عواكس التنمية..!

 

تعكس المعارض بشكل أو بآخر حالة التعافي لاقتصادنا الوطني، وما معرض خان الحرير التخصّصي في عالم الأزياء والأقمشة، الذي نظمته غرفة صناعة حلب بالتعاون مع وزارتي الصناعة والاقتصاد والتجارة الخارجية وهيئة دعم وتنمية الإنتاج على أرض مدينة المعارض، إلا حلقة من حلقات التسويق لمنتجاتنا الوطنية والأقمشة، ويأتي ضمن سياق توسيع قاعدة الإنتاج، وإثبات قدرة الصناعي السوري على تقوية أواصر الاقتصاد الوطني.

فعلى مساحة نحو 7000 م2، أفردت وعلى مدى أربعة أيام نحو 160 شركة متخصّصة بالألبسة والأقمشة ومستلزمات الإنتاج والأحذية، منتجاتها ذات المواصفات العالية، في مشهد يضع حدّاً لكل من راهن على تدهور الصناعة الوطنية.

ليس هذا وحسب، بل وترنو الأنظار أيضاً إلى مشاركة ١٤٨ صناعياً في معرض بغداد الذي ينطلق في السابع من الشهر الحالي ويستمر خمسة أيام، مستهدفة بذلك السوق العراقية لفتح آفاق تسويقية جديدة للمنتجات السورية.

يمكن القول: إننا نعيش إرهاصات مرحلة جديدة، عنوانها العريض “العمل والإنتاج”، وثمة معطيات تؤكد أو بالأحرى تصبّ في هذا الاتجاه، منها مخرجات هذا المعرض وغيره التي أُقيمت خلال الفترات السابقة وخاصة الدورة 59 لمعرض دمشق الدولي، إلى جانب عودة الإنتاج المحلي من النفط والغاز، والاستقرار الملحوظ لسعر الصرف وغيرها من الدلائل المبشّرة. وإذا ما أردنا بالفعل الاستمرار بالإنتاج علينا معرفة أصول وكيفية ترسيخه ضمن مكونات ثقافتنا اليومية المغرقة بالاستهلاك، وهذا الأمر يتطلّب استثمار كل بقعة من بقاع بلدنا زراعياً، فأي شبر قابل للزراعة حتى الحراجية علينا استغلاله.

ويقودنا الحديث عن المعارض في هذا المقام، واعتبارها عاكساً لتوسيع قاعدة الإنتاج، إلى مسألة توزيع محاور التنمية على امتداد الجغرافيا السورية، بحيث يتمّ التوسع عمرانياً سكنياً وصناعياً في الأراضي غير القابلة للإنتاج الزراعي، مع الأخذ بعين الاعتبار تخديم هذا التوسع بكل مقومات التنمية، من مطاحن ومحطات وقود وخزانات مياه ومحطات تحويل للكهرباء..الخ، بحيث تصبح كل منطقة أشبه ما تكون مكتفية ذاتياً، وغير مرتبطة من ناحية الخدمات بما يجاورها من المناطق.

يبقى أن نشير إلى ضرورة إعطاء المزيد من الزخم الحكومي تجاه تظهير ورشات الظل ومنح أصحابها ضمانات بتسهيل التراخيص والإعفاءات التشجيعية، كونها إحدى أهم العناقيد الصناعية الرديفة للعملية الإنتاجية، كما أننا لم نرَ جدية حقيقية بإعادة استقطاب الصناعات المهاجرة، لا من جهة التواصل الفعلي مع أصحابها، ولا من جهة إعداد دراسة إحصائية تشير إلى حجم رؤوس الأموال المهاجرة والمستثمرة في دول الجوار على أقل تقدير، فهذه أيضاً لها دور لا يستهان به لجهة توظيفها في العملية التنموية.

 

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]