حقائق ما قبل السويس وما بعدها ..احذروا الذاكرة سريعة العطب …

سهام اسكندر – الخبير السوري:

تفاجأ السوريون وانقسموا بين مصدّقٍ لخبر منع مصر ناقلات النفط من العبور باتجاه سورية وبين مدافعٍ، وسواء أكان الخبر صحيحاً أم لا، أكان ارتجالاً أم تسرعاً أم نكتة تم إلقاءها على عجل، فإن التصريح كان مفيداً لتذكير السوريين بأن أولى العقوبات التي فُرِضت عليهم كانت عربية وبلسان عربي قبل أن تكون أمريكية، فلا تغضبوا على حكومتكم ولا تحتّدوا كثيراً، إذا كنا أخطأنا فعلاً بحق مصر، فخطأنا لم يتعدى الكلمات، وكلماتنا هذه لم تمنع عن الأشقاء المصريين الدواء، ولا حرمتهم الغذاء، ولا قطعت عنهم الكهرباء، أما خطأ مصر بحقكم كشعب، فقد تعدّى كل القيم الأخلاقية والإنسانية.

في عام 2011، وفي أحد الفنادق القريبة من مطار القاهرة، وبحضور وزير الخارجية التركي في ذلك الوقت أحمد داود أوغلو كضيف شرف، وفي سابقة تاريخية للجامعة، اتخذ العرب ممثلين بجامعة الدول العربية قراراً ببدء الحرب الاقتصادية على سورية، تسعة عشر دولة من دول الجامعة أيّدت قرار فرض عقوبات اقتصادية على سورية، تحفُّظ يومها العراق الذي رفض تنفيذ القرار، ونأى بنفسه لبنان.

تضمن قرار العقوبات منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم في الدول العربية، ووقف التعامل مع البنك المركزي السوري ووقف المبادلات التجارية الحكومية وتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية ووقف التعاملات المالية معها ووقف جميع التعاملات مع البنك التجاري السوري ووقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي السوري، كما نصّ القرار على الطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية وتجميد تمويل مشاريع على الأراضي السورية من الدول العربية.

 كما أوصى وزراء المال والاقتصاد العرب لاحقاً بوقف رحلات شركات الطيران العربية من سورية وإليها، وحرصاً على تنفيذ العقوبات، كلّف مجلس الجامعة العربية كلاً من الهيئة العربية للطيران المدني وصندوق النقد العربي بمتابعة تنفيذ هذه العقوبات، ولمزيد من الحرص على تنفيذ القرار، أكد يومها وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم على أن العقوبات سيتم تنفيذها فوراً ومنذ اليوم التالي الذي يعقب اجتماعهم قائلين على لسان حمد بن جاسم وزير خارجية قطر:”إنها “مسؤولية أخلاقية”، نعم، الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أشار وقتها إلى أن “همّ الدول العربية الأكبر”، هو كيفية تجنيب الشعب السوري آثار هذه العقوبات، وفي المحصلة، كان تأثير هذه العقوبات كارثياً على الشعب السوري.

اليوم، مع نفي مصر خبر منع ناقلات النفط من العبور باتجاه سوريا، نقول، نعم، الأمانة تقتضي أن نعترف بما ورد في اتفاقية هيئة قناة السويس من حرية استخدام القناة، فهي قناة بحرية حرة ومفتوحة على الدوام وقت الحرب والسلم لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها، لكننا كشعب سوري عانى ما عاناه من عقوبات دشّنتها الدول العربية بداية الأزمة على سوريا وعلى رأسها مصر وبإملاءات من الغرب، نقول أنه لو امتلكت مصر قرار منع وصول ناقلات النفط إلى سورية، لفعلتها، الشعب المصري يرفض تصديق أن حكومة بلاده تتخذ إجراءات ضد سورية، إلا أنها ملزمة بذلك، لكون العقوبات الأمريكية قد تفرض على مصر التي يعاني الجزء الأكبر من سكانها من الفقر وهم ١٠٠ مليون نسمة، نحن لا نهاجم العروبة ، نحن نعيد تلاوة ما جاء في محاضر اجتماعات وزراء الخارجية العرب وقراراتهم التي لم تتوقف بحق سوريا حتى الآن.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]