“التنمية الإدارية” تفصح عن تشخيصها لمشكلات الأداء العام للعاملين في الدولة….ثلاثية “الجودة و السرعة و التكلفة” معايير غائبة لا بد من توطينها

 

 

راهن الكثيرون على فشل ما يحمله القانون الأساسي للعاملين بالدولة الجديد الذي تسعى وزارتا العمل والتنمية الإدارية إلى إصداره خلال الأيام القليلة القادمة لما يحمله من جانب الأداء الوظيفي المتميز للعامل في القطاع الحكومي، إذ تبقى المحسوبيات والواسطات قائمة لتفضيل فلان على فلان لاعتبارات ضيّقة لا تخدم المصلحة العامة في كثير من الأحيان، وتبقى الأجهزة الإدارية في المؤسسات الحكومية حبيسة ذلك لأسباب أصبحت معروفة للجميع، وتبقى المسلّمات المتفق عليها في معايير تحقيق الأداء المتميز للعامل من جانب إنجاز المهام المنوطة به وفق ثلاثية “الجودة، السرعة، التكلفة” بعيدة كل البعد عن كثير من العاملين في القطاع الحكومي.

مطلب

مدير الموارد البشرية في وزارة التنمية الإدارية باسم حيدر أوضح أن تحقيق الأداء المتميز في العمل هو مطلب كل جهة عامة، لأنه يعني تحقيق أهدافها التي أحدثت من أجلها، مضيفاً: إن التميّز للعامل في عمله، يجب أن ينطلق من التناسب بين المؤهّل العلمي للعامل والعمل المسند إليه، فوضع الشخص المناسب في المكان المناسب هو مبدأ إداري سليم، لكن -حسب رأي حيدر- فإن هذا المبدأ غير مطبّق في مؤسساتنا الحكومية لأسباب باتت معروفة، مستعرضاً بعضاً من الأمثلة التي بدأت تطفو على سطح أغلب المؤسسات ومنها على سبيل المثال أن المتخصص في الهندسة المدنية يعمل مسؤولاً للعلاقات العامة، والمتخصص في أحد فروع الآداب يعمل مسؤولاً عن التطوير الإداري، والمتخصص في الإدارة مسؤول عن التقنية والطباعة الفنية، وهنا لابد أن نعرف أن هناك مشكلة إدارية من تبعاتها ضعف الأداء وبالتالي ضعف تميّز العامل.

بناء القدرات

ويضيف حيدر: إن مسالة التدريب والتأهيل المستمر من شأنها رفع حالة التميّز للعامل في عمله حسب رأيه أو ما يطلق عليه حديثاً “بناء القدرات”، موضحاً أنه لابد للعامل الراغب بالتميز من أن يحرص على الاستمرار في تأهيل نفسه في المجالات المتعلقة بعمله، وأن يحرص على رفع الارتقاء الدائم بمهاراته وقدراته، وهذا الأمر يقع بشكل أساسي على عاتق الجهة العامة بتدريب وتأهيل عامليها لتنفيذ المهام المنوطة بهم بفعالية عالية وتميّز، ويرى حيدر أن وضوح المهام والمسؤوليات والصلاحيات أيضاً من شأنه رفع حالة التميّز للعامل، موضحاً ذلك بأنه لكي يستطيع العامل التميّز في أداء مهامه لابد من وضوح تلك المهام وتوفير متطلبات تنفيذها، وكذلك وضوح مسؤولياته وصلاحياته في أداء تلك المهام، مضيفاً: من نمط القيادة الإدارية الناجحة التميّز في العمل، فالإدارة التي تقوم على الاستبداد بالرأي واتباع أساليب الأوامر والتدخل في تفصيلات عمل الآخرين ينتج عنها جو مشحون بالمشكلات والتعقيدات لا يساعد العامل على التميز والإبداع في عمله، وهناك القيادة المثالية التي تحافظ على تفكير واضح ومنطقي وتمنح العامل الثقة وتشركه في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل، وتتحمّل معه مسؤولية عمله، وهذه الإدارة هي التي تساهم في الوصول إلى الأداء المميز لعامليها.

وعن تقديم الحوافز للعامل وتهيئة بيئة العمل قال: إنه يجب تقديم الحوافز للعامل، وتهيئة بيئة العمل بالشكل الذي يحفزه على رفع معدل أداءه والوصول إلى التميز فيه، من خلال وضع معايير لقياس الأداء ليثاب العامل المتميز فقط وليس الكل، ولابد كذلك من ربط نظام الأداء المتميز للعامل بنظام الترقيات ونظام المكافآت والحوافز، بما يشجع على التميز في الأداء، وهنا يجب الإشارة إلى أن التحفيز لا يقتصر على الجانب المادي فقط، وإنما يتعدها إلى الجانب المعنوي أي التحفيز المعنوي أيضاً.

الرضا الوظيفي

وعن حالة الرضا الوظيفي الذي يساعد العامل على التميّز في عمله أوضح حيدر أنه من الضروري الاهتمام بإجراء استطلاعات مستمرة لقياس أداء العاملين بمختلف مستوياتهم ومعرفة آرائهم وانطباعاتهم عن جميع جوانب العمل والقيام بقياس رضا العاملين الوظيفي لمعرفة أهمية تحسين البيئة التي يعملون بها لكي يحققوا معدلات أداء عالية ومتميزة، وفي هذا الجانب لابد أن نتطرق إلى أن المدير هو المحفز الرئيس وهو من يحرّك ويشجّع عامليه نحو الأداء المتميز أو العكس، وقد أشار الكثير من الدراسات الإدارية إلى أن السبب الرئيس في عدم الوصول إلى الأداء المتميز في العمل يعود إلى المديرين، فعلاقة المدير بموظفيه هي علاقة مهمة حساسة وأساسية لنجاح أي مؤسسة مهما كان نوعها ونشاطها، وتقدير المديرين للعاملين المتميزين يعتبر من أهم الوسائل للمحافظة على عطائهم وإشراكهم في اتخاذ القرارات وحل المشكلات والإبداع والابتكار وزرع القيم وغرس الإحساس لديهم بأنهم عصب المنشأة، وأنهم جزء لا يتجزأ من نجاح إدارتهم أو مؤسستهم، أما ضعف القيادة الإدارية فيعتبر السبب في عرقلة سير العمل وضعف التميز والإبداع وتدني الإنتاج.

تحدّيات

خبير التنمية الإدارية صبري شتيوي يرى أنه كثيراً ما يسعى الموظف إلى التميز في العمل، ولكن هناك بعض التحدّيات التي تواجهه، منها الانتقاد المستمر من المدير المسؤول بغير وجه حق لبعض العاملين، وهذا بطبيعة الحال يشعر الموظف بالإحباط أو التراخي في تأدية الواجبات الوظيفية بإخلاص وتميّز في المؤسسة التي يعمل بها، وفي الجانب الآخر يمكن أن يكون سبيلاً لتحسين العمل إلا إذا كان المديرون يتصيّدون أخطاء الموظفين وعثراتهم، ويغيب عنهم أن فكرة العمل الجيد تنتج من كثرة العمل، فبعضهم لا يستطيعون الفصل بين الأصدقاء خارج العمل والزملاء داخل العمل وخصوصاً القيادات العليا في المؤسسة.

ففي بعض الدوائر والمؤسسات نجد بعض الأشخاص (العرقلة) وهم الروتينيون (البيروقراطية) الذين يعرقلون الإبداع والتطوّر ويكتفون بما في أذهانهم من أحكام لا تتغيّر مهما حدث، ولهذا تجد بعض الدوائر والمؤسسات التي تبقى على مر السنين كما هي لا تتغيّر ولا تتقدّم بسبب وجود ذلك الصنف من الأشخاص، موضحاً أن التميّز في العمل له وقع خاص، على الرغم من أن النجاح لا يأتي دفعة واحدة ولكنه محفز للعطاء، الذي هو عبارة عن تراكمات، وعلى الإنسان أن يملك الإرادة والعزم لينجح ويتجاوز الفشل، وأن يكون وراء هذا النجاح أداء متقن ومتميز وبيئة عمل فاعلة وإدارة متفهّمة، معتبراً أن المدير المتميّز يفعل ذلك بكل كفاءة ويحقق أعلى المستويات ويكسب بإدارته موظفيه ويدفعهم إلى الإبداع والتجدّد وبناء علاقات، والتواصل مع الآخرين لتبادل المعلومات والاستفادة من خبراتهم بعكس الموظف العادي فإن علاقاته قائمة على النكات والشائعات داخل المؤسسة.

خطوات

ولتحقيق هذا الأداء المتميّز لابد من اتباع خطوات محدّدة تعينه على المضيّ قدماً في طريق التميّز، وتتمحور هذه الخطوات بإدارة الوقت، فعندما يقوم المدير المتميز بتفويض ومشاركة آخرين معه بالعمل، فإنه بذلك يوفر وقتاً يستغله في أعمال أخرى أكثر أهمية له، إضافة إلى الإنتاجية، حيث إن توفر الوقت من خلال المشاركة وتوزيع المسؤوليات يؤدّي إلى زيادة الإنتاجية، فضلاً عن عامل الثقة في محيط العمل، فعندما يقوم المدير بتوزيع بعض الأعمال على بعض الأشخاص، فإن ذلك يبرهن على ثقته فيهم وفي قدراتهم على إنجاز الأعمال، ما يؤدّي إلى ارتفاع تقديره لهم، وإعطائهم حافزًا لإثبات هذه الثقة، وتنمية مهاراتهم، فعندما تعطي الثقة للآخرين أنت بذلك تساعدهم على تعلم مهارات جديدة وزيادة خبراتهم، كما أن التحفيز يخرج الآخرين من جوّ الكسل والرتابة إلى جوّ من التحدّيات والتجارب التي تحفّزهم على استخراج أقصى إمكاناتهم، ويجدون أمامهم الفرصة للتقدّم وتعلم مهارات جديدة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هناك علاقة بين شخصية الفرد وأدائه المتميز، فشخصية الفرد ذي الأداء المتميز غالباً لا ترضى بالأداء العادي أو إنهاء الأمر على أي صورةٍ كانت.

الخبير السوري – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]