حقائق “سوق وصندوق” الأدوية في سورية..بين فقدان أصناف وإتاحة بدائل “ضاعت البوصلة”..

دمشق الخبير السوري:

يبقى رهان الحكومات أثناء الازمات والحروب قائما على إيجاد توازنات تفضي إلى الحفاظ على مكونات الامن الدوائي من خلال المحافظة على سلسلة التأمين الدوائي بدءا من المعمل الذي يجب أن يحافظ على خطته الانتاجية وتوزيعه المتوازن لكافة المحافظات وعدم احتكاره للأدوية في مخازنه ومستودعاته لأي سبب من الأسباب، ويعمل على توثيق خطة التوزيع وإشهارها لكي تتم مراقبتها مركزيا، ومرورا بالمستودعات المسؤولة عن توزيع الادوية الواردة بالأسعار المقررة وعدم تحميل الصيادلة سللا دوائية بأدوية غير مرغوبة، وانتهاء بالصيدليات المسؤولة عن نقطة التوزيع النهائية للأدوية وهي تتحمل مسؤولية كبيرة جدا في ارشاد المريض وضمان تسليمه الدواء الصحيح وتوعيته مع الالتزام بالسعر المحدد  للدواء،    وبالتالي يقع على عاتق هذه الثلاثية مسؤولية الحفاظ على  منظومة الامن الدوائي. وأمام هذه المسلمات كان الواقع الدوائي في سورية خلال السنوات الماضية مضبوطا الى حد ما رغم ما أصاب هذا السوق من شائعات تروج لفقدان أكثر من خمسة آلاف صنف دوائي والى غير ذلك من عدم فعالية الادوية السورية،  إلا أن المجلس العلمي للصناعات الدوائية السورية وبالتعاون مع وزارة الصحة استطاع أن يحافظ على المنظومة الدوائية من خلال دعم المعامل الدوائية بتأمين المواد الاولية لهذه الصناعات وغيرها من المستلزمات الاخرى.

استراتيجية 

معاون وزير الصحة لشؤون الدواء الدكتورة هدى السيد بينت الاستراتيجية التي تعمل عليها الوزارة في ضبط التأمين الدوائي، والتي تبدأ من ضبط انتاج المعامل للدواء ومتابعة توزيعه على المستودعات في كافة المحافظات “ضمان التوزيع الجغرافي” والتأكيد على المعامل بمتابعة توفير أدويتها بالمحافظات كافة وبدرجة متوازنة، اضافة الى توزيع المستودعات للأدوية على الصيدليات والسماح بتوزيع المعامل للأدوية على مديريات الصحة وهيئات المشافي المستقلة مباشرة وضبط البيع بالصيدليات وتأكيد عدم احتكار وعدم توزيع وبيع ادوية مهربة أو مزورة والالتزام بالسعر المحدد، فضلا عن المعالجة الاقتصادية للأصناف الخاسرة لضمان استمرار انتاجها والأولوية للصادات لأهميتها الاستراتيجية مع فتح قاعدة السبع والعشر أصناف لبعض الادوية ذات الحاجة الملحة ويمكن البدء برفع قاعدة السبع اصناف للصادات الى عشرة لضمان تامين السوق.

وأوضحت السيد أنه بالرغم من الخسارة الانتاجية للصادرات مازالت المعامل تعمل على تصنيعها وتوردها حسب امكانيات التصنيع، حيث تقوم أربعة معامل بتزويد الوزارة بأدوية الصادات الخاصة بالأطفال فيما يبدأ معمل المنصورة في حلب بالإنتاج للصادات الحيوية خلال اليومين القادمين بعد توقفه لمدة شهر ونصف.

تميز 

وأوضحت السيد أن الصناعة الدوائية السورية تميزت خلال الازمة بأنها كانت وحدها من بين كافة المنتجات والسلع التي حافظت على سعرها لمدة تزيد عن السنتين إيمانا منها بضرورة حماية المواطن في دوائه وغذائه رغم ارتفاع سعر الصرف للقطع الاجنبي اللازم لاستيراد مستلزمات الصناعة واستمرارها بالإنتاج وعدم حدوث نقص يصل الى مستوى الفقدان بمنتجاتها واستمرار تأمين دواء محلي آمن وفعال وبسعر بمتناول المواطن، مشيرة إلى أنه  ورغم الزيادة النسبية التي حصلت في العام 2015 ما زال سعر الدواء يعادل من 1- 10% فقط من سعر المستورد  وان الصناعة الدوائية حافظت على كافة العاملين في المعامل، وبذلك حافظت على تشغيل ما يزيد عن 25 الف عامل نصفهم من الصيادلة والكيمائيين والمهندسين والعمال المهرة في الصناعة الدوائية، كما انها ساعدت في دعم الاقتصاد الوطني في استمرار التصدير خلال الازمة، حيث ما زالت هذه الصناعة تصدر الى 17 بلدا حتى الان  من خلال وجود  70 معملا منتجا يعملون حاليا، كاشفة عن وجود 12 معملا قيد التأسيس  والإقلاع.

وأشارت السيد الى آلية التصنيع الدوائي المتبعة والتي تهدف الى تغطية السوق المحلية بحاجتها من الدواء وفق لائحة الادوية الاساسية، مع تخفيض حجم الاستيراد للأدوية غير المصنعة في سورية، والقيام بتصنيعها محليا وفق قائمة احتياجات وزارة الصحة والجهات الصحية الاخرى، اضافة الى دعم تصدير الدواء حيث هو في مقدمة المنتجات المصدرة من سورية، وقد وصل قيمة التصدير في فترات سابقة الى 220 مليون دولار.

 فقدان   

رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الدكتور زهير فضلون بين  أنه ضمانا للأمن الدوائي كان لابد من اعتماد قاعدة تتضمن ترخيص لـ 7 معامل تقوم بتصنيع الصنف الدوائي النوعي نفسه وعشرة معامل للدواء غير النوعي، وذلك منعا للاحتكار وحفاظا على تامين السوق وضمانه، ولذلك تبقى لدينا امكانية استخدام البديل بنفس التركيب ولكن باسم تجاري مختلف ويكون الدواءان متماثلان بالفعالية والأمان.

كاشفا عن ان معظم حالات فقدان الدواء التي يعلن عنها هي لفقدان اسم تجاري معين وليس زمرة دوائية علاجية، نافيا الشائعات التي تتحدث عن فقدان الاوغمنتين وتعتبره مثالا لفقدان كافة المضادات الحيوية، وهذا رأيه غير واقعي، والحديث عن ازمة دوائية حالية غير مبني على وقائع حقيقية، بدليل أن ما يشاع من الصادات مفقودة والاوغمنتين على وجه التحديد، في حين يتوفر تسع مشابهات للاوغمنتين “الاسم التجاري” بنفس التركيب والنوعية، ومثالا آخر حول ما يشاع عن فقدان الادوية مثل الجنسنغ وحبوب الطلع والفيتامينات العامة وليس العلاجية، في حين أن هذه المواد كلها تعتبر متممات غذائية وليست مصنفة كأدوية ولا تدخل ضمن لائحة الادوية الاساسية السورية او لائحة منظمة الصحة العالمية للادوية الاساسية التي يجب توفرها لضمان السياسة العلاجية في بلد ما.

وأكد فضلون أن الدواء لا يعتبر مفقودا اذا وجد مماثل للاسم التجاري بنفس التركيب للاسم التجاري المعني وان الوزارة  تتبع الية دقيقة لتحديد الادوية المفقودة وذلك بسبر ميداني للصيدليات ومعرفة سبب عدم توفر دواء معين، فمن خلال الجوالات التي قامت بها الوزارة  تبين أن 50 % من الصيدليات التي تم سبرها يتوفر فيها الدواء الذي يقال عنه أنه مقطوع وبالسعر النظامي بينما الصيدليات المتبقية لم تستجره من المستودعات لاسباب تجارية بينها وبين المستودعات وفي الوقت الذي يشاع بان صادات الاطفال غير متوفرة تقوم خمس معامل حاليا بانتاجها وتوزعها في كافة المحافظات وستقوم ثلاث معامل اخرى ببدء الانتاج بعد توقفها لمدة شهرين خلال معركة تحرير حلب، مشيراً إلى أن كل ما هو مطلوب ان يكون الصيدلي على علم بالمماثلات ويتصل بالطبيب المعالج ويخبره بتوفر المماثل.

تصر بعض الصدليات على ان ادوية الرشح والسعال مفقودة ولكن من المعروف ان هذه الادوية متنوعة وكافة المعامل تنتجها ولها بدائل متوفرة ولكن الادوية الحاوية على مادة البسودوافدرين فهي مقننة ولا يتم استيرادها بشكل مفتوح لانه ثبت بالدليل القاطع تلاعب البعض بهذه المادة واستخدامها بمجالات أخرى مضرة، وهنا يبين فضلون أن آلية المتابعة من قبل وزارة الصحة لفقدان الادوية تكون عادة متابعة لاسم الدواء بعينه وشكله الصيدلالي  وشركته المنتجه.

الجودة  

وحول ما يثار حول جودة الدواء بين فضلون أن الصناعات الدوائية السورية هي من أدخل مفهوم الجودة الى الصناعات الدوائية وهي من يطبق مفهوم التصنيع الجيد للدواء وتمارسه منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وهي من طبق ويطبق مفهوم الجودة الشاملة وضمان الجودة والنوعية مشيراً إلى أن مراقبة الادوية تتم من خلال مستويين الاول في مخابر المعمل نفسه وفي المخابر المركزية لوزارة الصحة ويطبق عليها معايير دساتير الادوية ولا يسمح للمعمل بتسويق أي منتج دون المواصفات الدستورية والتشكيك بالفعالية يأتي عادة بشكل اشاعات ولا يملك مستندا علميا موثقا وليس من مصلحة أي معمل أن ينتج دواء غير فعال لانه يضر بسمعته في السوق الطبية، كما وتراقب الادوية في المستوى الثاني منذ وصول المادة الاولية وخلال التصنيع وبعد انتاج المنتج النهائي وخلال فترة التخزين.

ويعتبر فضلون أن القول بان ظروف الازمة قد تدفع بعض المعامل  لتغير معايير المادة الاولية فهذا غير صحيح وغير مقبول، لان المعمل أمام احتمالين لا ثالث لهما أما أن ينتج أو يوقف الانتاج فالدواء هو دواء وليس هناك دواء خمس نجوم وآخر نجمة واحدة فكلها محققة للمواصفات ولن يتجرا أي معمل لتغيير مواصفات معتمدة لان ذلك سيكون مضرا بمعمله وبالمواطن، وفي حال عدم إعطاء الأدوية النتيجة المرجوة يتم البحث عن الاسباب فمنها ما هو عائد للتصنيع أو التوافر الحيوي ومنها ما يعود الى دقة التشخيص وخاصة في حالة الصادات الحيوية فمن المعروف ان لدينا سوء استخدام للصادات.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]