيه، ويكون في الوقت ذاته محركاً للقطاعات الاقتصادية الأخرى من إنتاجٍ وتصدير. فليس اكتشافاً: إدراكنا بأنّ القطاع الزّراعي يُشكل قطباً رئيسياً في عمليّة التّنمية؛ ما يُرتّب إدراجه كأولوية في عمل الحكومة لدوره الرئيس في تحقيق الأمن الغذائي، والنّهوض بالاقتصاد الوطني نظراً للإمكانات المُهمّة التي تمتلكها بلادنا في هذا المضمار، والمقوّمات والمؤهّلات الطبيعيّة التي تجعلنا واقعيين وموضوعيين في تطلعاتنا إلى اقتصاد زراعي منافس على الصّعيدين الإقليمي والعالمي.

وكم علّق فلاحونا الآمال على معلّقات ومُطوّلات حكوميّة من طراز: “يجب البحث عن الآلية والسّياسة التي تُمكننا من زراعة كلّ مترٍ قابل للزّراعة، ضمن معطيات استثمار متطوّرة، بما يدعم التّنمية الاقتصاديّة، وينسجم مع الاحتياجات المائيّة والمتطلبات الإجرائيّة، والإقلاع ببناء سياسة صحيحة للدّعم الزّراعي ولكلّ معطيات القطاع من تحفيز للإنتاج الزّراعي؛ بشقّيه النّباتي والحيواني، وتطوير البحث العلمي الزّراعي، وتوفير مستلزمات الإنتاج، وتأمين الأعلاف وتفعيل السّياسات الزّراعية والرّيفية المستدامة ومشروعات تمكين المرأة الريفية”!.

عامٌ مضى على تقديم وزير الزّراعة مُسوّدة استراتيجية وطنيّة لتطوير القطاع الزّراعي، للجنة السّياسات الاقتصاديّة تتضمن المطلوب من الحكومة على الصّعيد الآني والمستقبلي، وبما يُمكّن من تحسين واقع هذا القطاع بمدخلاته كافة، ويُقدّم رؤية وصفها آنذاك بال(متكاملة) في ضوء احتياجات النّهوض به؛ في حين لا زلنا نعقد الاجتماع تلو الآخر؛ لاجترار المواضيع ذاتها؛ كمناقشة قضايا ومسائل لا مجاهيل فيها كفائض الحمضيّات وآليات تصريفه، وسبل استقطاب محصول التّفاح، وترشيد استيراد البطاطا، ودعم صناعة الأعلاف وتأمين الاحتياجات المائيّة وفق أساليب الرّي الحديث، والاهتمام بالثّروة الحيوانية، واستئناف عمليات ترقيمها، وكذا البحث في آليات تأمين المازوت للمزارعين وللمربّين، وكم انتهت اجتماعاتنا بالتّأكيد على المُؤكّد؛ من ضرورة العمل على تحقيق الأهداف المرجوّة من خلال امتلاك استراتيجية تكون بمثابة خريطة طريق؛ لإنعاش القطاع الزّراعي ودفعه باتجاه التّطور والنّمو، ناهيك باللازمة التي حفظناها عن ظهر قلب والتي تتغنّى بما حبانا الله به من إمكاناتٍ متاحة كأراضٍ خصبةٍ شاسعة، ومناخات متعددة، وأيدي احترافية عاملة!.

والحال أنّ ما يجب استحضاره في حضرة الهمّ الزّراعي هو: إعادة النّظر في قوانين الاستثمار والبيئة التّشريعية الحاضنة للاستثمارات الزّراعيّة، على التّوازي مع الحلول التّسكينية؛ كالزّراعات الأسريّة لرأب الصّدع الغذائي، وجسر الفجوة بين احتياجاتنا الأساسية وبين ناتجنا القومي من المحاصيل ولاسيّما الاستراتيجية منها؛ لتغدو الزّراعة إحدى أذرع إعادة الإعمار ورافعةً عضويّة في دوران عجلة العمليّة الإنتاجيّة!.

أيمن علي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]