على ما يبدو، لن تختلف “حدوتة” الموز والحمضيات هذا العام عما سبقها من أعوام مضت، ومضت معها مواسم من الحمضيات افترشت الأراضي لإطعام المواشي وكانت ضيفاً ثقيلاً على الموائد في الوقت ذاته، في حين كان الموز المستورد يتصدّر السيارات الجوّالة وصالات التدخل الإيجابي ورفوف البقاليات. إذ بدأ السيناريو هذا العام ككل عام بتواجد خجول للموز “المهرّب” بحسب التجار وبأسعار بدأت بـ 50 ألفا للكغ، ووصلت لـ 80 ألفا في محال الخمس نجوم،، ليُحدث تواجده بهذا السعر، وفي هذا الوقت، ضجة من قبل المواطنين الذين يعانون من تأمين أبسط مقومات العيش!
في المقابل، بدأت صفحات التواصل الاجتماعي تُنبئ باستعداد الجهات المعنية بعد حين، وفي فترة طرح الحمضيات في الأسواق المحلية، باستيراد كميات من الموز تغطي حاجة السوق المحلي وبأسعار تتنافس مع أسعار الحمضيات لترجح في النهاية كفة الموز على الحمضيات كونه مرغوبا للأطفال بشكل أكبر، في حين تبقى معضلة الحمضيات عصيّة عن الحل من قبل الفريق الزراعي المختصّ.
تسعير مزاجي
فلاحو الساحل يؤكدون تخوّفهم من تكرار خطوة استيراد الموز هذا العام لاسيّما وأنّ العواقب التي نتجت عن هذه الخطوة كانت كبيرة ودُفعت الخسائر من جيوبهم، في حين أكد لنا عدد من تجار سوق الهال وجود موز مهرب بأنواع عديدة في السوق المحلي وأنّ ارتفاع سعره يعود لقلّة وجوده ودخوله بشكل غير شرعي.
في المقابل، نفى أسامة زيد، المسؤول الإعلامي في سوق الهال، لـ “البعث”، وجود موز مهرّب في السوق، لافتاً إلى أن جميع الأنواع الموجودة في الفترة الحالية هي من منطقة طرطوس إلّا أن الكميات المطروحة والمنتجة قليلة، بالتالي يرتفع سعرها، ونوّه زيد إلى أن سعر أفضل الأنواع لا يتعدى الـ 30 ألف ليرة في سوق الهال، في حين يتم تسعيره في البقاليات والمحال التجارية على المزاج. ولم ينف المسؤول الإعلامي استيراد الموز اللبناني في الشهرين القادمين كون الإنتاج المحلي ضعيفا لا يغطي حاجة السوق، وسعره الحالي لا يناسب سوى فئات معيّنة، إلّا أن الاستيراد يجب أن يكون مبنيا على ضوابط تحدد كمية الموز المسموح باستيراده بما يسد حاجة السوق المحلية، مشيراً إلى أن اتحاد الفلاحين يقوم كل عام بإعداد مذكرة للحكومة لتحديد كميات الموز المستجر بشكل لا يضر بالزراعات المحلية من الحمضيات وغيرها من الفواكه.
خط تهريب
بدوره، أكد عبد الرحمن قرنفلة، المستشار الفني في غرفة الزراعة، أن أغلب أصناف الموز الموجودة في السوق حالياً مصدرها التهريب، فالموز المزروع في طرطوس ليس الصنف الوحيد الموجود في السوق، رغم أن المناخ في منطقة الساحل مناسب جداً للتوسع بهذه الزراعة.
واستغرب قرنفلة استياء المواطنين من ارتفاع سعره حالياً في الوقت الذي لا تعتبر هذه الفاكهة من المواد الغذائية الضرورية باستثناء بعض المرضى الذين تستلزم حالاتهم وجود الموز بغذائهم.
المستشار الفني أكد أن ارتفاع سعر المادة اليوم سببه قلة المعروض منها، في حين سينخفض سعرها مع أي قرار استيراد لها، معتبراً أن نهج استيراد الموز مع بداية موسم الحمضيات كارثة حقيقية، وفي حال اضطرت الحكومة لاستيراد الموز يجب أن يكون قبل أو بعد موسم الحمضيات، مع ضرورة وجود برنامج توعوي يومي حول فوائد الحمضيات للترويج للمادة في موسمها وتشجيع استهلاكها.
ولفت قرنفلة إلى أن الجهات المعنية تحارب الفلاح بخططها حين تهمل تسويق المنتج الزراعي وتصريفه بالشكل الصحيح، لافتاً إلى أن الحديث عن إنشاء معامل للعصائر لتصريف الحمضيات المحلية غير مُجد، لا سيّما وأن أقل من 5% من الأصناف المحلية هي أصناف تصنيعية، أما ما تبقى فهي أصناف صالحة للاستهلاك
المباشر نتيجة سوء التخطيط الزراعي وعدم تحليل ودراسة واقع التربة والبحث الحقيقي عن مواصفات الثمرة التكنولوجية