الجميع معنيٌّ بهذه المهمة السامية.. رؤى وأفكار حول السبل الإعلامية والثقافية لتعزيز الهوية الوطنية في ثقافي أبو رمانة

الخبير السوري:

يلعب الإعلام والثقافة دوراً حاسماً في نقل القيم والتقاليد والتاريخ والهوية الثقافية للشعوب وتعزيز الانتماء والولاء للوطن، إضافة إلى نشر الوعي والتثقيف عبر وسائل وممارسات تسهم في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة ومتحضرة. أفكارٌ ورؤى قيِّمة تمّ الوقوف على أبرزها من وجهة نظر الزميلين ناظم عيد رئيس تحرير صحيفة تشرين، وأنسام السيد مديرة قناة الدراما الفضائية.. الإعلاميان المخضرمان في مجالي الإعلام المكتوب والمرئي، ذلك إبان استضافتهما في ندوة أقيمت في ثقافي أبو رمانة مساء أمس بعنوان (السبل الإعلامية والثقافية التي تعزز الانتماء والهوية) بإدارة الزميل في وكالة سانا محمد خالد الخضر..الكاتب الصحفي والشاعر المعروف.

= عيد: علينا بلورة منظومة فاعلة قوية على الصعيدين التقليدي والإعلام الجديد و وصنع سياسات تتماشى مع الهدف الوطني السامي من تعزيز الهوية الوطنية والانتماء

مهمة متكاملة

“مهمة تعزيز الهوية والانتماء مهمة مجتمعية متكاملة لا يمكن التنصل منها، من جانب المؤسسات ولا الأفراد ولا الجهات الرسمية ولا من قبل هيئات المجتمع الأهلي، فالجميع معنيٌّ بهذه المهمة السامية” بهذه العبارات استهل رئيس تحرير صحيفة تشرين كلمته، منوهاً بضرورة التفكير بإعادة بناء مفهوم الانتماء والهوية وتجلياته، عبر إعادة البناء للوجدان والهوية، جنباً إلى جنبٍ مع الإعلام؛ كمنظومة ومنهج وأدوات. مؤكداً أنّ التعويل على المؤسسة الإعلامية يتطلب إصلاحاً خاصة بعد التغييرات القاهرة التي نالتها :”فالإعلام الذي يملك تكنولوجيا أرقى وأفضل فعالية يمتلك الرسالة القادرة على الوصول أكثر”.

ثم أوضح عيد تأثير الإعلام في بناء الهوية من جهة وبالرأي العام من جهة ثانية مشعلاً التساؤل عمن يقوم بهذا الدور؛ المؤسسات الوطنية القائمة المسؤولة عن الكلمة وعن المعلومة، أم الإعلام الجديد السريع والمتاح والرشيق منخفض التكلفة بالقول: “نحن أمام مشكلة كبيرة فيما يخص الهوية الوطنية.. فالإعلام لا يصنع بل يظهر ملامح ونماذج وقيماً وأخلاقيات، بينما تتسبب الميديا الجديدة بتحولات قاهرة على مستوى الوعي والنظرة للمستقبل والتراث والحياة.. ونحن كمؤسسات لا نعترف بهذا المولود الجديد غير الشرعي للمنظومة الإعلامية، في حين يعود الجميع إليه”

اقتراح الضم

وفي مضمون حديثه أشار عيد إلى اقتراح حل يشمل ضم الإعلام الجديد إلى المنظومة الإعلامية وإخضاعه لنهج ورؤى وسياسات من دون حجب الرأي الآخر، عبر أدوات تتماهى مع رغبات المتلقي في مضمار الإعلام الجديد، ذلك في مواجهة الضخ الكثيف والسريع والمنظم والممنهج القادم من صفحات خارجية مجهولة: “يتوجب علينا بلورة منظومة فاعلة قوية على الصعيدين التقليدي والإعلام الجديد وصنع سياسات تتماشى مع الهدف الوطني السامي من تعزيز الهوية الوطنية والانتماء”.

أما على المستوى التنفيذي، فأكد رئيس تحرير صحيفة تشرين أنّ ثقة المواطن بالمؤسسة الإعلامية يتطلب إنجازاً إيجابياً يبرهن عبر مجموع ما تنشره بأن هذه الدولة الوطنية مازلت وطنية، تقوم بمهامها بشكل متكامل. موضحاً بأن الإعلام الفاعل يجب أن يحظى بقناعة المسؤول ذاته في ظلّ ما نعيشه من صعوبات معيشية، و يتطلب حضوره في جميع وسائل الإعلام، فيما يتكفل الإعلامي بصناعة المحتوى وإيصال الرسالة من المادة الخام.

منظمومة متكاملة

كما طالب عيد بضرورة وجود منظومة متكاملة لجميع مؤسسات الدولة في إطار هذا الفضاء الجديد، تحمل محتوى حقيقياً يضمن المصداقية في وجه الأخبار الكاذبة قائلاً: “الإعلام التقليدي ليس بقادر اليوم على مواجهة ما يتلقاه من إعلام ممول من الخارج لذا يجب النهوض به ودعمه مادياً وتقنياً وصناعة الكوادر الوطنية صاحبة الانتماء والمهارة والقدرة على الإقناع بعد تسرب كوادرنا، وذلك عبر جذب المتلقي، من خلال الوقوف على هموم ومشاكل الناس”.

وأنهى عيد حديثه بالإشادة بالتراث السوري الغني الحافل بالقيم.. فسورية بعد حرب التخريب لا تزال دولة ذات مقومات وإمكانات وتاريخ وملامح ناصعة علينا إعادة تسليط الضوء عليها عبر وسيلة قادرة على الانتشار.

عمق المفهوم

أما أنسام السيد مديرة قناة الدراما السورية فأوضحت في محاضرتها أن موضوع الهوية والانتماء عميق، حاولت الدراما لعب الدور الأبرز لترسيخ معانيه من خلال الأعمال التي نقلت بطولات وتضحيات الجيش العربي السوري وصمود هذا الشعب العريق من خلال تمسكه بأرضه . “مابرح الانتماء للأرض انتماء لمنظومة قيم وأخلاق تعكس أفعالاً وسلوكياتٍ تهدف لتعزيز الاستقرار في الوطن والدفاع عنه والتقيد بأنظمته واحترام قوانينه وفق مبادئ أخلاقية ضمن نسيج مجتمعي متماسك قائم على التعاون والمحبة واحترام العادات والتقاليد.

فقد قدم الإعلام الكثير بأقل ما يمكن من كوادر تقنية وبشرية ومادية”.. مؤكدة ضرورة تقديم الدعم المادي مع دعم الأفكار الخلاقة، والحدّ من هجرة الشباب المبدعين، أصحاب الأفكار والطاقات الكامنة : “نحن بحاجة إلى الحفاظ على الإنسان السوري الذي يبث الخير والفرح والنجاح حتى نحافظ على هويتنا وانتمائنا. لا ننكر تبعات الحرب القذرة وما أنتجته من حصار وظروف صعبة، لكن نحاول أن نتجاوزها بكل ما أوتينا من قوة وصبر وإيمان بالبلد”

= السيد: مابرح الانتماء للأرض انتماء لمنظومة قيم وأخلاق تعكس أفعالاً وسلوكياتٍ تهدف لتعزيز الاستقرار في الوطن والتقيد بأنظمته واحترام قوانينه وفق مبادئ أخلاقية ضمن نسيج مجتمعي

كما أشادت مديرة قناة الدراما بدور الأسرة بما يخصّ تعزيز القيم والانتماء جنباً إلى جنب مع المهام المنوطة بالوزارات والمؤسسات التعليمية والدينية من خلال الأنشطة والفعاليات ذات الشأن، ذلك في مواجهة موجة السموم التي تضخ يومياً مشوهة الذائقة السمعية والبصرية والإنسانية والوطنية والأخلاقية.

“نحن بحاجة إلى الوحدة فيما بيننا وأن يجمعنا رباط مقدس يشكل بناء حضارياً كامل الأركان وشامل البنيان من خلال ترسيخ قيم المواطنة الصالحة. كما نحاول قدر الإمكان الحفاظ على التراث اللامادي وتوثيقه وهذا ما حرصت عليه الدولة والإعلام على الدوام” .

حلول متكاملة

أما فيما يخصّ الحلول فذكرت السيد أن تعزيز الهوية الوطنية يقوم بتعزيز الهوية الثقافية المتكاملة عبر تمكين اللغة العربية، وتبني برامج تسلط الضوء على المواهب المتميزة، إضافة إلى نشر الوعي عبر الانفتاح على كافة الثقافات والاستفادة من علوم العصر.

وختمت أنسام السيّد حديثها بالتأكيد على أنّ سورية ما فتئت تصدِّر للعالم الفن والحب والسلام والجمال والنور : ” فلنشعل شمعة بدل أن نلعن الظلام، ولنبادر بالعمل بدل انتظار الآخرين كي ننهض بمجتمعنا ونصب جهودنا في بوتقة واحدة اسمها سورية”..

ضرورة

الشاعر الإعلامي محمد خالد الخضر الذي أدار الندوة أشار إلى مخاطر ابتعاد المجتمع والشباب عن الثقافة، الأمر الذي يؤثر سلباً على مستقبلهم، مشدداً على ضرورة التصدي لما تواجهه اللغة العربية من صعوبات تحاول النيل منها ولاسيما المصطلحات الدخيلة عليها.

رئيس المركز الثقافي عمار بقلة رأى أن مشاركة رؤساء المؤسسات الثقافية والإعلامية بالندوة لها دور في تعزيز الوعي حول أهمية التمسك بهويتنا وحضارتنا، مشيراً إلى أن المداخلات والنقاشات أسهمت بإغناء الأراء والأفكار المطروحة.

وفي ختام الندوة تفاعل المشاركون والحضور في مناقشة بعض المحاور متبادلين مداخلات قيِّمة انتهت إلى أهمية توجيه الجهود نحو بناء وتعزيز الهوية الوطنية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. بأمل مزيد من الحوار والتعاون في هذا الشأن.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]