وجود طرف ثالث في الأسرة (الزوجة الثانية) يخالف مبدأ الصحة النفسية ويُحدث خللاً في النسق الأسري

تعدد الزوجات ليس حلّاً للعنوسة ...

الخبير السوري

في الوقت الذي تفضّل فيه معظم الفتيات أن يبقين (عازبات) إذا لم يلتقين بالشريك المناسب، تجد (رويدا) أن لقب عانس يزعجها وهو ما دفعها للقبول برجل متزوج.
فالنسق الأسري حسب اختصاصية الصحة النفسية د. غنى نجاتي قائم على ركيزة أساسية هي الأم والأب، وأحياناً أي سوء تفاهم تنعكس آثاره وتداعياته على الأطفال.
ولدينا مبدأ في الصحة النفسية يقول: إن الاضطرابات النفسية عند الأطفال هي مرآة لاضطرابات بالنسق الأسري الذي يعيشون فيه، فبالأساس لا يوجد طفل لديه اضطراب من تلقاء نفسه، هناك أمور تنعكس على نفسيته ولو كان بطريقة غير مباشرة.

فأي تغيير في هذا النسق الأسري، سواء انفصال الأب والأم، أم وجود طرف ثالث مثل (الزوجة الثانية) سيؤدي إلى حدوث خلل كبير في الأسرة، وسيؤثر هذا الخلل بشكل واضح في الوضع العاطفي بين الأم والأب أمام الأبناء، وكذلك في النظرة الاجتماعية لهذه العائلة، ويمكن أن يؤثر في الحالة الاقتصادية للعائلة، وتكون له انعكاسات على الأطفال.
فالحالات التي تكون فيها زوجة ثانية، ومن دون أن يخسر الزوج زواجه الأول، ولا يزال محافظاً على مسؤوليته تجاه أطفاله، ليس من الناحية المادية إنما من ناحية الاهتمام، هي حالات نادرة.
وغالباً دخول الزوجة الثانية يكون تأثيره سلبياً ومدمراً للصحة النفسية لكل أفراد الأسرة، لأنه يؤدي إلى انشقاقات أسرية وعدم الثقة بالنفس لدى الزوجة الأولى، التي من الممكن أن تعكس هذا الشيء على أطفالها، وتالياً يمكن أن يشعر الطفل بنوع من الخجل بأن والده متزوج من أخرى غير أمه، أو من الممكن أن يؤثر ذلك في الفتاة بفرص ارتباطها، باعتبار أن نظرة المجتمع لها ستكون من خلال أهلها.
وبينت د.نجاتي في معرض حديثها أن ما هو ملاحظ أن الدراما العربية والمحلية تطرح موضوع تعدد الزوجات على أنه عادي، ومن الطبيعي إذا أحب الشخص أن يرى المسؤولية الاجتماعية والنفسية عند الارتباط فيجب أن يكون قد درس الموضوع.
قمة الأنانية
خطأ كبير أن يبني الإنسان سعادته على تعاسة الآخرين، وتعد قمة الأنانية أن يقوم الزوج بالزواج مرة أخرى ويقول: إن الزوجة الأولى هي خيار أهلي والزوجة الثانية أحبها وتفهمني، والكلام لنجاتي، فالزواج الثاني مرفوض قطعاً، وممكن أن يكون مقبولاً في بعض الحالات الاضطرارية ومدروساً ومشتركاً بين الزوج والزوجة الأولى.
واختتمت د. نجاتي حديثها بالقول: لا داعي لإضافة مسؤوليات جديدة على حياة الزوج، بسبب حالات عاطفية عابرة يمر بها، ويحصد ثمارها السلبية فيما بعد.

التفكك الأسري
بدورها الاستشارية التربوية صبا حميشة بينت أن الزواج الثاني عادة ما تترتب عليه أضرار عديدة، تظهر على المرأة والرجل والأطفال وتأثيرها يطول العديد من مناحي حياتها، وترى حميشة أن الزواج الثاني يؤدي إلى أضرار اجتماعية كبيرة تتمثل في التفكك الأسري، وتراجع المستوى الدراسي للأبناء، إلى جانب الضرر الاقتصادي الذي يتمثل بتدني مستوى الخدمات، التي يقدمها الزوج للأسرة في حال وجود زوجة ثانية.
إضافة لذلك فإن الضرر الناتج عن تعدد الزوجات يتسبب بإيقاع العداوة بين الأب والأبناء، وبين الأبناء من الزوجة الأولى، والأبناء من الزوجة الثانية، ما يؤثر في سلوك الأبناء تجاه بعضهم ويؤدي إلى التفكك الأسري.
ونفت حميشة أن يشكل تعدد الزوجات حلاً للعنوسة، فمعظم من يتزوجون للمرة الثانية يبحثون عن زوجة صغيرة، ولا يبحثون عن امرأة دخلت مرحلة العنوسة أو تقدمت بها السن ولم تتزوج.
كان بودنا أن نقرن حديثنا عن الزواج الثاني بإحصاءات من وزارة العدل للوقوف على هذه النسبة في المحاكم الشرعية، لكننا لم نوفق حتى تاريخ إعداد هذه المادة بالاستجابة من المعنيين بالوزارة، رغم تقديم طلبنا عن طريق المكتب الصحفي فيها منذ فترة لم تعد بالقصيرة..

المصدر: تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]