محمياّت إدارية..!

 

واجهت إحدى الشركات العالمية المتخصصة بصناعة السيارات الكهربائية مشكلة ارتفاع نسبة الإصابات في مصانعها. وحسب منظمة (Worksafe) الخيرية كانت نسبة الإصابات في مصانع الشركة أعلى بنحو 30% من معدل الإصابات في بقية مصانع السيارات. ولمعالجة هذه المشكلة قامت إدارة الشركة باتخاذ عدد من الخطوات مثل توظيف بضعة آلاف من الموظفين الجدد، وتقليل العبء عن الموظفين القدامى من خلال زيادة الفرق العاملة ما أسهم بشكل كبير في تقليل معدل الإصابات.

ومع ذلك لم يكتفِ رئيس الشركة بذلك، بل قام بإرسال إيميل إلى جميع موظفي الشركة يتعهّد لهم فيه بإبلاغه رسمياً بكل إصابة تحصل للموظفين في المصانع؛ وكذلك عقد اجتماع أسبوعي مع لجنة السلامة في الشركة؛ وزيارة كل موظف أصيب في المصنع والاجتماع معه؛ أما اللافت وغير المسبوق فوعده بالتوجّه إلى خط الإنتاج وممارسة العمل نفسه الذي مارسه الموظف الذي تعرّض للإصابة لمعرفة المشكلة على أرض الميدان وحلها.

على أثر ذلك لكم أن تتصوّروا وتتوقعوا كيف كانت مشاعر العاملين في الشركة وهم يرون رئيسهم بذلك الحس العالي بالمسؤولية والإنسانية، يتواصل معهم مباشرة ويولي موضوع إصاباتهم أقصى اهتمامه، لا بل يمارس الأعمال الخطرة نفسها بالمصانع.

معلومة مرّت أمامي كانت كافية ووافية لتختصر النقيض مما يجري في عدد من مؤسساتنا وشركاتنا..!.

إدارات تستنزف الكفاءات تحاملاً وهضماً لحقوقها التي تستحق بجدارة، لتغطي عورات فشلها وانتهازيتها وفسادها، وبالمقابل تغضّ الطرف عن فاشلين من نوعها دواماً وعملاً وإنتاجاً.!.

لا بل تستغل وتسخّر تلك الكفاءات لتمرير مصالحها الشخصية وصفقاتها ومخالفاتها ولو على حساب نجاح المؤسسة التي يديرونها..!.

إدارات همّها كيف تثري بشكل غير مشروع حتى إن كان الثمن صحة وسلامة عامليها وتطوير مؤسستها وتميّزها..!.

إدارات “تسمسر” على ظهور موظفيها في أبشع صور الإدارة وأحطّها أسلوباً وغاية، جاعلة منهم وسائل لمآربها المكشوفة، التي على ما يبدو لم تعُد تحسب حساباً لأي كائن ما دامت المؤسسات التي كلفت إدارتها أضحت مزارع خاصة لها سيّجتها بأسلاك المحميات الإدارية..!.

 

قسيم دحدل – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]