هذا ما يقفز إلى أذهاننا عندما نفكر بحلول لمشكلة النقل الداخلي…

ماذا عن الاختناقات المرورية التي تسببها الباصات؟

الخبير السوري

عرقلة و”قلًة حيلة”..!!
نهى علي

ليست الباصات سعة المئة راكب هي الحل لمشكلة النقل داخل المدن في بلدنا، والغريب أن استيراد الحافلات العملاقة هو الخيار رقم واحد الذي يقفز إلى الأذهان عندما يجري التفكير بحلول لمشكلة النقل الداخلي..؟!

الواضح أن الباصات الكبيرة تتسبب بأزمة مرور خانقة داخل المدن، أي لم تحل المشكلة بل فاقمتها، خصوصاً في المدن الكبرى المكتظة كالعاصمة دمشق مثلاً..
والسبب أننا لم نخطط شوارعنا لاستيعاب الحافلات الكبيرة – وهذا يثير الكثير من التساؤلات عن سبب هذا الخلل البنيوي – والأمثلة كثيرة..في مشروع دمر وشارع الثورة و مسار الدوار الجنوبي وكورنيش الميدان و مناطق كثيرة، ففي بعض هذه المناطق لا يتسع الشارع إلا لمرور باص نقل داخلي واحد، خصوصاً وأن المسار اليميني الذي يفترض أن يكون مخصصاً لسير وتوقفات حافلات النقل الداخلي، مشغول غالباً بالسيارات المركونة لأن لا مرائب خاصة لها..
دوماً على كل “المتورطين” بالسير خلف باص النقل الداخلي أن يلتزموا بحركته الثقيلة كحركة السلحفاة وتوقفاته الكثيرة، بالتالي تكون مشاهد الازدحام والاختناقات المرورية، ونسمع جميعاً “استغاثات” سائقي سيارات الإسعاف لإفساح المجال أمامهم، أي المشكلة ليست في الملل والتأفف وضياع وقت من ألقت به حظوظه السيئة خلف باص متثاقل الحركة، بل في الخطر الذي يتهدد أرواح من هم بحاجة لإسعاف سريع.

خيارات حل هذه المشكلة ضيقة أكثر من شوارعنا..فمثلاً لا يمكن توسيع الشوارع لأنها أمر واقع .والمترو حلم لم يتحقق ولن يتحقق على المدى المنظور، كما أننا لم نتمكن من تطبيق التجربة الماليزية “قطار المونوريل المحمول” الذي كان مشروعاً قيد الدراسة وخبا الحديث عنه تماماً، وهذا يعني أن لدينا مشكلة تنظيم مروري معقدة، نزيدها تعقيداً باستقدام الباصات التي تدب ببطء كالديناصورات.
الحل هو تخصيص الحافلات الكبيرة للنقل بين دمشق والضواحي، و تخصيصها بمحاور انطلاق وحركة لها خارج المدن، أما داخل المدن فيجب أن نحل المشكلة بحافلات صغيرة الحجم “١١ راكباً” أي حتى أصغر من “الأوتوكارات” التي نسميها سرافيس سعة ١٤ و ٢٤ راكباً، وبما أن الصين هي وجهتنا الجديدة لاستقدام الباصات الكبيرة، هذا البلد ذاته يمكن أن يكون وجهتنا لاستقدام الحافلات الصغيرة “ميني” وهي منتشرة في بلدنا لصالح المدارس و الشركات والمنشآت لنقل الطلاب والموظفين.
مشكلتنا اليوم ليست في نقص الباصات كي نفاخر ونبشر بين الحين والآخر بدفعة جديدة يجري التعاقد عليها، بل في إعادة تنظيم واستثمار الموجود لدينا، بما أن خصوصية شوارعنا تستوجب خصوصية في التفكير ونحن نخطط لحل مشكلاتنا المرورية..
وإن بقينا نتطلع برؤية قصيرة المدى، علينا أن نبشر أنفسنا بمزيد من التعقيدات لا الحلول..

المصدر: الثورة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]