بين مزايا مذهلة وعيوب يمكن تداركها.. الدكتور حسنين علي وحديث عن التشاركية كوصفة إنقاذ اقتصادي

الخبير السوري:
بيّن الدكتور حسنين محمد علي أن اللجوء إلى عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص يحقق مجموعة من المزايا والنتائج المذهلة التي تكمن في تحسين البنى التحتية والخدمات العامة وتخفيف الأعباء المالية على خزينة الدولة وإدارة المخاطر والاستفادة من الخبرات وتحقيق الصالح العام.
وأضاف علي في تصريحه لـ”تشرين”: حظي مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص باهتمام كبير من قبل الدول في مختلف أنحاء العالم وخصوصاً إبان الحرب العالمية الثانية والذي يقوم على أساس استقطاب القطاع الخاص لتطوير وتمويل المشاريع التي تقدم الخدمات العامة مقابل حصول الأخير على بدل مالي يغطي استثماراته المالية وما تحمله من كلف وذلك بهدف حشد وجمع كل إمكانات المجتمع بما فيها الخبرات والطاقات والموارد العامة والخاصة لتشارك في إنشاء وتشغيل المشاريع بكل أنواعها بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فالقطاع العام لم يعد قادراً على مواجهة التحديات التي تعترض طريق التنمية التي يطمح إلى تحقيقها لوحده، الأمر الذي دفع العديد من الدول المتقدمة والنامية إلى إيجاد التنظيمات المؤسسية والتشريعية التي تضع الأساس القانوني لبناء التنظيمات التشاركية التي تسهم في إنشاء وتوجيه وإدارة وتشغيل المشاريع وتطويرها من أجل خدمة أغراضها على أساس تشاركي تعاوني بين القطاعين العام والخاص.
التشاركية “السورية”
وبالنسبة للتشاركية في سورية يضيف علي: استطاع المشرع أن ينجح في صياغة إطار قانوني متكامل ينظم أهم المسائل التي تحيط بإبرام عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص حتى يتحقق اتباع القطاع الخاص للتوصيات التشريعية الواردة في الدليل التشريعي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، وصدر قانون التشاركية في سورية برقم ٥ لعام ٢٠١٦ و أوجد المشرع ضمن هذا القانون ثلاث جهات تشرف على إجراءات إبرام عقود الشراكة حيث يتربع على هرم هذه الجهات مجلس الشراكة باعتباره المسؤول عن رسم السياسات العامة لمشروعات الشراكة بين القطاعين، يتوسطها وحدة الشراكة وهي بمثابة الجهاز الفني المعاون لمجلس الشراكة في بلورة السياسات والأنظمة العامة التي يضعها المجلس وتنفيذها ويساعد في تأدية أعمالها لجان فينة وتوجيهية ومستشارون.
وتشكل مجلس التشاركية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي وفق أحكام المادة ٧ من القانون ٥.
كما تم تشكيل وحدة الشراكة أو مكتب التشاركية وفق أحكام المادة ٨ الفقرة آ ترتبط برئيس هيئة التخطيط، وتعد الوحدة من أهم الوحدات المساندة لعمل مجلس الشراكة سواء من جهة المشاركة في إبرام عقود الشراكة أو لجهة تقديم الدور التقني، وضمن كل وزارة تم تشكيل لجان للتشاركية واقترح عدد من المشاريع الخدمية الضخمة ليتم طرحها وفق قانون التشاركية بهدف الحصول على عدة مزايا أولها تخفيف الأعباء المالية عن كاهل الدولة، واستفادة القطاع العام من خبرات القطاع الخاص، وستجعل الشراكة المرافق العامة أكثر فعالية، وستخفف المخاطر وتوزعها بين الأطراف، وتحقق التعاون والصالح العام.
التقييم
وبالنسبة لتقييمه لنتائج الشراكة بيّن علي أن الهدف الرئيس لأي عملية تنمية هو أولاً وأخيراً تقديم أفضل الخدمات وتحقيق عوائد جيدة، لذلك يمكن القول إن أسلوب التشاركية هو الخيار الأفضل والأكثر ربحية وكفاءة في إدارة وتشغيل بعض المرافق العامة وهناك عدة تجارب ناجحة حققت قفزات نوعية في تطوير المرافق العامة في سورية، حيث شكلت عقود( B.O.T وهي إحدى أنواع عقود التشاركية) تقدماً ملحوظاً على صعيد نوعية الخدمات والكفاءة والربحية، ولا بدّ من إعادة تقييم هذه التجارب تباعاً وفق المتغيرات الاقتصادية ومتابعتها من قبل اللجان الفنية للوقوف على الإيجابيات والسلبيات والتأكد من التزام الشركات المتعاقدة بتنفيذ التزاماتها في الوقت المحدد وتدقيق الميزانيات والحسابات منعاً للوقوع في المخاطر والخلافات.
وعلى الرغم من وجود المزايا فإنه يوجد أيضاً بعض العيوب تتمثل في لجوء التمويل الخاص إلى السوق المحلي لتمويل مشروعات الشراكة، وقيامه بتحويل أرباحه إلى الخارج، والإفراط في تقديم المزايا والإجراءات التفضيلية للشريك الخاص، ووجود الاحتكار وطول مدة عقود الشراكة، ومن أهم العقبات حالياً الحصار الاقتصادي والعقوبات الأحادية المفروضة على سورية.
المقترحات

وقدم الدكتور حسنين عدد من المقترحات لتفعيل صيغة التشاركية وأهمها برأيه ضرورة الاهتمام بتدريب فرق من الجهات الحكومية المعنية بالتشاركية على نحو يضمن إعداد الدراسات اللازمة بشكل فعال وفي أسرع وقت ممكن بقدر يضمن نجاح المفاوضات بين الدولة والقطاع الخاص والعمل على تحضير عقود تشاركية نموذجية لكل قطاع، كما ينبغي تأمين التمويل اللازم لإنجاز الدراسة الفنية الاقتصادية الأولية للمشاريع المطروحة على التشاركية للحصول على معطيات واقعية عن المشروع تمكن من الوصول إلى شروط تعاقدية ضامنة للطرفين، إضافة إلى وضع خطة شاملة لمجمل العملية التشاركية وإيجاد ضوابط واضحة وشفافة لبرامجها، ولابدّ من وجود التشريعات والقوانين الكافية والمناسبة والشفافة والواضحة والمرنة والمتوازنة في ظل مناخ استثماري ملائم، ونظام محاسبي شامل واضح شفاف وحسابات مالية ختامية خاضعة للرقابة والتدقيق في ظل ضوابط إفصاح ملزمة، إضافة إلى تشكيل لجان اتصال وتنسيق ومتابعة مستمرة بين الشركاء، وأخيراً يجب أن يمتلك التمويل الخاص المقومات والمؤهلات المطلوبة لتحقيق أهداف الشراكة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]