الوزير السابق عمرو سالم يعترف بما لم يعترف به على زمن ” الحقيبة”..هذه أسباب ارتفاع الأسعار …وهذا هو العلاج

الخبير السوري:

اعترف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، بأن تكلفة المنتجات السوريّة والمواد المستوردة، هي أعلى من دول الجوار بين ٤٠% كحد أدنى ويصل إلى ١٠٠% حسب المادة أو المنتج والمدة وفرق سعر الصرف.

وهذا ما لم يكن يعترف به الوزير سالم سابقاً، و هو ما وصفه بأنه يسبب أزمات متعددة، أهمها ضعف القدرة الشرائية للمواطن السوري مقارنةً بأسعار المنتجات المتوافرة في السوق (المنتجة محلياً والمستوردة وحتى المنتجات الزراعية)، و ضعف القدرة التنافسية للمنتجات السورية في أسواق التصدير مما يحرمنا من القطع الأجنبي ويزيد تفاقم المشكلة.

أسباب ارتفاع الأسعار

وبخصوص أسباب ارتفاع الأسعار .. اعتبر سالم في منشور له على فيسبوك، أن المواد الاستهلاكية وحتى الصناعية في سورية، تحمل تكاليف عالية لا تتواجد في بلدان أخرى تؤدّي الى ارتفاع أسعارها عن مستواها الطبيعي وذلك بسبب:

  • السبب الأول…نقص القطع الأجنبي وآلية التمويل عبر المنصة – والتي قام المركزي بإعادة اعتمادها بشكل مغاير جزئياً، لكنها لا تزال تعاني من نفس نقاط الضعف الموجودة فيها في الأعوام الأخيرة والتي تؤدي لتكاليف تمويل عالية تساهم بجزء كبير من ارتفاع أسعار البضائع بسبب آليتها وهي:

– يحصل التاجر أو الصناعي على إجازة استيراد ويثبت طلبه لدى المورد الأجنبي الذي يطلب منه التسديد الفوري بالقطع الأجنبي بسبب عدم إمكانيّة فتح اعتماد مستندي بسبب العقوبات الجائرة على المصارف السوريّة والمصرف المركزي.

– يذهب المستورد إلى المصرف المركزي فيطلب منه تسديد قيمة ما طلبه من الخارج بالليرات السّوريّة وفق سعر الصرف في حينه. وهذا يعني أنه دفع قيمة البضاعة مرتين. وهذه أول كلفةٍ تضاف على تكاليف الاستيراد.

– ينتظر المستورد عدة أشهر حتى يتم تخصيصه بالقطع الأجنبي (القص). وهذه أيضاً كلفةٌ إضافيّة تحسب من تجميد رأس المال.

– عندما يتم تخصيص القطع لا يتم بسعر القطع عندما أودع المستورد قيمة بضاعته بالليرات السّوريّة، بل يحسب وفق يوم تخصيص القطع، وواحد من الأمثلة الكثيرة التي رأيناها اثناء التسعير بموجب المرسوم التشريعي رقم ٨، هي أن تاجر أو صناعي أودع الليرات السوريّة في شركات الصرافة بسعر الدولار ٤٤٠٠ ليرة سوريّة، وبعد أشهر تم تخصيص القطع له بسعر ٦٩٥٠ ليرة، وطلب منه تسديد الفرق بين سعري الصرف، وكل عمليات التمويل تشهد تماماً هذه الطريقة بغض النظر عن سعر الصرف حينها.

– وهذه لوحدها كلفة إضافية مقدارها ٥٧% تحسب على التكاليف الحقيقيّة التي لا يجوز عدم حسابها وفق المرسوم التشريعي رقم ٨.

– بعد أن يتم التخصيص بالقطع، لا يتم تحويل القطع فوراً. بل ينتظر شهوراً أخرى او يحول بالتدريج. وهذه ايضاً تكاليف إضافيّةٌ للتكاليف المذكورة أعلاه.

  • السبب الثاني… الرسوم الجمركية الإضافية والتي يذهب عائدها إلى جهات مختلفة مثل الإدارة المحليّة وإعادة الإعمار وجهاتٍ أخرى. علماً بأن هذه الرسوم الإضافيّة تعادل الرسوم الجمركية أو تفوقها حسب البند الجمركي. ولا بد من الإشارة إلى أن الرسوم فوق الجمركية. أي تحميل رسم فوق رسم هي غير جائزة قانوناً. وبمكن فرض ضمائم على المستوردات غير الأساسية أما في حالة المواد الأساسيّة فهذا غير مقبول إطلاقاً.

  • السبب الثالث.. تكاليف حوامل الطاقة والتي تضطر غالبية المنشئات بشرائها من السوق السوداء بأسعار بسبب عدم توافرها من القنوات النظامية رغم توافرها في السوق السوداء وذلك كله رفع تعرفة الكهرباء وقلة المشتقّات النفطيّة التي نفهمها ونفهم ظروفها ولا حاجة لمناقشتها هنا.

  • السبب الرابع…تكاليف الشحن الإضافية مثل رسوم المعابر والحواجز وغيرها.

وبالتالي ووفقاً لطبيعة وواقع العمل  فإن هذه الرسوم والتكاليف الإضافية كلها تعكس على الأسعار النهائية للسلع في السوق وبالنهاية المواطن هو من يقوم بسداد قيمتها علماً بأن ارتفاع أسعار المواد بهذا الشكل لا يفيد التجار لأنه و مع ضعف القدرة الشرائية تنخفض مبيعاتهم ومعها أرباحهم. (و لن نتجاهل بأن بعض التجار وضعاف النفوس ممين يستغلون الأزمات يعملون بأسلوب “الضربات” لتحقيق أرباح قصيرة الأمد لكن هذا لا ينطبق على غالبية تجار وصناعيي سورية والذين يعملون بهدف تحقيق نجاح مستمر وطويل الأمد).

آليّة ضبط الأسعار والأسواق:

أما فيما يتعلّق بآلية ضبط الأسعار..فيقول سالم: انطلاقاً من أن ارتفاع الأسعار هو انعكاس لعوامل عديدة وحقيقة وأنه في غالبية الأوقات هي ليست بفرض طمع أو جشع فإن آلية فرض الأسعار ورقابتها التموينية ليست هي الحل الأمثل لرقابة الأسعار و خاصة عندما ننظر لواقع تطبيق هذا النوع من الرقابة:

– يبلغ عدد أفراد الرقابة التموينية في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة دمشق ١٠٠ فرد من ضمنهم الإداريين.

– ويبلغ عدد أفراد الرقابة التموينية في مديريّة التجارة الداخليّة وحماية المستهلك في محافظة ريف دمشق المترامية الأطراف ٧٠ فرداً من ضمنهم الإداريين.

– أما في بعض المحافظات فيبلغ العدد فردين أو ثلاثة مثل محافظة إدلب ٣ ومن ضمنهم  الاداريين

– دير الزور ٧مراقبين ومن ضمنهم الاداريين

– القنيطرة ٨ ومن ضمنهم الاداريين

وإذا ما قارنّا مديريات حماية المستهلك بالضابطة الشرطية فإننا نجد أن عديد الضابطة الشرطيّة في محافظة دمشق 2500 فرداً

– وفي محافظة ريف دمشق 2700 فرداً

– وفي محافظة اللاذقية 3000 فرداً

– وفي محافظة طرطوس 2600 فرداً

أما إذا عدنا إلى الواقع والعلم والمنطق، فعندما يكون عدد السجلات التجاريّة في محافظة دمشق 113,602 سجلاً تجارياً فإنه من غير الواقعي أو العلمي او المنطقي أن يستطيع ١٠٠ موظف التواجد في كل مكان.

تماماً كما هي الحال بالنسبة للضابطة الشرطيّة، فهي لا يتوقع منها منع كل جريمةٍ أو سرقةٍ أو شغب، بل تقوم بجولات في بعض المناطق لكنّها تكشف الجريمة وتسلم مرتكبها إلى القضاء بعد ورود ادّعاء. ودوريّاتنا تركز بشكل كبير على المحروقات وسلامة الغذاء وتسبر الأسعار. وبالتالي فإن دور المواطن بالتقدم بالشكوى عندما يواجه ارتفاعاُ بالأسعار أو اية مخالفةٍ أخرى هو أساسي لمساعدتها على معالجة هذه الحالات.

ومع ذلك فقد قامت مديريات ” التموين” بتحرير 49635 ضبطاُ بموجب المرسوم التشريعي رقم ٨، وهو رقم هائل، لكنه لم يصل إلى خفض الأسعار، لأن المشكلة الأساسيّة تمكن في التكاليف وليس بضبط الأسواق.

اذاً ما هو الحل

الآن يأتي الوزير السابق إلى رؤيته للحل…ويرى أن الحل الحقيقي الوحيد لمشكلة الأسعار المتفاقمة في سوقنا هو بمعالجة العوامل التي تزيد تكاليف المنتجات وليس محاولة قمع أثرها – علماً تقدمنا بالعديد من المذكرات والمقترحات لمعالجة موضوع تأمين المواد إلى مجلس الوزراء واللجنة الاقتصاديّ بما فيها:

  • إعادة النظر بآلية تمويل القطع والمواد الممولة عبر المنصة علماً بأن الهدف ليس إلغاء المنصة أو غيره لكن على المنصة الاكتفاء بالمواد التي تستطيع تأمين قطعها الأجنبي فوراً دون الحاجة إلى التمويل مرتين ولا إلى الإيداع لمدة أشهر ولا إلى اختلاف سعر القطع وإذا ازادت قدرتها على ذلك تزداد المواد التي تمر عبرها. وإذا قلّت قدرتها تقل المواد التي تمر عبرها والباقي يترك من خارج المنصة

  • إزالة الرسوم الإضافية على الاستيراد

  • مساعدة القطاع الإنتاجي وزيادة قدرته التنافسية لزيادة مردود الدولة من القطع الأجنبي

  • تحفيز تدفق القطع الأجنبي من الخارج (الحوالات والمنظمات الدولية وحتى التصدير) من خلال القنوات الرسمية وذلك عبر وضع أسعار صرف تحاكي واقع السوق وليس فرض أسعار منخفضة

  • تحفيز السوريين في الخارج للاستثمار في الاقتصاد المحلي عبر خلق بيئة مشجعة ومطمئنة

وقال سالم: أعلم بأن الحكومة تحاول إيجاد مصادر دخل ترفد موازنتها لكن من الواجب أن نقوم بالعمل على تنمية الاقتصاد لزيادة مدخولها بدلاً من زيادة حصتها من الاقتصاد المنكمش كما.

عندها وعندها فقط تنساب المواد في الأسواق وتنخفض اسعارها انخفاضاُ كبيراً يلمسه المواطن ويزدهر الاقتصاد.

وبالرغم من أن الإعلام ينشر بعد كلّ جلسةٍ لمجلس الوزراء أن المجلس وجه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بضبط الأسعار والأسواق فإن المشكلة ليست عند وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بل في التكاليف.

و أضاف: هذا ليس رأياً اطرحه بعد ترك الوزارة، بل هو أمر تم طرحه وغيره مرّاتٍ ومرّات.

نعم، لدينا خلل كبير وإذا اردنا تحسين اقتصادنا ومستوى معيشة المواطنين لا نستطيع تجاهله أو تأجيله. أو تقصّد عدم الحديث عنه لكي نبقى وزراء. أو النظر إلى المشكلة والسير حولها دون مناقشتها كما اقترح البعض.

إننا نحتاج إلى شجاعة مجابهة المشكلة والاعتراف بها وحلّها.

وكالعادة ختم منشوره بعبارة “تزول الدنيا قبل أن تزول الشّام”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]