الرواية الحقيقية لحادثة “الانهيار الكبير”..بين سدّ الضمير الطيني و هشاشة الانتماء الرخو لمستثمري الابتزاز ؟!!

الخبير السوري:

لم يكن ثمة سدّ اسمه “سدّ الضمير” حاضر في ذاكرة معظم السوريين، قبيل “الفيضان الكبير” منذ أيام، ليتلقّى التهمة التاريخيّة بـ”التطاول” على المدينة الصناعية في عدرا، في مزاعم حكاية انهيار دراماتيكية، ومن ثم انطلاق متوالية تهويل بسلسلة خسائر وصلت حتى الآن ربما لما يوازي الكلفة الاستثمارية لمعظم منشآت المدينة، ليمسي علينا الافتراض بأن عدرا الصناعية قد مُسحت تماماً عن الخارطة ؟!!

بعد أن هدأت العاصفة الكلامية التي أعقبت الأولى المطرية، كانت المفاجآت في بنية ذهن رجل الأعمال السوري – بعضهم طبعاً – أكثر من بنية السدّ الذي اجتاحته تهم الانهيار..لجهة الهشاشة والقوام الرخو والمائع، فكان السدّ على حالته الطينية أكثر تماسكاً من الكثيرين، الذين وجدوا فيه فرصة لـ”الصيد في مياهه العكرة”.

لم ينهر السدّ فهو باق كما هو ..والمياه التي اجتاحت المدينة الصناعية كانت قد تدفقت من الجبال المحيطة وليس من السد الذي يبعد عنها 14 كم ، ولو أنه انهار لكان أغرق مدينة الضمير التي بني أساساً لدرء السيول عنها، فالسد حمى الضمير ولم يدمر ” عدرا الصناعية”..وهنا يتدفق سيل من نوع آخر ..متوالية تساؤلات حول الأسباب التي حذت ببعض الصناعيين للصراخ زوراً بأن انهيار السدّ قد أتى على منشآتهم؟؟

لم يجد العارفون من جواب سوى ابتزاز الحكومة تحت عناوين دارجة في هذه الأيام ..هي موضة التعويض بما أنها ” صايرة وصايرة”..فانهيار السدّ  فيما لو حصل هو خلل يستوجب التعويض، أكثر من مصادفات الطوارئ الطبيعية التي تبدو تعويضاتها غير مضمونة، ووقع الخيار على بدعة الانهيار.

الواقع أننا كنا في تلك المعمعة، أمام مناسبة جديدة لتلقّي إشارات القلق من ثقافة بعض ” رجال أعمالنا” وطريقة تعاطيهم مع بلدهم وأعمالهم..من حكايا الابتزاز والمطالبة بالتعويضات، إلى القروض المعدومة وقصص الهروب المشهودة، إلى سرقة الكهرباء، إلى ظاهرة التهرب الضريبي المزمنة..وهنا عند هذه الحيثية الأخيرة يجب الوقوف مطولاً والتحرّي عن الحقائق..فكم يدفع من ضرائب ذلك الذي زعم أن السيول أتت على مخازين في مستودعاته قيمتها بضعة مليارات من الليرات..أليست إنتاجاً أو مواد أولية معدّة للإنتاج..كم حجم أعمال ذلك المدّعي وكم دفع من ضرائب أو رسوم؟؟

إن ثقافة رجل الأعمال لدينا مثيرة للقلق أكثر بكثير من السيول والفيضانات المفاجئة .. فالأخيرة يمكن تفاديها، لكن الأول مشكلة بنيوية متنقلة ومتحركة مع صاحبها عنوانها ” اقتناص الفرص” في كل مفصل و كل إجراء في العلاقة مع الدولة.

الكرة الآن في ملعب الحكومة، فهي الآن معنيّة بالتحقيق وسؤال من أطلقوا ” نظرية” انهيار سدّ الضمير عن الحقائق ؟ظ

على الحكومة أن “تزعل” وزعل الحكومة لا بد أن يكون صعباً..

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]