مسؤوليات في ميزان الأزمة..بقلم ناظم عيد

 

 

 

ربما لم تغب الأرقام والحقائق، التي أوردها الدكتور وائل الحلقي رئيس الحكومة، عن أذهان كثيرين من الإعلاميين، الذين التقاهم في جلسة مكاشفة تستحق الوصف بـ “المصافحة الدافئة” بين السلطة التنفيذية والإعلام، كسلطة افتراضية، لن نختلف بشأن رقم تراتبيتها على سلّم السلطات.

بل نجزم بأن ما دفع به رأس الهرم التنفيذي من هواجس يكاد يكون حاضراً بشدّة في داخل كل سوري، مع اختلاف الإلمام بالتفاصيل، التي هي عادةً “مكمن الشيطان”، ونعتقد أنه، عند هذه الحيثية بالذات، يقبع مطرح إحراج الدور الذي يقع فيه الإعلامي، ومتواليات التنازع اليومية بين ضرورات الأداء المتبصّر بحقائق منشأ أزمة قاسية تعتري البلاد، أفضت إلى موقف صعب لا تُحسد على مثله أي حكومة في هذا العالم من جهة، ودور لا يقبل الجدل حول ماهيته يتعلق بالمواطن والوظيفة الوسيطة أولاً والرقابية ثانياً من جهةٍ أخرى، فأي خلل أو تقصير هنا يؤدي إلى الخسارة الكبرى في صميم المنظومة الإعلامية.. لأن المصداقية والثقة رصيد بالغ الأهمية في الأدبيات الإعلامية التقليدية، ليس من الممكن التفريط به وإلّا بات الإعلام عبئاً على الحكومة والمواطن معاً

إذاً نحن جميعاً، إعلام وحكومة ومواطن، أمام إشكالية معقدة الشكل والمضمون بفعل أزمة خلطت الأوراق ونسفت معايير حياتنا بكل مكوّناته، لذلك لا بد من بلورة صيغة عمل طارئة من وحي طبيعة المرحلة، يكون طابعها التشاركية الفعلية والتكامل، فلا يخسر الإعلام دوره ولا تُجلد الحكومة وتُحاسب على خلل ذي منشأ مستورد.

وقد يكون من المفيد – بل الضروري – مقابلة الدور الملتزم للرسالة التوعوية الإعلامية بمرونة حكومية سريعة لجهة تلبية الطلب في إتاحة المعلومة الدقيقة أولاً، ثم الاستجابة لما يمكن الاستجابة إليه سريعاً ثانياً، وهذا يعزز ثقة المتلقي بالإعلام والحكومة على حدٍّ سواء، فيكسب الأطراف ثلاثتهم: مواطن يشكو.. إعلام يرصد وينقل.. حكومة تحسم، ونحن على يقينٍ من أن رجع الصدى سيكون سريعاً وإيجابياً أيضاً، خصوصاً إن نجحت الحكومة وسجلت خطوات ملموسة – ولو خجولة – على خط مكافحة الفساد، فإن كان مصدر أزمتنا خارجياً، لدينا بالمقابل تنفيذيون صبوا الزيت على النار، وكانت الأزمة ساتراً سميكاً لممارسات تتماهى في نتائجها مع النتائج التي تركها “رماة السهام القاتلة” من الخارج باتجاه سورية.

الحكومة حكومة المواطن، ومن استهدف سورية لم يحدد أحد الطرفين، بل استهدف الاثنين معاً، وبما أننا كلنا شركاء في تلقي تبعات الاستهداف والمعاناة لا بد من التشاركية في المواجهة، مواجهة من يصنع رسائل الموت الزؤام في الخارج، ومن يزيد وطأة المعاناة في الداخل، والإعلام هو الأداة الفاعلة في التواصل بين طرفي التشاركية المطلوبة، أي هو الشريك الفاعل.

لذا دعونا نفكر ببلورة فريق إعلامي” فريق أزمة” موسّع يكون حامل أساس لهذه الرسالة الحساسة، يُوضع بصورة المستجدات والتفاصيل، ويتولى مهمة التوطئة لأي قرار حكومي تمليه المعالجات الحتمية “الجراحية” لآثار الأزمة، يتحمّل المسؤولية مع الحكومة أمام المواطن، ويُحمّل المواطن مسؤولياته أمام نفسه وأمام الحكومة، ويتحمّل المواطن والحكومة مسؤولياتهم أمام الإعلام، ونعتقد بذلك أن الذمم تكون قد أُبرأت في ميزان الحقوق والواجبات وتوزّع المسؤوليات في زمن على الجميع فيه أن يتوزّعوا مسؤولياتهم بالقسطاس.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]