مال ….جنس ..انتقام.. أكثر من نصف السوريين…. تعرضوا لتجربة ابتزاز

الخبير السوري:

في أروقة القصر العدلي بدمشق، يسرد سامر (اسم مستعار طبعاً) قصة تعرضه للابتزاز الإلكتروني على ورقة بيضاء تحمل طوابعاً وأختاماً، يحمل أوراقاً كثيرة تحوي محادثات إلكترونية مطبوعة مع الجهة المبتزة.

 “كل الحق على الفيس بوك” يستهلّ سامر حديثه بهذه العبارة، ويتابع مجريات الواقعة: “أرسل لي حساب باسم فتاة مجهولة طلب صداقة عبر موقع الفيسبوك، كانت تحادثني باستمرار، أخبرتني أنها تشعر بالوحدة وهي بحاجة صديق، بعد نحو أسبوع من المراسلة طلبت مني إجراء مكالمة فيديو، لم تلبث أن تحولت تلك المكالمات لمكالمات حميمة، لم أر وجه الفتاة على الإطلاق، رأيت جسدها فقط، بعد نحو ثلاث مكالمات حميمة، تفاجأتُ برسالة من الفتاة تخبرني فيها أنها قامت بتسجيل المكالمات ببرامج خاصة وأنها ستنشر تلك المكالمات على مواقع التواصل الاجتماعي إن لم أرسل لها مبلغ 500 دولار حالياً، ترددت في البداية، لكنني أدركت أن سمعتي في خطر، لذلك قمت بإرسال المبلغ إلى الحساب البنكي الذي زودتني به الفتاة، استمرت الطلبات وتضاعفت المبالغ المالية إلى أن فرغت جيوبي تماماً وبعت بعض أثاث منزلي، لذلك قررت أن أبلغ الجهات المعنية”.

أما نور (اسم مستعار)، طالبة دراسات عليا، فتبين في حديثها لـ “الأيام” أن طريقة ابتزازها كانت فريدة من نوعها، فبعد أن قرأت إعلان توظيف على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تواصلت مع الجهة المعنية التي حددت مقابلة معها عبر برنامج السكايب، وطلب مدير الموارد البشرية منها أن ترتدي فستاناً مكشوفاً ليتلاءم مع الشاغر في الشركة، وبعد المقابلة أرسلت لها الشركة – والتي اكتشفت نور فيما بعد أنها وهمية – رسالة تهديد بنشر المقابلة على عدد من المواقع الإباحية إن لم ترسل لهم مبالغ مالية.

لطالما اعتقدنا أن الآخرين هم فقط من يتعرض للابتزاز الإلكتروني، فأبعدنا بذلك شبح التهديد والوعيد عنا، ووصمنا الضحايا بالعار، حملناهم مسؤولية أفعال الآخرين، وحولناهمإلى جناة، ونسينا أن الابتزاز أقرب إلينا مما نتخيل!.

منذ طفولتنا، نتعرض بطرق مختلفة للابتزاز، يستغل أقرب الناس إلينا ضعفنا، تبدأ الرحلة غالباً من عمر الخمس سنوات مع عبارة تشبه هذه: “سأخبر أمي بأنك أنت من كسر المزهريةإن لم تعطنيحصتك من الحلوى”.

يتطور الابتزاز في المراحل الدراسية، فعبارة “سأخبر المعلم أنك قد غششت في الواجب إن لم تعطني تلك الصورة النادرة التي ربحتها في ملصقات العلكة” جعلتنا نتنازل عن أغلى ممتلكاتنا آنذاك!.

ومع التقدم في السن، يصبح الابتزاز أكثر شراسة على الصعيد الأسري أو العملي، فعلى الصعيد الأسري قد يبتز الزوج زوجته مقابل السماح لها بالعمل، وعلى الصعيد المهني، يبتز رئيس العمل موظفه فيما يتعلق بالفرص التدريبية أو الترقيات ما لم يتحول إلى عبد مطيع له في كل ما يقوله.

مع تطور التقنيات الحديثة، وانتشار الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي وبرمجياتها التي سهلت التواصل بين الناس، بدأت تظهر العديد من الجرائم التي لم تكن موجودة سابقاً في المجتمع السوري، وارتفعت معدلات استخدام هذه المواقع والشبكة في ارتكاب جرائم مثل التشهير والابتزاز، مستفيدين من سهولة التخفي لمرتكبيها وصعوبة تحديد شخصياتهم الحقيقية، وظهر بذلك مصطلح “الابتزاز الإلكتروني”.

تتشابه قصتا سامر ونور مع قصص كثيرة، رجال مسنون وقعوا في شباك فتيات مراهقات، مراهقون تعرضوا لابتزاز من قبل حسابات مجهولة، ذكور وإناث على حدّ سواء تعرضوا للابتزاز من قبل عصابات منظمة.

لا تخضع.. الشكوى هي الحل

يؤكد مصدر في فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية، في حديثه لـ “الأيام”، تعرض الكثير من الذكور والإناث على حد سواء للابتزاز الإلكتروني، مشيراً إلى ورود شكاوى إلى الفرع تعرض فيها الضحايا من كلا الجنسين إلى ابتزاز إلكتروني عبر الشبكة، ولو أن الضحايا من الإناث أكثر بسبب خصوصية المجتمع لدينا.

ويبين المصدر أن جدية العمل من قبل المختصين في فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية، والتمكن من الوصول إلى الجناة في أغلب الأحيان، وحماية الضحايا، والتعامل مع شكاويهم بمنتهى السرية، يشجع الضحايا على عدم الاستسلام للابتزاز والتهديد، ويؤكدلهم أن ثمن الخضوع سيكون أكبر بكثير من أي ثمن آخر لأنه سيدخلهم في دوامة ابتزاز دائم من قبل المجرمين.

أما في حال تعرض الشخص لحالة ابتزاز عن طريق شبكة الانترنت، يوضح المصدر أن الضحية يستطيع التقدم بمعروض للنيابة العامة في القصر العدلي مرفقاً بما لديه من أدلة ووثائق، وبعدها يتم إحالة الضحية إلى فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية، حيث تتم دراسة الشكوى ومتابعتها فنياً بسرّية تامّة لحين الوصول إلى الجاني وتقديمه إلى القضاء لينال جزاءه.

وتؤكد وزارة الداخلية، عبر فرع مكافحة جرائم المعلوماتية، على ضرورة نشر الوعي بين الناس حول نشر ثقافة استخدام شبكة الإنترنت بالطريقة التي تضمن الحفاظ على خصوصيتهم وحياتهم والتزامهم بالقيم الأخلاقية والقانونية.

القاضي سيفو: احذروا التواصل مع المبتزين

تُعرّف رئيس النيابة العامة المختصة بجرائم المعلوماتية والاتصالات، القاضي هبة الله سيفو، في حديثها مع “الأيام”، الابتزاز بأنه تهديد وترهيب للضحية من أجل الحصول على مكاسب مادية أو معنوية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، عن طريق الإكراه المعنوي الممارس على الضحية، مثل التهديد بكشف أسراره أو نشر معلومات أو صور أو أفلام تنتهك خصوصيته أو خصوصية أحد أفراد عائلته، وهذا التهديد يمكن أن يتم بطرق تقليدية أو يمكن أن يتم باستخدام المنظومات المعلوماتية والشبكة، فيسمى “ابتزاز إلكتروني”.

وتبين الأستاذة سيفو أن المادة 636 من قانون العقوبات العام قد نصّت على أنه “كل من هدد شخصاً بفضح أمر أو إفشائه أو الإخبار عنه وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه أو من قدر أحد أقاربه أو شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له أو لغيره غير مشروعة، عوقب بالحبس حتى سنتين وغرامة مالية”. كما جاء في المادة 28 فقرة ب من المرسوم رقم 17 لعام 2012 في قانون تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية: “يضاعف الحد الأدنى للعقوبة المقررة في إحدى الحالتين التاليتين:

1- إذا ارتكبت الجريمة باستخدام الشبكة أو وقعت على الشبكة.

2- إذا وقعت الجريمة على جهاز حاسوبي أو منظومة معلوماتية بقصد التأثير على عملها أو على المعلومات أو البيانات المخزنة عليها”.

وتحدثت القاضي سيفو عن جريمة الابتزاز الإلكتروني والتي تبدأ عادةً عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي لانتشارها الواسع وسهولة استخدامها وتزايد عدد مستخدميها، ويتم استدراج الضحية بطرق مختلفة لإقناعها بإرسال صور أو معلومات خاصة، وينتقل الجاني إلى التهديد والابتزاز.

وعن مطالب المبتزين الأكثر شيوعاً في قضايا النيابة العامة، تؤكد سيفو أن مطالب المبتزين تتباين ما بين مبالغ مالية، خدمات جنسية، معلومات سرية، تنازل عن حق أو دعوى، وغيرها.

أما بالنسبة للأساليب التي يستخدمها المبتزون للسيطرة على ضحاياهم، فتشير سيفو إلى أن طرق الابتزاز الأكثر شيوعاً هي:

محاولة سرقة الحسابات الخاصة بالمبتَز سواء من خلال إرسال بعض الروابط الاحتيالية على البريد الإلكتروني الخاص به أو من خلال الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محاولة الوصول إلى الصور والفيديوهات الشخصية من خلال المراسلة أو سرقتها من خلال الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

قد يطلب من يقوم بالابتزاز التحدث إلى الضحية عبر سكايب من أجل محاولة اجتراره للابتزاز من خلال عرض فيديو يخيل للمستخدم أنه مباشر فيما هو في الحقيقة فيديو مسجل مسبقاً.

يحصل المبتز على قدر كبير من المعلومات والبيانات الشخصية الخاصة بالضحيةوبعائلته وأصدقائه وممن تتعامل معهم في محاولة للضغط عليه أو ابتزاز المال منه وغيرها من الأمور.

سرقة الأجهزة الإلكترونية وابتزاز الضحية بالملفات المخزنة فيها (كالهاتف المحمول وكرت الذاكرة وجهاز الحاسوب).

سرقة الملفات الخاصة من قبل مراكز الصيانة غير الموثوقة وغير المعتمدة.

وتحذر رئيس النيابة العامة المختصة بجرائم المعلوماتية والاتصالات من خطورة التواصل مع أشخاص مجهولين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة المعلومات الشخصية دون استخدام تطبيق الخصوصية، إجراء محادثات فيديو أو إرسال صور خاصة، وتصفح مواقع مجهولة وغير موثوقة، مؤكدة ضرورة عدم الإبلاغ على حساب المبتز على مواقع التواصل الاجتماعي وعدم الخضوع لتهديداته، إنما إبلاغ الجهات المختصة فوراً.

وعن الأحكام القضائية، تشير القاضي سيفو إلى أن الجاني يحاسب على كل الجرائم التي يرتكبها، حيث عادةً ما يترافق جرم الابتزاز مع جرم انتهاك حرية الحياة الخاصة، والذي تحدثت عنه المادة 23 من المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2012، والتي تنص على أنه: “يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية كل من نشر عن طريق الشبكة معلومات تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه حتى ولو كانت تلك المعلومات صحيحة”.

كما يمكن أن تترافق هذه الجرائم مع جرائم أخرى، كالقدح والذم، التزوير، الاحتيال عن طريق الشبكة، وغيرها، ويصدر القضاء الحكم العادل بعد أخذ الجرائم بعين الاعتبار، ومدى الأذى والضرر الذي تعرضت له الضحية.

مؤشرات خطيرة

أجرت صحيفة “الأيام”استبياناً حول جرائم الابتزاز الإلكتروني وقانون الجرائم المعلوماتية في سوريا، وشمل عينة مؤلفة من 150 شخصاً،80% من الإناث، و20% من الذكور، وتراوحت أعمار المشاركين في هذا الاستبيان ما بين 15 إلى 39 عاماً، وتباينت نسب مستواهم التعليمي ما بين 0.7% للتعليم الأساسي، و11.3% للتعليم الثانوي، و72.8% للتعليم الجامعي، و15.2% للدراسات العليا. وكانت الحالة الاجتماعية لـ 82.1% من العينة “أعزب”، فيما كان 17.9% من العينة “متزوج”.

أشارت نتائج الاستبيان إلى أن نسبة 53% من العينة المدروسة تعرضوا للابتزاز الإلكتروني، مقابل 47% لم يتعرضوا لذلك، وأن 90.7% يعرفون أحداً تعرّض للابتزاز مقابل 9.3% لا يعرفون أحداً تعرض له.

وعن كيفية حصول المبتز على الملفات التي يهدد بها، قام 46.4% من العينة بإرسال الملفات للمبتز طواعية، فيما تعرض 31.8% لسرقة البيانات من خلال روابط “تهكير”، وتعرّض 21.9% من العينة لسرقة الملفات من أجهزة قديمة بعد بيعها أو فقدانها.

وتراوحت نسب طبيعة الملفات التي يهدد المبتز بها الضحية ما بين 71.5% للصور، و4.6% للفيديو، و12.6% للمحادثات، و0.7% للتسجيلات الصوتية، و10.6% للمعلومات الشخصية.

وأشار 2.6% من العينة إلى أنهم رضخوا لتهديد المبتز ومطالبه، ولم يقبل 11.3% بالاستجابة لمطالب المبتز، وقام 29.1% من العينة بإخبار عائلاتهم أو أحد الأشخاص الثقة للوصول لحل المشكلة، أما 27.7% فقد بلغوا الجهات الأمنية المختصة، و 11.9% عطلوا حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وغيروا أرقامهم وانعزلوا عن المجتمع، فيما لم يكترث 17.2% من العينة للابتزاز على الإطلاق.

ومن بين من تعرضوا للابتزاز قال52.3% منهم أن الابتزاز تكرر أكثر من مرة، مقابل 47.7% تعرضوا له مرة واحدة.

وأوضحت نسبة 57% من العينة أن المقابل الذي طلبه المبتز كان خدمات جنسية، مقابل 24.5% للمبالغ المالية، و18.5% دوافع متنوعة ما بين التشهير أو الانتقام أو الاستمرار في علاقة عاطفية.

وتجد نسبة 29.1% من العينة أن إبلاغ الجهات المعنية خيار فعال لحل المشكلة، مقابل 25.2% يفضلون عدم إبلاغ الجهات المعنية، فيما اعتبرت نسبة 45.7% أن إبلاغ الجهات المعنية “ربما” يحل المشكلة.

حماية الخصوصية عبر الإنترنت

يؤكد المهندس والخبير التقني، سامر أبو راشد، في حديثه لـ “الأيام” أن حماية الخصوصية على الشبكة تتطلب مجموعة من الأمور البسيطة التي يعد أهمها عدم مشاركة كلمات المرور مع أي جهة (شخص أو موقع إلكتروني)، كما يجب الابتعاد عن إنشاء كلمة المرور ذاتها لكل الحسابات الإلكترونية.

وبالنسبة لحسابات مواقع التواصل الاجتماعي، يجب التأكد من فاعلية البريد الإلكتروني الذي يربط الحساب، والتأكد من القدرة على الولوج إليه بشكل دوري (يفضل أن يكون كل ستة أشهر)، كما يجب ربط الحسابات برقم الهاتف الخاص، وتجنب ربطه برقم قديم أو غير مفعّل.

ونوه أبو راشد إلى وجوب الابتعاد عن التطبيقات المشبوهة التي تحمل أسماء لمّاعة (كتطبيق اختراق الفيس بوك، وتطبيق اعرف من يتكلم مع حبيبتك، وتطبيق هذا هو شكلك بعد 30 عاماً) لأنها تطبيقات مزيفة والغرض منها سرقة البيانات فقط.

وعن كيفية التمييز ما بين الرابط الإلكتروني السليم والمزيف، أكد المهندس أن الرابط السليم يبدأ بـ https والرابط المزور http، وبالرغم من ذلك يجب تجنب فتح الروابط لا سيما المرسلة من قبل أشخاص مجهولين، وعند الضرورة يمكن فحص الروابط عن طريق مواقع متخصصة كموقع “فايروس توتال”.

وحذر أبو راشد من الصفحات والمواقع التي تطلب تزويدها بمعلومات شخصية كالاسم والبريد الإلكتروني وكلمات المرور وغيرها، لأن الهدف منها هو سرقة البيانات.

وللتأكد من أمان حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، ينصح أبو راشد بفحص أماكن تسجيل الدخول، والتأكد من الأجهزة التي يفتح منها الحساب من إعدادات الأمان.

وفي حال فتح رابط معين، يكفي الخروج منه دون إدخال بيانات شخصية، كما هناك روابط أخرى تطلب تحميل تطبيقات معينة يجب عدم تحميل التطبيق وتثبيته.

وفي حال شعر الشخص بأن حسابه مخترق، فمن الضروري، كما يؤكد أبو راشد، فصل الاتصال بالإنترنت عن الجهاز ونقل البيانات المهمة ثم إعادة ضبط مصنع الجهاز وذلك لإنهاء الاتصال ما بين جهاز الشخص وجهاز المخترق.

أما في حال سرقة بيانات من جهاز بعد بيعه أو فقدانه، فيجب إبلاغ الجهات المعنية على الفور، كما يجب مراعاة وجود برامج حديثة يمكنها استعادة الملفات المحذوفة بعد بيع الجهاز، لذلك يجب التفكير جيداً قبل اتخاذ قرار بيع الجهاز.

ونصح أبو راشد بالابتعاد عن الصفحات التي تعلن عن مسابقات مالية بجوائز مالية ضخمة، وفرص العمل المشبوهة، والحسابات الشخصية التي يدعي أصحابها بأنهم ميسورو الحال.

7 من كل 10 مراهقين تعرضوا للابتزاز حول العالم

تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن 7 من بين كل 10 مراهقين تعرضوا لحوادث ابتزاز في مرحلة ما من حياتهم، ويُقدم 1 من كل 3 أشخاص من ضحايا الابتزاز الإلكتروني على إيذاء أنفسهم، بينما يُقدم 1 من كل 10 من بين هؤلاء على الانتحار بالفعل.

أما في الوطن العربي، فترتفع معدلات جرائم الابتزاز الإلكتروني في دول الخليج بشكل خاص، فيتم تسجيل 30 ألف جريمة ابتزاز إلكتروني فيها سنوياً، 80% من ضحاياها نساء، وأغلبهن يتم استهدافهن بمحتوى جنسي. بينما لا يمكن تقديم إحصاء دقيق عن المعدلات الحقيقية للجرائم، لتفضيل الغالبية من الضحايا الصمت تجنباً للفضيحة.

أضرار نفسية جسيمة على الضحية

يؤدي الابتزاز الإلكتروني إلى العديد من الأضرار النفسية الجسيمة على حياة الأفراد؛ من بينها الميل إلى العزلة، وعدم الرغبة في التعامل مع الآخرين، وتقويض الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمان، والإصابة بالاضطرابات النفسية، كالقلق والتوتر والخوف، وجنون الشك والاضطهاد.

كما قد يتحول بعض الضحايا للسلوك الانحرافي وعدم المبالاة بالقيم المجتمعية والأخلاقية انتقاماً من أنفسهم والمجتمع ككل. لكن النتيجة الأخطر هي اتجاه الضحية لأذى النفس من خلال محاولة الانتحار، نتيجة للضغط الشديد والخوف من الفضيحة والتهديد الذي تقع الضحية فريسة له، خاصة وأن أغلب الضحايا من المراهقين.

وبحسب دراسة صادرة عن المركز الوطني لمعلومات التقنية الحيوية في الولايات المتحدة،وشملت على 1963 من طلاب المدارس المتوسطة، فقد وجدت أن أولئك الذين مروا بتجارب تتعلق بالابتزاز عبر الإنترنت – سواء كانوا ضحايا أو جناة – كانوا أكثر عرضة للتفكير الانتحاري.

وتؤكد دراسة أخرى حديثة، أن هناك صلة وثيقة بين التعرض للعدوان عبر الإنترنت والميل للتفكير الانتحاري فيما يعرف بـ«cyberbullicide»، وهو انتحار يرجع بشكل مباشر أو غير مباشر إلى التعرض لابتزاز إلكتروني. وبينت نتائجها أن كل أشكال العدوان عبر الإنترنت تزيد فرص الانتحار لدى الضحايا بنسبة 1.9 مقابل 1.5 لدى مرتكبي هذا العدوان، وكان نشر أخبار كاذبة أكثر هذه الاعتداءات انتشاراً وتأثيراً على المراهقين. لذا يصر الخبراء على أن تضاعف معدلات انتحار المراهقين خلال السنوات القليلة الماضية يقف خلفه عمليات الابتزاز الإلكتروني بدرجة كبيرة.

الحسابات في مواقع الخدمات الجنسية غير آمنة

أفادت تقارير صحفية حديثة بسرقة تفاصيل حسابات أكثر من 250 ألف شخص من عملاء موقع للخدمات الجنسية في هولندا في عملية قرصنة الكترونية يمكن اعتبارها من أكبر عمليات قرصنة مواقع الخدمات الجنسية.

وشمل الهجوم الإلكتروني سرقة عناوين البريد الإلكتروني وأسماء المستخدمين وكلمات المرور المشفرة من موقع يسمى Hookers.nl، فيما تشير التقارير إلى أن البيانات المسروقة عرضت للبيع في أحد أسواق شبكة الإنترنت المظلم.

فيما أكد مدير البرامج التقنية في شركة هاكر وان، براش سومايا، أن مهاجمة موقع مثل Hookers.nl كان “فوزاًمزدوجاً” لمجرمي الإنترنت لأنهم يبيعون البيانات ومن المحتمل أن يبتزوا المستخدمين.

مكاسب طائلة من فيديوهات “الانتقام الإباحي”

يحقق مالكو موقع “بورن هَب” الشهير للمواد الإباحية مكاسب من فيديوهات “الانتقام الإباحي” كما أنهم يفشلون في إزالة هذه المقاطع عند الإبلاغ عنها.

والانتقام الإباحي هو نشر – يتم غالبا عبر الإنترنت – لصور أو مقاطع فيديو ذات محتوى جنسي لأشخاص دون موافقتهم، وذلك بهدف إيذاء هؤلاء الأشخاص نفسيا أو إحراجهم.

وربما يتم نشر هذه المواد من خلال أحد طرفي العلاقة الجنسية، لكن يمكن أيضا أن تكون مسروقة من الأرشيف الرقمي أو وسائط التخزين السحابية للضحية.

وتقول جماعة “نوت يور بورن” #NotYourPorn – أو “ليست موادك الإباحية” – إن مثل هذا المحتوى يسمح لشركة “مايند غيك”، المالكة لموقع “بورن هَب”، بتحقيق مكاسب مالية كبيرة من الإعلانات.

ويصنف موقع بورن هَب غالبا مقاطع فيديو “الانتقام الإباحي” على أنها محتوى من “الهواة” أو محتوى “منزلي الصنع”، وهما مصطلحان شائعان للبحث عن مقاطع الفيديو ويجعلان الموقع أكثر قيمة للمعلنين.

ربما كانت الطريقة الأمثل لتجنب الابتزاز الإلكتروني هي الابتعاد عن التكنولوجيا تماماً، غير أن هذا صار مستحيلاً في هذا الزمن،لذلك فالأكثر واقعية هو التعامل مع التكنولوجيا بحذر ووعي.. الكثير من الانتباه والقليل من حسن النية

الايام – فاطمة عمراني .

إقرأ أيضاً:

صفحات فيسبوك كذبت علينا.. لم يتم اكتشاف أي حالة إتجار سواء داخل المشافي أو في العيادات الخاصة..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]