تهريب في الخفاء والعلن ..ثروة حكومية تحت وطأة القرصنة المعلنة…

 

لم تزل سرقة مادة الطف البركاني من قبل حفنة من الباحثين عن معادلة الربح المادي السريع داخل بواطن هذه المقالع ولاسيما الواقعة ضمن الأملاك الخاصة العنوان الأبرز المدون على رمالها السوداء ولتبقى المعالجة مجرد كتب بريدية وورقية خرساء.. طبعاً التسلل إلى هذه المقالع/ المشرعة/ أبوابها أمام طالبي هذه المادة خلسة لكونهم لم يحصلوا على تراخيص تخولهم استجرار هذه المادة، دفع بمالكي هذه العقارات لرفع أصواتهم عالياً مطالبين المؤسسة العامة للجيولوجيا برفع يدها الاستثمارية عن أراضيهم لكون عصمة الاستثمار بيدها وتالياً دفع تعويضات مالية لهم لقاء استثمارها أراضيهم.. ومادمنا نتحدث عن المقالع فلا بد لنا من أن نعرج على المقالع الواقعة في الأملاك العامة التي تتبع للمؤسسة العامة للجولوجيا وذلك من جراء ماتحتاجه من لمسة تأهيلية وهناعلينا أن نذكر بالقرار رقم/2871/ تاريخ 27-10-2005 المتضمن عدداً من المقترحات لتأهيل عدد من المقالع ولاسيما إذا علمنا أن هذا القرار قد دفن حياً لعدم تطبيقه على أرض الواقع.. حتى الآن ماتم ذكره سنقوم بوضعه برسم المعنيين بهذا الشأن عسى ولعل نلقى عندهم الردود الإيجابية.

من يوقف استباحة مادة الطف البركاني؟

ضمها شرعياً لسجلات المؤسسة العامة للجيولوجيا لم يفرمل على الإطلاق الاستباحة الدائمة لمادة الطف البركاني ولاسيما المخزنة في باطن العقارات الخاصة التي بكل صراحة نمت وترعرعت سراً في البداية وعلناً في النهاية من قبل حفنة من الباحثين عن المعادلة الربحية. طبعاً الاستجرار العشوائي وغير المشروع أحدث وبكل تأكيد تشوهاً بيئياً داخل هذه المقالع وتالياً حرم الدولة من هذه المادة التي تعد ثروة وطنية، مع العلم أن هذا الاستجرار يعد تعدياً لاقانونياً لكونه يخالف نصاً وروحاً القانون/26/ لعام 2009 ولاسيما المادة/3/ منه التي تنص على أن جميع عمليات استخراج واستثمار المواد المقلعية يجب أن تخضع للترخيص، وهنا نقول: إن سارقي هذه المادة لا يملكون أي ترخيص يخولهم استجرار الطف البركاني، وبالعودة إلى القانون المذكور أعلاه نرى أن المادة/4/ منه قد نصت كذلك على أن جميع المواد المقلعية الموجودة ضمن الأراضي السورية سواء كانت على سطح الأرض أو في باطنها.. الخ.. ملك للدولة اذاً، استثمار مادة الطف البركاني من قبل ممتهني السرقة أو حتى من قبل أصحاب الأراضي يجب أن يتم وفق القانون المذكور آنفاً من خلال الحصول على ترخيص من فرع الجيولوجيا يخولهم استثمار المقلع.. واللافت وباعتراف فرع الجيولوجيا أن سرقة الطف البركاني قد سجل خطها البياني مؤخراً منحىً تصاعدياً ولاسيما بعد قرار محافظة السويداء القاضي بتوقف استثمار مادة الطف البركاني من مقالع تل شيحان- وغرارة وأحمر مادفع بهؤلاء للتوجه نحو مقالع الأملاك الخاصة مستغلين خلو ساحتها من الحراس ليقوموا باستجرار المادة وبيعها لأصحاب معامل البلوك أو تهريبها إلى خارج حدود المحافظة ماسحين من أذهانهم المردود المالي لهذه المادة على خزينة الدولة في حال تم استثمارها بشكل صحيح وسليم ووفق الأنظمة والقوانين.

إذاً، بعد أن باتت هذه المقالع مرتعاً لعبث العابثين لا بد من وضع حد لهذه السرقات وتجميدها في دائرة القانون فمن غير الممكن ترك الحبل على غاربه ولاسيما أن فرع الجيولوجيا وبكتابه الموجه إلينا خطياً سبق له أن سطر العديد من الكتب البريدية إلى محافظة السويداء لفرملة هؤلاء ولكن على ما يبدو مازالت التعديات مستمرة.. فمن يوقفها؟ سؤال نضعه على طاولة أصحاب الشأن.

 

ملك لهم.. حرام عليهم

استثمار مادة الطف البركاني من المقالع العائدة ملكيتها عقارياً للأهالي من قبل الشركة العامة للرخام سابقاً المؤسسة العامة للجيولوجيا لاحقاً أدخل مالكي هذه العقارات اسمياً فقط في سجالات مطلبية مع الجهة المستثمرة بدايتها تعويضية أي مالية ونهايتها رفع يد المؤسسة الاستثمارية عن هذه الأراضي التي تم تجريد غطائها الترابي بغية استخراج هذه المادة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. وبدايتنا كانت من المطلب المالي المحق لمزارعي سهوة بلاطة ولاسيما بعد أن أقدمت المؤسسة العامة للجيولوجيا ومنذ أكثر من ستة عشر عاماً على استثمار مئات الدونمات الزراعية العائدة ملكيتها لعدد من مزارعي القرية وذلك بهدف الحصول على مادة الطف البركاني. طبعاً العملية الاستجرارية لهذه المادة والمعنونة بديمومة مستمرة من قبل الجهة المستثمرة أثارت امتعاض مالكي هذه العقارات كيف لا والمؤسسة العامة للجيولوجيا لم تقم باستملاك هذه الأراضي التي تمت حلاقتها على الصفر عدا عن ذلك فهي كذلك لم تقم بدفع أي تعويض مالي للمتضررين مع العلم ووفق ماذكر عدد منهم أنهم يملكون سندات تمليك بهذه العقارات، لذلك يطالب هؤلاء بالتعويض المالي لكونه حقاً من حقوقهم الشرعية ولاسيما إذا علمنا أن هذه الأراضي لم تعد تصلح للزراعة نتيجة استجرار مادة الطف البركاني مع العلم أنه سبق لهؤلاء المتضررين أن قاموا بإيداع العديد من الكتب المطلبية بالتعويضات المالية لدى ديوان فرع الجيولوجيا ولكن من دون جدوى.

والمتتبع لواقع استثمار هذه المقالع سيلحظ أن الدوامة المطلبية لم تكن حكراً على مزارعي قرية سهوة بلاطة، فهاهم أيضاً مزارعو مدينة شهبا ينضمون إلى السجل المطلبي للحصول على تعويض مالي فامتلاكهم لحزمة من السندات التملكية المؤكدة لأحقيتهم الشرعية بهذه العقارات لم يشفع لهؤلاء المزارعين عند حاضن هذه المقالع ألا وهو فرع الجيولوجيا لإعطائهم تأشيرة مرور خضراء بغية استثمار مادة الطف البركاني، وإذا كان ذلك غير ممكن فهم يطالبون فرع الجيولوجيا بدفع تعويض مالي لهم مقابل استثماره لهذه المقالع ولاسيما الواقع منها شمال مدينة شهبا، الأمر الذي أبقى هذه العقارات، ووفق رئيس الجمعية الفلاحية في مدينة شهبا مالك دنون ، ملكاً لهم ورقياً واسمياً ومحرمة عليهم استثمارياً لذلك وبعد السنوات العجاف التي مرت على هذه العقارات بات حرياً بفرع الجيولوجيا ووفق مطلب المزارعين رفع يده الاستثمارية عن أراضيهم المورثة لهم أباً عن جد لكونهم لم يستفيدوا من هذه الأراضي أي شيء يذكر سواء كان تعويضاً مالياً أو السماح باستثمار المادة المقلعية، مع العلم أن مادة الطف البركاني المتفجرة داخل بواطن هذه العقارات ونتيجة الظروف الراهنة أصبحت وبكل صراحة مرتعاً خصباً لممتهني المتاجرة بهذه المادة..

من خلال ماتقدم نستنتج أن احتضان هذه المقالع شرعياً من قبل الجيولوجيا لم يخرجها من دائرة التعديات، والمتتبع لواقعها سيلحظ أن خاصرتها باتت مستباحة من قبل هؤلاء مستغلين ما تمر فيه البلاد من ظروف صعبة لذلك يطالب أصحاب الأراضي المؤسسة العامة للجيولوجيا بضرورة الإفراج عن هذه العقارات وتالياً تأهيلها لكونها على وضعها الراهن قد تم إخراجها من دائرة الفلاحة والزراعة ولاسيما بعد أن تحول غطاؤها الترابي إلى رمال سوداء.

لجان تأهيلية مع وقف التنفيذ

يبدو أن اللجنة المشكلة بالقرار رقم2871 تاريخ27-10-2005 التي مضى على إطلاق يدها حوالي اثني عشر عاماً مازالت لجنة تأهيلية مع وقف التنفيذ وبالعودة إلى ماتوصلت إليه هذه اللجنة في أول اجتماع لها الذي على مايبدو كان الأول والأخير ولاسيما أن مهمتها الأساسية تكمن في دراسة إمكانية تأهيل مقالع الطف البركاني على مساحة المحافظة إذ توصلت اللجنة خلال هذا الاجتماع إلى عدد من المقترحات، التي للأسف لم تخرج بعد إلى حيز التنفيذ العملي، إلى إعادة تأهيل مقلع تل شيحان وذلك من خلال إقامة جدار من الأحجار الإسمنتية حوله إضافة لإعادة تأهيل مقلع رساس لكونه يقع ضمن منطقة سياحية، وحالياً من يزور المقلع سيرى أن عملية الاستجرار مستمرة على قدم وساق مايدل على أن هذا المقترح قد تبخر لعدم ترجمته عملياً. كما اقترحت اللجنة تأهيل مقلع العراض الشمالي من خلال غرسه بالأشجار الحراجية عدا عن تأهيل مقلع صميد وتل أحمر، وقد طالبت اللجنة بمحضرها بتكليف مصلحة حراج السويداء بإعداد دراسة فنية لتأهيل مقلع تل شيحان والعراض الشمالي بغية غرسهما بالأشجار الحراجية إضافة إلى تكليف الوحدات الإدارية بتقديم مقترحات بشأن إعادة تأهيل المقالع الواقعة ضمن حدودها الإدارية وأنهت اللجنة مقترحاتها بتكليف مديرية شؤون البيئة في المحافظة بالكشف على المواقع المذكورة أعلاه لتقييم الأثر البيئي لهذه المقالع.

والمثير للدهشة والاستغراب أنه بعد التواصل مع الدوائر المعنية وأين أصبحوا في هذه المقترحات وجدنا أنها لم تقم بتنفيذ أي مقترح، لذا قمنا بالاتصال مع مدير شؤون البيئة المهندس غالب أبو حمدان للاستفسار عن عمل هذه اللجنة باعتبار البيئة عضواً فيها فأجابنا بأن مديرية شؤون البيئة لم تقم بتقييم الأثر البيئي لهذه المقالع، وهذه اللجنة قديمة وعلينا التواصل مع فرع الجيولوجيا من أجل معرفة ماتوصلت إليه اللجنة، كما قمنا بالاتصال برئيس مصلحة أملاك الدولة في مديرية زراعة السويداء أكرم الحناوي باعتباره عضواً في اللجنة، قال: هناك لجنة مشكلة عام 2010 مهمتها الكشف على المقالع المرخصة أي الواقعة ضمن الأملاك الخاصة ومتابعة مدى كفاية الأعمال المنفذة. مضيفاً أنه لمعرفة المزيد من عمل هذه اللجنة علينا المتابعة مع فرع الجيولوجيا.

ماذا يقول فرع الجيولوجيا؟

بدوره الجيولوجي مازن الخطيب مدير فرع الجيولوجيا في المحافظة وبرده خطياً على استفساراتنا، قال: بالنسبة لمطالب مزارعي سهوة بلاطة فقد قامت الشركة العامة للرخام سابقاً باستثمار مقلع تل المطاحن منذ عام 1999 علما أن المقلع كان مستثمراً فيما مضى من قبل عدة جهات والتعديات على هذه العقارات كانت قبل بدء الشركة العامة للرخام بالاستثمار، مضيفاً أنه بالنسبة للتعويضات المالية هناك بعض المتضررين قد حصلوا على تعويضات مالية بعد أن تقدموا بدعاوى للقضاء، وعلى المتضررين الذين لم يحصلوا على أي تعويض التقدم بدعاوى قضائية والمؤسسة لن تتأخر في تنفيذ أي حكم قضائي يصدر لمصلحة المتضررين، مضيفاً أنه بالنسبة لمطلب أهالي مدينة شهبا حول رفع يد الجيولوجيا عن أراضيهم، فالمؤسسة العامة للجيولوجيا تستند في عملها إلى القانون/26/ لعام 2009 الذي حدد بموجبه المواد المقلعية التي يتم استثمارها من قبل شركات الثروة المعدنية التي يمكن ترخيصها لجهات القطاع العام والخاص مشيراً إلى أنه بالنسبة لتأهيل مقالع صميد وتل شيحان ورساس فمقلعا صميد ورساس مازالا قيد الاستثمار حالياً وحين الانتهاء من عملية الاستثمار يتم تأهيلهما، أما بالنسبة لتل شيحان فكانت عمليات الاستثمار تتم وفق طرق هندسية وعلى شكل مصاطب جاهزة لعمليات تشجير لاحقة. أما فيما يخص عمل اللجنة المشكلة عام 2010 فمهمتها تكمن بتقدير مدى كفاية الأعمال المنفذة من قبل الحاصل على ترخيص لإعادة تأهيل المقالع الخاصة وليس المقالع العامة.. وبالنسبة للجنة المشكلة عام2005 قال إنه لا يعلم عنها شيئاً. أما المقالع المستثمرة من قبل مؤسسة الجيولوجيا فلم يسجل فيها أي تعد لكونها محمية بالحراسة أما المواد البركانية المنتشرة على مساحة المحافظة والواقعة في الأملاك الخاصة فيتم القيام بجولات دورية شبه يومية عليها وإن معظم التعديات تحدث في المقالع الواقعة ضمن الأملاك الخاصة وقد تمت مخاطبة محافظة السويداء بضرورة توجيه الجهات المختصة لإيقاف أي آلية محملة بالمواد المقلعية ولاسيما التي لاتحمل مذكرات تحميل نظامية مع العلم أن فرع الجيولوجيا نظم منذ عام 2010 وحتى الآن حوالي 90 ضبطاً بحق المخالفين.

وأضاف مدير فرع الجيولوجيا: بالنسبة لمقترح تأهيل بعض المقالع فإنه في حال تم الانتهاء من استثمار أي مقلع عائد للمؤسسة ستتم مخاطبة محافظة السويداء لتوجيه مجلس المدينة أو البلديات لوضع الردميات ونواتج الحفر ضمن هذا المقلع، مع العلم أنه نتيجة الظروف الراهنة ففرع الجيولوجيا بات غير قادر على تغطية كل الأماكن /المحتضنة/ للمواد المقلعية.

أخيراً

إذاً الفجوة الاستجرارية التي أحدثتها حفنة من ضعاف النفوس داخل هذه المقالع الخاصة بات من الضروري الحد منها واقتلاعها من جذورها ولاسيما، كما ذكرنا، أن هذه المادة تعد ثروة وطنية وذلك من خلال الأخذ الجدي بكتب فرع الجيولوجيا المسطرة للجهات المعنية، ويبدو إذا تضافرت كل الجهود يصبح الحل سهلاً.

ومن ناحية ثانية نقول إنه يجب لملمة وتجميع كل القرارات المتضمنة تشكيل لجان خاصة بالمقالع بهدف تفعيلها من جديد أو الأمل بتقديم مقترحات ودراسات تخدم المواد المقلعية، عدا عن ذلك فمن المفترض فتح العملية الاستثمارية المتوقفة في عدد في المقالع العائدة ملكيتها لمؤسسة الجيولوجيا لأن في ذلك مردوداً مالياً على خزينة الدولة وتالياً إغلاق أبواب السرقة من قبل المتاجرين بهذه المادة.

السويداء – تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]