ملف زيت الزيتون السوري في “عنق الزجاجة” قولاً وفعلاً..مشكلات حتى الاختناق..؟!!

 

 

تعاظمت تكاليف إنتاج زيت الزيتون، لتصبح باهظة جداً بدءً بمستلزمات الإنتاج وليس إنتهاءً بأجور اليد العاملة والنقل والشحن وعملية العصر وصولاً لمرحلة التصدير، ومع حالة التذبذب والتخبط التي يعيشها سوق “زيت الزيتون” وتعقد إشكالية التخزين والتسويق يبقى المزارع والمستهلك المحلي ضحيتان دائمتان لحيتان السوق ولاسيما أولئك المتاجرين والمستغلين وفئة المساهمين بالتجميع والاحتكار بأسعار بخسة ومن ثم البيع بأسعار مرتفعة جداً ليأكلها المواطن الشاري.

هنا فرضت عدة تحديات أرهقت الفلاح والمواطن معاً بعد أن وصل سعر “بيدون” الزيت إلى 25 ألف ليرة  وأكثر خلال هذه الفترة وما قبلها، وما عليك إلا أن تتصور حجم المعاناة لكل صاحب عائلة كيف عليه أن يتدبر أموره، سيما إذا ما عرفنا  بأن متوسط حاجته السنوية لا تقل خمس عن “بيدونات” على الأقل.!

لا يخفى على أحد أن الحكومة عملت بشكل مباشر أو من خلال القطاع الخاص على فتح جبهات عدة لتسويق المادة إن كان داخلياً أو خارجياً بعد تغطية الطلب المحلي, وكان لأذرع التدخل الإيجابي بصمات وخطوات مهمة وجريئة حققت قفزة دعمت موقف المزارع وأمنت منتجاً للمستهلك وساهمت نوعاً ما في تحقيق التوازن في السوق ، كل ذلك لأن ثمة أهمية لشجرة الزيتون كمحصول أساسي بالنسبة للمواطنين السوريين وكذلك الدولة ليس فقط باعتبارها مصدر غذاء يومي  لكل أسرة ومصدر استقرار للأمن الغذائي السوري كما هو القمح والقطن والحمضيات وغيرها الكثير، وإنما بات زيت الزيتون خلال السنوات العشر الأخيرة الماضية أحد مصادر الدخل القومي ورافد مهم من روافد دعم الاقتصاد الوطني وتأمين مصادر الخزينة من العملات الأجنبية، لذلك أقيمت مراكز للأبحاث بغية زراعة الأصناف المناسبة للبيئة السورية، كما أحدثت الوحدات الإرشادية بغية تقديم كل المساعدة والمشورة والخبرة العلمية للمزارعين بالرغم من الملاحظات حول عمل هذه المراكز والوحدات وفعاليتها على الأرض’

ولأن لمحافظة طرطوس تاريخها وحاضرها في زراعة وإنتاج الزيتون وزيته فقد كان لزاماً  تسلط الضوء على واقع زراعة الزيتون وأهمية العمل على تسويقه  داخليا وخارجيا، حيث يبلغ عدد أشجار الزيتون بحسب مدير زراعة المحافظة المهندس تيسير بلال حوالي 11 مليون شجرة منها 10 ملايين مثمرة في حين تختلف كمية الإنتاج لعدة ظروف منها المعاومة  130 ألف طن زيتون بالعام الماضي، لافتاً إلى أن أهم الأصناف المزروعة هي الدعيبلي والخضيري والمنيقيري  وعيروني، كما تقوم المديرية بالتنسيق مع وزارة الزراعة\مديرية الانتاج النباتي والوقاية- الإرشاد الزراعي\ بتعميم زراعة صنفين أثبتا تحملهما لمرض عين الطاووس وهما صنفي السكري والعيروني، حيث أنشأت مديرية الزراعة بستان أمات  الأطاعيم وتوزيعها للمزارعين، بالإضافة لحملة مكافحة ربيعية نصف مجانية تقدمها الوزارة وتشمل المحروقات وآلات مكافحة على أن يقوم المزارع بتقديم المبيد المختص وكذلك تنفيذ برنامج مراقبة من خلال المصائد الفرمونية والغذائية المنتشرة في كافة المحافظة للحشرات التي تصيب ثمار الزيتون ومنها ذبابة ثمار الزيتون كما تعمل المديرية على اعتباره من المحاصيل الزراعية الرئيسية في المحافظة.

مضر أسعد رئيس اتحاد فلاحي المحافظة قال: أن الإنتاج لهذا الموسم يبشر بالخير ويأمل الاتحاد من الفلاحين التحضير الجيد بعد تقديم كل ما يحتاجه الموسم من عناية واهتمام ولفت أسعد بأن عملية تصدير  الفائض مهمة للغاية كونها تشكل مصدر دعم للاقتصاد الوطني ولكن بعد تأمين حاجة الاستهلاك المحلي بما يرضي طرفا العلاقة  المزارع والمستهلك وبشكل عادل ومنصف، وأكد أسعد أن أجور اليد العاملة وغيرها من أعمال التسميد وارتفاع كلفة النقل والشحن وحراثة الأرض أحد أسباب ارتفاع سعر تنكة الزيت خلال هذا الموسم .

من جانبه محمد شعبان رئيس جمعية أصحاب المعاصر بين أن أهم المشاكل التي تعترض أصحاب المعاصر تتجلى بارتفاع سعر مادة المازوت والكهرباء ومشكلة مياه الجفت  وتصريفها وكذلك واقع العمل والفرق بين المعاصر القديمة والحديثة حيث يقل إنتاج القديمة عن الحديثة ما نسبته 8% كزيت كون الحديثة تعتمد على عملية الطرد المركزي والمياه الساخنة في عملية عصر الزيتون، حيت تعتمد القديمة على كبس الخوص كذلك فإن عملية القطاف قبل أوانه تؤثر سلباً على كمية الإنتاج و الزيت المستخرجة، علماً أن من المشاكل التي يعاني منها أصحاب المعاصر – برأي شعبان – تعود لدور دوريات التموين التي تقوم بأخذ عينات خلال عملية العصر عندما تكون حبات الزيتون غير ناضجة و”تبدو مخالفة” وهذا يسبب الكثير من المشاكل بالنسبة لهم ومجمل هذه المشاكل أثرت على سعر المادة وعملية البيع بسعر يفوق إمكانية المواطن العادي، إذ غالبا ما يتم تحميل هذه التكاليف على قيمة المادة وسعرها .

بالعموم إن وجع المنتجين والمستهلكين والمصدرين جدير بأن تأخذه الجهات الوصائية  على محمل الجد وعلى نطاق عالي من المسؤولية الوطنية، سيما إذا أدركنا ما يهدد هذه الثروة الوطنية ويكون مصيرها كمصير أشجار الحمضيات التي حولها الكثير من المزارعين  إلى أحطاب.

لؤي تفاحة – طرطوس

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]