سيادة الوزير…. لطفاً تريث قبل توقيــع هذا القرار

 

ضجيج اجتماعي يلي صدور كل إجراء أو قرار حكومي يحمل آراء معترضة تارة ومطالب بإعادة النظر بالتشريع أو القرار تارة ثانية… تشوهات عميقة تعتري البعض من البلاغات والقرارات الحكومية تجعل من المتعذر تطبيقها أو تبنيها من قبل الفئات الاجتماعية والفعاليات الاقتصادية المستهدفة….. تناقض في تشريعات وقرارات الجهات العامة تضع المواطن في كثير من الأحيان في دوامة تبدأ ولا تنتهي….! التعديلات المتكررة والسريعة على القرارات والتشريعات الحكومية… في بعض المرات ازدواجية وتضارب في القرارات والقوانين بين الوزارات والمؤسسات قد تضع أجهزة القضاء أحياناً في حالة ارتباك وربما أدت إلى ضياع بعض الحقوق… وكل تلك العوامل تقود إلى إعاقة التنمية الاقتصادية والإدارية لأجهزة الدولة وللمجتمع، وتقيد حركة التجارة بين البلد ودول العالم بعد أن تم تحرير التجارة الدولية.

تختلف الآراء بين الرضا من عدمه حيال إجراء اتخذه هذا الوزير أو ذاك، لكن يبقى الأهم أن تتم دراسة إصدار القرار على أرض الواقع قبل الشروع في صياغته، ومن أجل أن تكتمل الحلقة وجوب إشراك ممثلين عن كل القطاعات وعن الجمعيات، بمعنى أدق إشراك المواطن ببعض التفاصيل والسماع منه عما يعانيه على الأرض، خير من التسرع بإصدار القرار الذي سرعان ما تظهر هشاشة تطبيقه وربما يتم تمييعه ما يفقده بنوده التي قد تكون غاية في الأهمية بمكان.!

شرط يحكم السلوك

التشـريع أو القرار الحكومي هو مبدأ أو قاعدة يحكم سلوك المواطنين أو الشـركات، ويتم استخدامه من قبل السلطات العامة مع أدوات أخرى مثل الخدمات الحكومية، الضـرائب، برامج معينة، سياسات تحفيز، لتحقيق أهداف السياسات العامة للدولة من النهوض بصحة وسلامة ورفاهية المواطنين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وحماية البيئة الطبيعية، حسبما يرى المهندس عبد الرحمن قرنفلة الخبير لدى البرنامج الوطني لدعم البنية التحتية للجودة، ويمكن استخدام التشريع لضمان الكفاءة والعدالة في السوق بالنسبة للصناعة والزراعة والمستهلكين، وخلق مناخ ملائم للتجارة والاستثمار.

الممارسات الجيدة فـي إعداد التشريع الحكومي

قبل إعداد مكونات أي تشريع أو قرار حكومي لابد من الحرص على مواءمة التشريع والقرار مع المنظومة الوطنية و/أو الدولية (إن لم تتعارض مع الوطنية)، والاعتماد على المواصفات الوطنية/ أو الدولية كمراجع خلال إعداد التشريع بهدف الحد من الازدواجية في إصدار التشريعات الفنية بين الجهات المعنية بالتشريع نفسه حسب رأي الدكتور عابد فضلية الخبير في الشؤون الاقتصادية. ويرى أن هناك جملة من النقاط المحورية لابد من استعراضها خلال خطوات ومراحل إعداد التشريع الحكومي وما بعد إصداره تتمثل في توضيح المشكلة التي يهدف التشريع إلى معالجتها؟ وهل تستلزم إصدار تشريع أو قرار حكومي جديد أم تعديل لتشريع قائم؟، مع تحديد الجهات الحكومية المسؤولة عن حل هذه المشكلة؟ سواء أكانت وزارة أم مؤسسة عامة أم إدارة مركزية أو فرعية.مع التأكد من أن التشريع ينسجم مع المنظومة الوطنية أو الدولية المتعلقة بالمشكلة لتجنب التعارض بين التشريع وتلك المنظومة.و تحديد الأطراف التي ستتأثر بالتشريع الجديد المزمع إصداره، وتحديد مدى تأثرها؟ وتحديد الإجراءات أو التعويضات التي يجب اتخاذها أو دفعها لخفض التأثير السلبي للتشريع على بعض الأطراف.والتأكد من أن الأطراف المتأثرة قادرة على الالتزام بتنفيذ التشريع. وفيما إذا كان لازماً منح حوافز معينة لهذه الأطراف تساعد في التزامها بمتطلبات تنفيذ التشريع، والتأكد من أن المتطلبات القانونية لتطبيق التشريع معروفة ومفهومة من قبل الأطراف المتأثرة وجميع الأطراف الأخرى ذات الصلة، والاعتماد على المواصفات الوطنية أو الدولية كمراجع خلال إعداد التشريع يحد من الازدواجية في إصدار التشريعات بين الجهات المعنية بالنشاط نفسه الذي يعالجه التشريع، و التأكد من أن الالتزام بالتشريع لن يضع الجهات أو القطاعات المستهدفة والمتأثرة أمام مصاعب أو متاعب مالية.

لذلك وبالمحصلة لابد من إعداد دراسة تحليلية تتضمن تقييم توقعات أثر تطبيق التشريع.

الخلل في إعداد التشريع يعوق تطبيقه

إن غياب تطبيق الممارسات الجيدة في اعداد التشريعات والقرارات الحكومية ومبادئ تحليل آثارها التنظيمية والاقتصادية والاجتماعية قد يؤدي إلى ارتدادات سلبية تعوق تنفيذ تلك التشريعات والقرارات كلياً أو جزئياً أو ربما ينشأ عنها ضرر بالغ يصيب بعضاً من الاقتصاد الوطني، أو ينعكس على العلاقات الاجتماعية بين مكونات المجتمع. في حال عدم استيفاء تلك التشريعات والقرارات الدراسات التحليلية اللازمة قبل إصدارها، ويؤكد فضلية أن مدخلات البنية التحتية للجودة والحكمة والحوكمة في صياغة وصناعة واستصدار التشريع توفر قاعدة أساسية تجب مراعاتها من قبل صانعي التشريعات والقرارات لضمان تشريع أو قرار جيد يحقق الغايات والسياسات المستهدفة ولكي يتكامل ولا يتعارض مع التشريعات الصادرة عن أي جهة حكومية، ويكون متوافقاً مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويخدم في تطوير بنية المجتمع والاقتصاد الوطني.

تقييم الأثر التشريعي

التشريع الجيد يُنّتِجْ: حكومة أفضل… استثمارات أكثر…..معدل نمو اقتصادي أعلى هنا يعود قرنفلة ليؤكد أن التشريعات تصدر عادة لإحداث تغيير في توزيع الدخل أو الثروة في المجتمع أو لتصحيح مسارات العمل والإنتاج أو العلاقات بين مكونات المجتمع لضمان سلامة الأفراد وأنشطتهم المختلفة والحفاظ على البيئة، وعلى الرغم من ذلك يمكن أن تفرض التشريعات تكاليف باهظة على الاقتصاد، وعادة ما تكون لدى المواطنين نزعة طبيعية للجوء للحكومة «لاتخاذ إجراء» عندما تحدث مشكلات أو مخاطر ولكن التشريعات المتسرعة أو سيئة الإعداد قد تؤدي إلى نتائج غير مقصودة وضارة اقتصادياً، كذلك قد يأتي تنظيم الحكومة للأمر نتيجة لضغط مجموعات أو أفراد ذات مصالح خاصة بما يخدم مصالحها.

مطلوب تقييم الاثر التشريعي…. والوصول إلى تشريعات ذكية…

وبهدف تلافي عيوب التشريعات الصادرة نلجأ إلى استخدام دراسة تقييم الأثر التشريعي بهدف معالجة المخاوف المشار إليها.

ويضيف الخبير قرنفلة: ينبغي أن يتم إجراء دراسات تقييم الأثر لكل أشكال التدخل الحكومي– بما في ذلك التشريعات الرئيسة والتشريعات الثانوية وكذلك قواعد الممارسة أو التوجيهات.

حيث إن استخدام تقييم الأثر من المفترض أن يحسن نتائج وعملية صنع السياسات، أي أن دراسة تقييم الأثر تساهم في تحقيق النتائج المتوقعة للسياسات وأن تصبح عملية صنع السياسات داخل الحكومة فعالة.

إن دراسات تقييم الأثر الجيدة تبين لماذا تنظم الحكومة موضوعاً ما أو لماذا يتم اقتراح تنظيم تلك المسألة. وأهم البدائل التشريعية التي تم بحثها وأسباب اختيار البديل المفضل (إن كان هناك بديل مفضل)، وينبغي أن تتضمن البدائل «عدم اتخاذ أي إجراء» أو عدم إدخال أي تغيير على السياسات الحالية– حيث قد يثبُت أن عدم اتخاذ أي إجراء هو البديل الأفضل.

التشريعات الذكية

التشريعات الذكية -حسب قرنفلة -هي مجموعة من المبادئ والأدوات الأكثر تقدماً لمساعدة صانع القرار على التأكد من استخدام التشريعات بأكبر قدر ممكن من الفعالية والشفافية في اتباع أهداف السياسات الموضوعة.

ويمكن النظر لمفهوم التشريعات الذكية على أنها تطور لمفهوم التشريعات الأفضل والذي انتشر في السنوات الأخيرة بعدد من دول العالم المتطورة.

ولكن ما الذي يجعل أي تشريع «ذكياً»؟ وماهي فوائد التشريعات الذكية؟

هناك أمران يجعلان التشريع ذكياً: التأكيد على النتائج (فاعلية الفعال) والمشاركة الحقيقية للأفراد المعنيين. أما فوائد التشريعات الذكية فتتمثل بالنقاط التالية:

دعم سيادة القانون- تحسين مستوى المعيشة- حماية البيئة- زيادة التنافسية- تسهيل انفتاح السوق- تحسين الشفافية.

ينبغي أن تكون سياسة التشريعات الذكية التي يتم وضعها ملهمة بالنسبة للقائمين على إصدار وتطبيق التشـريعات في كل أجهزة الحكومة وأبعد من ذلك في أي من السلطات التشريعية المستقلة في البلاد، ويمكن أن يساعد في ذلك تبني شعار ملائم مثل: التشريع الذكي، خفض الروتين الحكومي وبما يتناسب مع الثقافة أو الاهتمامات الوطنية.

وينبغي أن تؤكد الجهود الإعلامية لسياسة التشريعات الذكية على أن دوافع التشريع الذكي فنية وليست أيديولوجية، فهو يسعى فقط إلى تحقيق الكفاءة في تطبيق السياسات العامة للدولة وأن المزيد من التشاور مع الأطراف المعنية والجمهور العام يزيد من شفافية القرارات العامة ومساءلة المسؤولين.

ويبقى الأمر مرهوناً باتجاه تبني هذا الأمر.

 

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]