دراسة تكشف أسباب التضخم في الاقتصاد السوري وتأثيره على سعر الصرف

دمشق – الخبير السوري:

وصلت العوامل الاقتصادية المتشابكة والمتداخلة في سورية إلى مرحلة يصعب الفصل بينها، لذلك فهي لم تنتج تضخما صافيا عاديا، بل أدت إلى ركود تضخمي وهو احد أهم الأمراض الاقتصادية التي نعيشها والتي تتزامن مع أزمة خانقة سببت ارتفاع في أسعار السلع والمنتجات، مقابل طلب ضعيف عليها، مما أدى إلى تضخم يفسر زيادة الطلب على العرض.

وبينت دراسة اقتصادية حديثة لجمعية العلوم الاقتصادية أن العلاج الحقيقي للتضخم  يكون من خلال اعتماد سياسة مالية ونقدية تقشفية تقوم على الحد من عرض النقود في السوق، أما علاج حالة الانكماش أو الركود “زيادة العرض على الطلب”  فيكون عن طريق سياسة توسعية بزيادة الإنفاق الحكومي وزيادة في العرض النقدي، أي أن علاج الأول هو عكس علاج الثاني.

وبحسب الدراسة فإن حالة الركود التضخمي التي تعيشها البلاد ناجمة عن خلل قائم بين الكتلة النقدية التي ازدادت بأكثر من 20% خلال الأزمة وتراجع الاقتصاد  الحقيقي ممثلا بالناتج المحلي، ويمكن القول أن التركيز في السياسات الاقتصادية على الجانب النقدي في زيادة عرض النقد وإهمال الجانب الاقتصادي الحقيقي، من شأنه أن يفاقم هذه المشكلة ويزيد من صعوبة معالجتها.

وبينت الدراسة أن أسباب الحالة التضخمية للاقتصاد تعود إلى أثر العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب منذ بداية الأزمة على البلاد، والتي اشتملت على تجارة النفط، والقطاع المالي، وعلى قطاع التجارة الخارجية، الأمر الذي أثر سلبا في حركتي الاستيراد والتصدير، وبمعنى آخر فإن بقاء الطلب وانخفاض العرض في الأسواق من السلع والخدمات أدى إلى خلل حقيقي بين أسعار عناصر الإنتاج وأسعار السلع والخدمات، كما أثرت العقوبات على ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين وتكاليف التحويلات والاعتمادات المالية، وأيضا تدهور الإنتاج المحلي وتراجع عجلته بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد، إذ باتت الحكومة بالكاد تستطيع تأمين المستلزمات والمواد الأساسية للمواطنين ما دفعها إلى عقد اتفاقيات ومعاهدات تجارية مع الدول الصديقة من أجل توريد البترول والغذاء والدواء. وبالتالي بات الاقتصاد السوري منكشفا على العالم الخارجي، لاعتماده شبه المطلق على الواردات الإيرانية والروسية المموّلة بالقروض والتسهيلات المالية الخارجية مما سبّب ارتفاع الأسعار نتيجة للتضخم المستورد وتفاقم العجز.

وكشفت الدراسة أن التضخم نتج عن السياسات الحكومية والتي عملت على تحرير أسعار السلع الأساسية، من قبيل ترشيد الدعم وعقلتنه وسد عجز الموازنة وتوفير السيولة للرواتب والإنفاق العسكري، وإلى رفع الدعم جزئيا عن الخبز والمشتقات النفطية والكهرباء، حيث زادت أسعار الوقود بنسبة 56 % والخبز 40 % والغاز المنزلي 45%، فضلا عن الاحتكار الذي ظهر من قبل تجار الحرب والفاسدين لهذه المواد حيث يتم بيعها بأسعار مرتفعة أكثر من ثمنها الحقيقي.

وبالمقلب الآخر فإن سياسة ترشيد الدعم أسهمت بالتخفيف من عجز الموازنة من حوالي 42 % في عام 2014 إلى 28 % في عام 2015 ، لكنها من ناحية أخرى أسهمت في تعميق الركود الاقتصادي، لأنها رفعت من تكلفة إنتاج السلع والخدمات التي لا تزال تُنتج محليا، وزادت من الضغوط التضخمية على الأسعار، فأدت إلى تراجع قيمة العملة المحلية بشكل أكبر وتراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.

ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]