رضا المواطن!

 

لم تمرّ مقولة “رضا المواطن هو المعيار الأول في تقييم عمل الحكومة، وسعادته في مقدمة الأولويات والأهداف كما قيل”، مرور الكرام في الأوساط الشعبية وحتى الرسمية، كونها علامة فارقة في الخطاب الحكومي وذات مضامين متشعبة، منها ما هو إيجابي ويرسم لمرحلة عمل جديدة مواكبة للمشروع الوطني للإصلاح الإداري وتستجمع طاقاتها في خانة المواطن، ومنها ما هو براغماتي سلبي يعبّر أولاً عن الاقتناع بفكرة النجاح الحكومي في تضميد الجروح المعيشية، والاقتراب من خط النهاية في كل ما يخصّ واقعه الخدمي والاقتصادي والاجتماعي.. وينذر ثانياً بخطورة اعتقاد الفريق الحكومي بقدرته على التخطيط لعشرات السنين، متجاوزاً بذلك مرحلة التخطيط الاستشرافي المحدّدة حسب الخبراء بفترة لا تزيد عن عشرين عاماً قادمة، وهذا ما يعزّز حالة الخلل والإقلاع افتراضياً بآلة الزمن إلى المستقبل أو بالأصح إلى ميادين الخيال بكل ما تمثله هذه الكلمة من ارتدادات صادمة على واقع الناس.

ولاشك أن هذه القناعات الحكومية المجرّدة في بعض جوانبها من القرائن  والبراهين، والمبنيّة على رؤى شخصية لا تمت للواقع بصلة.. أعادت إلى الذاكرة مبادئ المدينة الفاضلة التي لم يُكتب لها التطبيق، وظلّت عالقة في أبراج الحلم والنظر من “تلسكوب” المثالية المفرطة إلى واقع الحياة الفعلي بكل ما فيه من أخطاء وممارسات مرتكبة بحق المجتمع الملفوح دائماً بخيبات الأمل، وطبعاً لا تندرج هذه المقاربة في أتون التشكيك بالنوايا أو التقليل من شأن الجهود التي تُبذل، بل هي مكاشفة شفافة للعمل الوزاري والأداء الحكومي بشكل عام، دون الدخول في التفاصيل التي يختبئ فيها شيطان الانتقادات اللاذعة بكل ما تتضمّنه من تحفظات على عمل غالبية الوزراء.

وبحسبة بسيطة لا تخرج عن حسابات (السهل الممتنع) لدخل المواطن السوري، ومدى مقاربته للنفقات المعيشية الضرورية والتدقيق في نوعية وجودة العمل المؤسساتي والخدمات المقدّمة منه.. نستطيع معرفة مستوى الرضا عن الأداء الحكومي من قبل الشارع السوري، ونتمنى أن تكون هناك استبيانات حقيقية بهذا الشأن خلال الفترة القادمة، وبشكل يترجم  طلاسم عمل المؤسسة التنفيذية الذي تكمن فيه حقيقة تخريب جسور الثقة بأبوة الدولة التي تعرّضت لأقسى امتحان، ومن جهة ثانية وبالتحكيم العقلي نستطيع التأكيد على أن قوة الدولة وحضورها هو نتيجة حتمية لإيمان المواطن وثقته بمؤسساتها.

فهل تعزّز هذه الثقة بالمزيد من الرعاية والاهتمام بما يحقّق الرضا كما يشتهي ويتمنى أصحاب القرار؟!.

بشير فرزان

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]