“عشرة عمر” غير مأسوف عليها..وخيبات المكتتبين الحالمين بمسكن ليست شاهد زور..

الخبير السوري:

لا يشعر الكثير من المكتتبين في الجمعيات السكنية بأي أسف على الاتحاد التعاوني السكني، ولكنهم لا يتوقعون دوراً أفضل من وزارة الأشغال العامة والإسكان المكلفة بدور الرقيب على أدائه السيئ خلال عقود!

الوزارة تصف علاقتها مع الاتحاد العام التعاوني السكني (بجسد يقوده رأسان)، والاتحاد يعد مذكرة يحشد فيها كل ما يراه مخالفات على قرار حله.

قبل أن يصدر مجلس الشعب حكمه ويعلن نبأ الحل ويوزع مسؤوليات الفشل لتنال الوزارة الحصة الأكبر منها ويذكر الكثير من المعوقات التي حالت دون تحقيق المطلوب من الاتحاد.

ويتساءل المعنيون في الاتحاد من خلال المذكرة فيما إذا كان هذا الإلغاء سيؤدي إلى تأمين الأراضي اللازمة للجمعيات، وتأمين مستلزمات نجاح هذا القطاع وتوفير المسكن لذوي الدخل المحدود بسعر التكلفة أم هناك رؤية حكومية أخرى؟

بينما يقول معاون وزير الأشغال العامة والإسكان عبد القادر فهيم في تصريحاته إن دور الاتحاد لم يكن فاعلاً، بل كان معرقلاً في بعض الأحيان.

أما الباحث العقاري عمار يوسف فيرى أنه (نظراً للفشل غير المسبوق الذي يعانيه الاتحاد التعاوني السكني منذ سنوات طويلة، ونتيجة لما يعتريه من ترهل وفساد، وعدم مسؤولية، لا بد من التفكير في حل هذا الاتحاد).

من المذكرة

يستقوي الاتحاد بالدستور ويقول (إن قرار الحل غير دستوري) ويعرض بعض المواد التي تدعم هذا القول، كالمادة 15 من الدستور التي تصون الملكية الخاصة من جماعية وفردية، وإن ما نصت عليه المادة الرابعة من مشروع هذا القانون ليس سوى مصادرة لهذه الأموال الجماعية المملوكة ملكية تعاونية جماعية، إضافة إلى أن المصادرة في الأموال ممنوعة وتالياً لا تجوز مصادرة أموال الاتحاد العام والاتحادات في المحافظات وتحويلها إلى الوزارة لكون الدستور بالمادة /15/ قد منع المصادرة في الأموال وأكد على صيانة الملكية الخاصة الجماعية.

وهنا يؤكد معاون وزير الأشغال العامة والإسكان عبد القادر فهيم أن مشروع حل الاتحاد لا يقترب أبداً من الجمعيات، ولن يتغير أي شيء على المشاريع القائمة، إلا أن علاقتها ستصير مع الوزارة.

ومما يرد في المذكرة أيضاً أن المادة /37/ من المرسوم التشريعي حددت حالات انقضاء الجمعية وحلها وتصفيتها ومن أهم هذه الحالات: ((انتهاء الأعمال التي أنشئت من أجلها)), وإنه إذا كانت الحكومة تعتقد أن الغاية التي أنشئ من أجلها الاتحاد العام والاتحادات قد انتهت فكان لزاماً عليها سلوك أحكام هذه المادة التي تقضي بصدور قرار بحل الاتحاد العام وقرارات بحل الاتحادات في المحافظات ويجب أن يتضمن هذا القرار تشكيل لجنة تصفية لكل منها تقوم بجرد الأموال المنقولة وغير المنقولة المقدرة بنحو 20 مليار ليرة، وإعداد حسابات التصفية وتوزيع ما هو ممكن توزيعه من أموال منقولة وبيع الأموال غير المنقولة ومن ثم توزيع المتحصل على الجمعيات التعاونية السكنية في المحافظات كلّ بنسبة مساهمتها باعتبار هذه الأموال أموالاً تعاونية جماعية مملوكة للأعضاء التعاونيين لا أن تؤول إلى الوزارة إذ إن الوزارة ليست وريثاً شرعياً ولا قانونياً للاتحاد العام والاتحادات في المحافظات وهي لا تمثل الحركة التعاونية السكنية وإنما خولها القانون حق الرقابة الإدارية فقط وفقاً لمبادئ التعاون التي من أهمها ديمقراطية الحركة التعاونية وانتخاب قيادتها من القاعدة إلى القمة، إضافة إلى الإدارة الذاتية للحركة التعاونية لا الإدارة الحكومية والعمل بغير ذلك يعني بالتأكيد قيام الوزارة بمصادرة هذه الأملاك الجماعية للحركة التعاونية خلافاً لأحكام المادة رقم /15 / من الدستور.

ويرون أن أخطر ما سيترتب على إلغاء الاتحاد هو ربط الجمعيات التعاونية السكنية بالوزارة ارتباطاً مباشراً يعني أن تتحول الرقابة الإدارية إلى رقابة وصائية وتصبح قرارات هذه الجمعيات غير نافذة إلا بعد موافقة الوزارة عليها من جهة، ولم يعد هناك من يمثل مصالح هذه الجمعيات ويدافع عنها ويضمن لها استقلالها ومشاركتها في ممارسة رقابتها الشعبية وخاصة بعد أن يتم إلغاء الاتحاد العام والاتحادات في المحافظات التي من مهامها الدفاع عن مصالح الجمعيات والأعضاء المنتسبين إليها والمساهمة في مهمة بناء المساكن ومرافقها والمشاركة في اتخاذ القرار الملائم للصالح العام وتفسير النصوص وتطبيقها على نحو يخدم مقاصد الدستور والقانون.

ويرون أنه في حال وجود أداء سلبي أو ضعيف فإن الحكومة ممثلة بالوزارة المختصة هي من تتحمل تبعات ذلك الأداء لعدم قيامها بالدور المنوط بها وانصرافها إلى قضايا أخرى لا تسهم في حسن المراقبة والتطبيق.

لهذا تعثرنا!

إن جميع المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والاتحادات لها مرجعيتان تتمثل الأولى في قمة التنظيم النقابي والثانية في الوزارة التي يرتبط بها هذا التنظيم، وإن سبب الترهل والأداء السلبي والضعيف في قطاع التعاون السكني الذي تشير إليه الحكومة سببه ليس أداء الاتحاد العام والاتحادات التعاونية السكنية في المحافظات وإنما مرده عدم قيام الحكومة بمعالجة الصعوبات والمعوقات التي يعانيها هذا القطاع ولعل أهمها:

  • عدم توفير الأراضي اللازمة لمشاريع الجمعيات التعاونية السكنية والتي هي أهم عنصر في معادلة تشييد المساكن التعاونية ورغم أن المادة / 6 / آ / من قانون التعاون السكني قد نصت على عدم إعداد أو تصديق أي مخطط تنظيمي أو تفصيلي من قبل الجهات المختصة إلا بعد لحظ مناطق خاصة بالسكن الشعبي والتعاوني وكذلك القانون رقم /23/ لعام 2015 نص على تخصيص نسبة قدرها 5 % من المنطقة التنظيمية تخصص للجهات التي تعمل في مجال تشييد السكن الشعبي، ورغم أن الوزارة هي الجهة المعنية بتصديق المخططات التنظيمية العامة والتفصيلية فإنه لم يتم تخصيص أي منطقة لهذا الغرض في كل المخططات التنظيمية التي صدرت بدءاً من عام 2007

  • زادت إيداعات قطاع التعاون السكني لدى المصرف العقاري على /83/ مليار ليرة سورية كلها مودعة بالحساب الجاري ولا يسدد المصرف على هذه المبالغ أي فائدة على الإطلاق، وفي حال منحه قرضاً لأي جهة تعاونية فيستوفى مبلغ قدره 11% فائدة على القرض ورغم مراسلات الاتحاد العام المتعددة والمتكررة فإن الحكومة لم تبادر لاتخاذ أي خطوة إيجابية تلزم المصرف العقاري بموجبها بالتوازن العقدي أو إنشاء صندوق خاص للإقراض التعاوني وإنما يقتصر دورها على دور ساعي البريد فتحيل كتب الاتحاد العام إلى الجهات المستهدفة بالكتب وأجوبة هذه الجهات تحال إلى الاتحاد العام.

  • يجب أن يحضر اجتماع الهيئة العامة للجمعية أو هيئة المستفيدين مندوب عن الوزارة ومندوب عن الاتحاد، وفي حين أن مندوب الاتحاد لايتقاضى أي قرش سوري واحد لقاء حضوره هذه الاجتماعات من الجمعية فإن مندوب الوزارة يتقاضى من الجمعية لقاء حضوره هذه الاجتماعات تعويض حضور وتعويض انتقال.

وقد درجت الوزارة مؤخراً على إرسال مندوبين عنها وليس مندوباً واحداً وكلاهما يتقاضى التعويض ذاته من الجمعية فإذا كان هناك عبء مادي على الجمعيات، فإن سبب هذا العبء يتمثل في الوزارة وموظفيها وليس في مندوب الاتحاد.

  • قد يحصل بعض ضعاف النفوس في مجالس الإدارات على بعض الامتيازات أو التعويضات بينما في الاتحاد العام والاتحادات لا توجد أي امتيازات على الإطلاق وللتدليل على ذلك فإن رئيس الاتحاد العام للتعاون السكني وهو يحمل إجازة في الحقوق يبلغ مجموع مايتقاضاه شهرياً من الاتحاد العام لقاء تفرغه وتعويض حضوره جلسات المكتب / 34/ ألف ليرة فقط ولايتقاضى من أي جهة أخرى أي مبلغ على الإطلاق سوى المبلغ المذكور.

  • قام الاتحاد بالمهمات التالية:

* اقتراح حل وتصفية /368/ جمعية خلال العامين الأخيرين

* اقتراح إسقاط العضوية عن /11/ عضو مجلس إدارة خلال عام 2019، و11 عضواً لعام 2018

* اقتراح دمج /29/ جمعية خلال عامي 2018 و2019.

دور معرقل

معاون وزير الأشغال العامة والإسكان عبد القادر فهيم، يؤكد خلال تصريحاته أن المشروع يتعلق فقط بحل الاتحاد وفروعه في المحافظات، أما الجمعيات فستبقى، وعلاقتها ستصبح مع الوزارة مباشرة، وعن طريق مديريات التعاون السكني الموجودة في كل محافظة، أي إن المشروع المقترح لا يقضي بحل الجمعيات بل بحل «الحلقة الوسيطة».

وعن أسباب الحل يقول: إن الوزارة وجدت أن دور الاتحاد لم يكن فاعلاً، بل كان معرقلاً في بعض الأحيان، وأن مشروع الحل لن يغير شيئاً على المشاريع القائمة، إلا أن علاقتها ستصير مع الوزارة، لأن الوزارة «تريد لهذا الجسد (قطاع التعاون السكني) أن يكون له رأس واحد يحاسب أمام الجهات كافة، سواء في حال التقصير أو العمل الجيد».

ما البديل؟

لا يبتعد الباحث في الاقتصاد العقاري د. عمار يوسف عن هذا الرأي ويرى أنه (نظراً للفشل غير المسبوق الذي يعانيه الاتحاد التعاوني السكني منذ سنوات طويلة، نتيجة ما يعتريه من ترهل وفساد، وعدم مسؤولية، كان لا بد من التفكير في حله)، لكن كان السؤال: ما هو البديل، وما مصير آلاف المكتتبين في الجمعيات السكنية، خاصة الذين اشتروا أرقام اكتتابات بموجب قرارات أحكام أو تنازل لدى الجمعية بمبالغ قد تصل إلى ملايين الليرات؟

إضافة إلى كمٍّ هائلٍ من الأراضي المشتراة لمصلحة الجمعية، وهي أراضٍ في مجملها غير قابلة للبناء عليها، ولا يمكن أن يكون البديل للاتحاد التعاوني السكني وزارة الأشغال العامة والإسكان أو المؤسسة العامة للإسكان، (لأن هاتين الجهتين جهات إدارية يقتصر عملها على التنظير والتسويف، ولعل إنتاجها خلال سنوات الحرب أبلغ تعبير عن هذا الواقع، فلا يصل ما قدمته المؤسسة العامة للإسكان ووزارة الإسكان إلى أكثر من 20 ألف مسكن، في وقت تم خروج ما يزيد على 3 ملايين مسكن من الخدمة العقارية سواء كانت مدمرة بالكامل أو دماراً جزئياً، أو دمار البنية التحتية لهذه المساكن). وستستغرق إعادة إعمار المساكن المدمرة 50 عاماً على الأقل يتخللها العديد من المؤتمرات وورش العمل والمعارض من دون أي بناء فعلي وحقيقي، فالواقع العمراني في سورية ما بعد الحرب واقع مؤسف، ولعل المراقب العام للوضع الإسكاني يشعر باليأس إزاء مسألة إيجاد الحلول ومحاولة البدء بالعمل الفعلي.

ثورة مفاهيم

ولحل المشكلات السكنية في سورية لا بد لنا من إحداث ثورة حقيقية في مفاهيم السكن والإسكان ولا بدَّ للحكومة من أن تعدَّ سكناً لائقاً للمواطن، ولا بد أن تكون الأسعار مدروسة، ولا بد من بدء العمل, وبدء العمل لا يكون من خلال حلِّ الاتحاد التعاوني السكني، ولكن من خلال إحداث ما يسمى مشروع الإسكان القومي الذي طالبت به منذ سنوات عديدة لحل هذه المشكلات وهو وفق تصوري، إحداث هيئة عامة تابعة لرئاسة الجمهورية حصراً مستقلة عن أي جهة أخرى وأن تتبع لهذه الهيئة جميع دوائر الحكومة المتعلقة بالسكن والإسكان، سواء جمعيات سكنية أو مؤسسة عامة للإسكان، أو أي جهة أخرى، ففي التبعية تسهيل للحصول على الأراضي والتمويل، والقوانين الخاصة لمثل هذه الهيئة، لا تخضع لتعقيدات الحكومة ولوائحها التنظيمية، إضافة إلى تأمين الأراضي الصالحة للسكن وبشكل سريع.

إضافة لذلك معالجة مناطق السكن العشوائي، وكذلك المناطق المدمرة بسبب الإرهاب، ولابد لهذه الهيئة من اختيار موظفيها والقائمين عليها ضمن شروط خاصة لعل أبرزها الأمانة والوطنية والسرعة في اتخاذ القرار المناسب من دون الرجوع إلى سلسلة من القرارات والأوامر الإدارية التي تعوق العمل السريع المطلوب منها.

نخلص للقول إنَّ حلَّ الاتحاد التعاوني السكني هو حل منطقي لجزء من مشكلة السكن بشرط أن يكون البديل أفضل منه، أما أن يكون البديل أي جهة إدارية مترهلة فهذا أمر غير مقبول…عن تشرين

إقرأ أيضاً:

المسؤول الفاسد على أبواب مساءلة ومحاسبة..أكثر من مجرد أحاديث و تهويل إعلامي..

المسؤول الفاسد على أبواب مساءلة ومحاسبة..أكثر من مجرد أحاديث و تهويل إعلامي..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]