مسؤولو الـ “نصّ كم”..ولعنة الوزارات والمؤسسات..

 

يتماهى وزراؤنا ومدراؤنا مع المنصب لدرجة يصعب عليهم التصديق بأنهم موظفون كغيرهم، ولكن في موقع قرار لا يختلف كثيراً عن الفئات الوظيفية سوى بالتراتبية والسلم الإداري، وما وجودهم في هذا المكان إلا تكليف وليس تشريفاً قد يُنهى في أية لحظة عندما تهبّ رياح التغيير التي تعزله أو تؤجله لهبّات أخرى.

مع تراكم التجربة المهنية تكتشف كإعلامي أن المطلوب منك عند من يختزلون الوزارات والمؤسسات بشخوصهم التطبيل والمديح، ونشر الموجب مع دفن السالب تحت أي ظرف وبأي ثمن لتجد المسؤول في موقع الدفاع عن النفس عندما تنتقد الصحافة الأداء ومستوى الإنجاز، وتتعرّض للتجاوزات في الجهة التي يتربع على سدة قيادتها. وهنا قد تبدو المسألة في ظواهرها عملاً اعتيادياً لا بل يصبح قاعدة رغم أنه الخطأ الجسيم بعينه، حيث تبدأ رحلة المدير بحثاً عن قارعي طبل ونافخي مزمار و”دبيكة “من الطراز المحترف، لضمان النتائج التي تفضي إلى الصمود في وجه الإقالة على الأقل لإثبات التفوق ومستوى الإنجاز الذي لم ولن يضاهى، والإعلام شاهد ولكن للأسف غير نظيف!!.

هي إشكالية تحوّلت إلى أزمة إدارة وسوء إدراك لحقيقة مفادها شعار طالما رُفع على واجهات أكبر وأعلى المؤسسات الرسمية “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”، هي عبارة تختصر كل ما يجب أن يفهمه المسؤول في جهاتنا العامة بأن توجيه النقد لأداء الجهة المكلف بقيادتها لا يعني استهدافه شخصياً، وهذا السائد في أذهان أنصاف المدراء أو من فئة مسؤول “نصف كم” استبسل في طريق الوصول فأصبح وصولياً بامتياز، أو كان يحلم برئيس دائرة وفي غفلة من الزمان قذفته أمواج المحسوبيات والتوازنات وربما امتلاك سلاح الكفاءة المغمورة التي تمّ الاستيقاظ عليها متأخرين. إذاً نحن أمام معضلة الشخصنة التي باتت لعنة الوزارات والمؤسّسات، فهل يعقل أن نحجّم أجهزة الدولة المؤسساتية بأفراد لا يشكلون شيئاً في معادلة التوجه المجتمعي؟.. ولماذا لا يتحمّل عقل بعضنا أن نكون عاديين بلا نجومية المنصب؟!، فهل خدمة الشأن العام لا تكون إلا بالمنصب الوظيفي؟، ومن قال إن عامل التنظيفات الذي نحترم ونجلّ يختلف في ممارسة دوره المنوط به عن موظف من الصف الأول أو الثاني وحتى الثالث؟!.

ومادمنا في لبّ جدلية التحجيم المؤسساتي غير المستساغ دعونا نفشي لكم سراً أن أيّ وزير أو مدير يشعر بأن “طرطشة” التغيير قد تصيبه لن يتوانى عن استثمار الإعلام لتسويق نفسه وتلميع صورته أمام صانع القرار فقط، لأن المؤسّسة إرث ممنوع الاقتراب منه؟!.

 

علي بلال قاسم

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]