الحرب تنزع فتيل أضخم قنبلة موقوتة في سورية..

الخبير السوري:

نزعت الحرب على سورية فتيل “القنبلة الديمغرافية” في هذا البلد الذي كانت معدلات الخصوبة فيه عالية جداً، واتسم حتى قبل العام 2011 بمعدلات نمو سكاني لافتة وُصفت بأنه الأعلى على مستوى إقليم الشرق الأوسط.

ففي ظل ضبابيّة إحصائية وعدم ملائمة الظروف لإجراء جرد سكاني دقيق و إحصاء واضح لعدد السكان في سورية، كان أول تصريح رسمي ” ولو ظهر بقالب بحثي” حول إحصاء عدد السكان، للدكتور أكرم القش رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، والذي بيّن أن التقديرات تشير إلى أن عدد سكان البلاد المقيمين منتصف العام 2017 بلغ نحو 21.8 مليون نسمة، وذلك مقارنة مع العدد المتوقع فيما لو لم تحدث الأزمة والبالغ نحو 25 مليون نسمة.

وفي دراسة للدكتور القش نشرها مركز دمشق للدراسات والأبحاث فإنه من المرجح أن الأزمة الحالية أثرت بشكل حاد في معدل النمو السكاني العام وأدت إلى انخفاضه آنياً ليصبح سالباً في السنوات الأولى من الأزمة بمستوى وصل في ذروته إلى حدود(- 0.5%) ثم عاد إلى مستواه قبل الأزمة مع نهاية العام 2016 أما بالنسبة لمعدل النمو السكاني الطبيعي(أي بعد تحييد عامل الهجرة الخارجية او اللجوء) فمن المرجح أنه شهد ارتفاعاً طفيفاً من نحو 2.9% قبل الأزمة إلى حدود 3-3.1% في الأزمة، ذلك نتيجة حدوث تغير سلبي في محددات السلوك الإنجابي واتجاهاته طوال هذه المدة.

وحول معدلات الوفيات يكشف القش أنه رغم الجهود الاستثنائية التي تبذل لتجاوز تداعيات الأزمة والحد من تأثيراتها في الصحة العامة وصحة الأمهات والأطفال على وجه الخصوص، إلا أنه من الواضح أن هذه الأزمة قد أهدرت جهداً مبذولاً استغرق عدة عقود للوصول بالمؤشرات الديمغرافية الحيوية إلى ذلك المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة، إذ تشير التقديرات الأولية إلى احتمال ارتفاع معدل الوفيات العام طوال هذه المدة إلى نحو 7 بالألف، ومعدل وفيات الأطفال الرضع إلى أكثر من 23 بالألف، ومعدل وفيات الأطفال دون الخمس سنوات إلى ما يقارب الـ25 بالألف ومعدل وفيات الأمهات إلى نحو 65 وفاة لكل مئة ألف ولادة حية.

والتوقعات تشير إلى أنه في حال استمرار مدة الأزمة، فإن المؤشــرات الديموغرافية-الحيوية ستزداد تدهوراً في ظل الأعباء والتحديات الهائلة التي أفرزتها الإجراءات والتدابير غير الإنسانية وغير القانونية التي اتخذتها بعض الدول العربية والإقليمية والغربيــة علــى ســورية ومؤسســاتها الاقتصاديــة والخدميــة، وعلــى إداراتهــا التنفيذيــة، وقــد انعكــس هــذا الأمــر ســلبا بشــكل مباشــر وغيــر مباشــر علــى حيــاة المواطــن الســوري ومســتوى معيشــته وتلبيــة احتياجاتــه الأساســية مــن غــذاء ودواء واستشفاء. وترافق ذلك مع الأضرار البالغة التي أصابت منظومة العمل الصحية جراء تخريب البنى التحتية للعديــد مــن المستشــفيات والمراكــز الصحيــة ومؤسســات تقديــم خدمــات الرعايــة الصحيــة والمنشــآت الاقتصاديــة العاملــة فــي صناعــة الأدويــة والأجهــزة الطبيــة ومســتلزمات الصحــة العامــة. ورغــم ذلــك تســتمر المنظومــة الصحيــة الوطنية بمواصلة عملهــا فــي توفيــر الخدمــات الصحيــة لجميــع المواطنيــن، إذ تقدمها لهم مجاناً في المؤسسات الحكومية العامة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]