تراشق أرقام مريب حول أضرار حرائق الساحل..بين الأمم المتحدة و هواة التقاط صور الكوارث..ألف كذبة وكذبة ؟؟

 قبل أن نبدأ:

  • قول فصل لوزير الزراعة: مجموع المساحات المتضررة 11448 هكتاراً وبنسبة 5.9 % من مجموع المناطق الزراعية والحراجية في طرطوس واللاذقية وحمص.

الخبير السوري:

كان لافتاً أن تتبنى جهات مختلفة المشارب مهمة التصدي لـ ” إنتاج الأرقام” بصدد حجم الخسائر التي خلفتها حرائق الساحل السوري..وإن كانت الجهات الرسمية قد تريثت لتبني رقماً..فإن عدّة جهات شرعت بـ”شلف الأرقام” جذافاً..منها إحدى منظمات الأمم المتحدة..ثم تلاها باحثون و أكاديميون، فبالنسبة للأمم المتحدة سنسلم بأنها تعتمد على الصور الجوية..لكن الآخرون على ماذا بنوا هذه التقديرات..

على العموم وقبل أن نبدأ بعرض المعطيات نلفت عناية المهتمين إلى أن الأمر لا يخلو من التصيّد لأسباب تتعلق بأصحابها وتوجهاتهم.

و قبل الانطلاق في السرد و كي لا نشتت المتابع سنعرض الأرقام الدقيقة التي حصل عليها” الخبير السوري” من المهندس حسان قطنا وزير الزراعة..فوفقاً للوزير قطنا بلغ عدد الحرائق خلال الأيام الثلاثة التي اندلعت بها 96 حريقاً في اللاذقية  و62 حريقاً في طرطوس  و13 حريقاً في حمص.

أما مجموع المساحات المتضررة فكانت – وفقاً للمعطيات التي لدى السيد الوزير – 4500 هكتار  أراضٍ حراجية في المحافظات الثلاث أي بنسبة 6’9% من إجمالي مساحة الحراج في هذه المحافظات..كما وصلت مساحات الأراضي الزراعية المتضررة إلى 6937 هكتاراً ما يشكل 6.7 % من مجموع الأراضي الزراعية في هذه المحافظات..أي مجموع المساحات المتضررة 11448 هكتاراً وبنسبة 5.9 % من مجموع المناطق الزراعية والحراجية في المحافظات الثلاث.

غريب وعجيب؟!!

فقد كانت رؤية مفاجئة ومثيرة للتساؤلات ..تلك التي أطلقها أمجد بدران، الخبير في وزارة الزراعة، عندما اعتبر أن “نسبة الأضرار التي طالت أشجار الزيتون لا تتعدى 2% من العدد الكلي للزيتون في الساحل، وأن ما يروج له يهدف إلى رفع أسعار المحاصيل الناجية من الحريق لا أكثر” .

لافتاً إلى أن “الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون تقدر بـ 43 ألف هكتار، وأنه بحسب كلام الوزير فإن الأضرار تقدر بحوالي 600%، أي أن النسبة لا تقدر ب 1ونصف %، لذلك علينا أن نفرق بين الأذى لبعض الفلاحين الذي طال كامل رزقهم، وبين الأثر العام ، والذي يمهّد لرفع سعر زيت الزيتون على مستوى البلد”.

وكالة أنباء آسيا كان لها تحقيق حافل بالمعطيات التي تبدو بحاجة لوقفة تأمل من أجل التدقيق أولاً ..ثم للوقوف على حجم الكارثة ثانياً..يقول التحقيق:

بين أشجار البرتقال والليمون التي أكلتها النيران، يمشي أبو سليمان متفقداً رزقه المتفحم بعد الحرائق الضخمة التي أصابت المنطقة، يمسك الرجل الستيني بالأغصان المحروقة بفعل النار ويقول بتأثر”هذا أسوأ ما يمكن أن يحصل معنا بعد الحرب، نحن منكوبون، خسرنا كل شيء دون أن يسأل عنا أحد، فالحكومة نسمع تصريحاتها ولا نرى مسؤوليها إلا عبر القنوات الرسمية”.

لن ننسى ..

يمسح دمعته الممزوجة بدخان الحرائق ليكمل حديثه لوكالة “آسيا: “لن ننسى أبداً السياسات التي كانت تمارس ضدنا، لهدم زراعتنا من أجل تسهيل عمل بعض التجار بهدف الاستيراد، واليوم اكتملت المصيبة واحترق كل شيء، فليفرح تجار الحرب بنزوات الاستيراد بعدما دمرت الحرائق مواسمنا”.

مدير الزراعة: معظم موسم الحمضيات تضرر

مساحات واسعة من أشجار الليمون والبرتقال والزيتون تروي الكثير عن فخر زراعات الساحل السوري، المتميزة باخضرارها وكثافة ورقها ووفرة ثمارها. وتقدّر مصادر في محافظة اللاذقية – المنتج الأول للحمضيات- الإنتاج المتوقع لهذا الموسم بما يزيد على مليون ومئة ألف طن من الحمضيات المتنوعة، قبل الحرائق.

المهندس منذر خير بيك، مدير الزراعة في اللاذقية، بيّن أن سورية تحتل المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات بعد مصر والمغرب، كما تحتل المرتبة السابعة على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط في إنتاج الحمضيات، وتحل في المرتبة 20 عالمياً.

ويضيف خير بيك:  “يبلغ إنتاج الحمضيات في سورية نحو مليون طن سنوياً تزيد أو تنقص قليلًا حسب المواسم والأمطار والعوامل الجوية، حيث يقدر هذا الإنتاج بـ 1% من الإنتاج العالمي السنوي من الحمضيات البالغ 100 مليون طن في كل عام”.

وتقدّر إحصاءات وزارة الزراعة السورية أن نحو 65 ألف أسرة سورية تعمل في زراعة الحمضيات، وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالحمضيات في سورية نحو 35 ألف هكتار، تحتوي هذه المساحة عن 13 مليون شجرة، منها 11 مليون شجرة تثمر سنوياً، وما يميز الحمضيات السورية أنها خالية من الهرمونات، وتعتمد في نضوجها على العوامل الطبيعية، و”لكن معظمها تضرر واحترق” بحسب مدير الزراعة .

مشاهد وبقايا صور

يروي علي العلي مشاهداته بعدما أخمد النار في بستانه ، كيف جلس يراقب أحد أصحاب البساتين وهو يحاول أن يجمع بعض ثمار بستانه، التي وصلتها النار المشتعلة، إنه مشهد يختصر الكثير من الأسى والخوف، في ظلّ غياب أية إجراءات حقيقية للحكومة.

ويتابع العلي: “المسؤولون يزورون بعض القرى أحياناً، وبعد حدوث المصيبة يلتقط الإعلام الرسمي الصور اللازمة، ويمضون كأن شئاً لم يكن، فيما يصل الفلاحون الليل بالنهار لتعويض خسائرهم وإيفاء ديونهم التي تجمعت على أمل أن يتم إيفائها بعد بيع الموسم، ولكن لا موسم ولا مال هذا العام ولبضعة أعوام قادمة، فالكارثة وقعت على الجميع”.

صدمة..

عشرات آلاف العائلات في الساحل السوري انتظرت موسم الحمضيات والزيتون لتأمين احتياجاتها الأساسية، دون جدوى.

مصطفى الذي كان يعوّل على الموسم الحالي لجمع مبلغ كافٍ للزواج، وإعادة القليل من الفرح إلى قلب أمه المهموم منذ استشهاد أخيه في ريف حلب، حُرم هو الآخر من هذه الفرحة، رغم نجاحه في إطفاء النار التي وصلت إلى منزله، لكن بستانه نال نصيبه من الحريق .

30 ألف عائلة تضررت

محافظ اللاذقية، إبراهيم خضر السالم، أكد في تصريحٍ لوكالة أنباء آسيا أنّ عدد العائلات المتضررة من الحرائق الأخيرة وصل إلى 30 ألف عائلة في 143 قرية تتبع لمناطق القرداحة، وجبلة، واللاذقية، والحفة .

وبيّن السالم، أن “الحرائق طالت منازل المواطنين في بعض القرى، ما اضطرهم إلى هجرها مؤقتاً، والانتظار في أقرب مكان آمن، كما ألحقت الحرائق أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية” .

الزيتون أصابه ما أصاب الحمضيات، نكبةٌ كبيرة حلّت بمزارعي الزيتون في الساحل، بعدما كان جزءاً أساسياً من أرزاقهم، ومن ثروات سورية الزراعية، وهي التي احتلت المرتبة الثانية عربياً، بعد المغرب في إنتاجه.

 

بين الزراعة والاقتصاد..

تعتبر شجرة الزيتون مصدر رزق لكثير من أهل الساحل، بحسب ما أشار إليه المحلل الاقتصادي د. سنان علي ديب، حيث تشكل شجرة الزيتون ما يقارب 66% من إجمالي الأشجار المثمرة في سورية، وتغطي ما يصل إلى نحوِ 11.5% من المساحة المزروعة فيها .

ويضيف علي ديب أن “الفاعل الحقيقي امتلك نية سيئة لضرب الأمن الغذائي للشعب السوري، فبعدما أحرقوا المحاصيل الزراعية في الجزيرة، اليوم أشعلوا النار في الجبال الخضراء لتكتمل معهم الغاية، حيث تمد الزراعة في الساحل سورية بكل ما تطلبه من محاصيل ذات قيمة اقتصادية و حاجة يومية، مشيراً إلى أن هذه المنطقة ومزارعيها ينتظرون منذ سنوات دعم الحكومة لتلك المحاصيل، وتسويقها لتكون دعامة قوية لاقتصاد داخلي عبر تحقيق اكتفاء السوق، وخارجي كمواد أساسية في الصادرات السورية.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]